تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سليمان والتي نشرتها صحيفة أتلانتيك الأمريكية قد حملت عناوين كثيرة عبر وسائل الإعلام العربية . فإن كل وسيلة إعلام حصلت على نسخة من هذه التصريحات قد وضعت لها عنوانا يناسب سياستها . وهذه التصريحات المثيرة للجدل لاقت رفضا واسعا على المستوى العربي والفلسطيني أيضا لأنها تحمل في طياتها ما يخص قضية اليهود وعلاقتهم بفلسطين .
أنا اعتبر أن هذه التصريحات مجرد كلاما قد سبقه الفعل وما فائدة الكلام عندما يأتي معبرا عن فعل سبقه بكثير . إن السعودية في العهد الجديد قد طبعت مع إسرائيل وأمريكيا مثلها مثل باقي الدول العربية والإسلامية , فإذا كان العرب والفلسطينيين بالتحديد قد إعتبروا هذه التصريحات تطبيع مع إسرائيل فمن من العرب لن يطبع مع إسرائيل ؟ وإذا كان العرب والفلسطينيين يعتبروا تصريح محمد بن سليمان عندما قال أن اليهود لهم خق العيش في وطن كهيود مثل باقي البشر فمن منهم لم يقول ذلك من قبل ؟ .
ليس دفاعا عن محمد بن سليمان فأنا أعلم أنه من أكبر المطبعين مع أمريكيا وإسرائيل إنما دفاعا عن النزاهة وجلد الذات , فكل من إعترض لتصريحات محمد بن سليمان فقد وقع سابقا بنفس المشكلة سواء كان عن قصد أو عن غباء سياسي .
هناك خطأ كبير نقع فيه كفلسطينيين وهو أننا نحصر صراعنا مع اليهود في المسميات والمصطلحات وكأنها مفصولة عن أرض الواقع . فنحن كفلسطينيين بلا إستثناء نطالب بدولة على حدود 67 وبهذا الطلب نكون قد أعطينا لليهود أكثر من ثلاث أرباع مساحة فلسطين التاريخية , وبعد ذلك نقول لن نعترف بيهودية الدولة مع أننا وافقنا على إسرائيلية الدولة , علما بأن إسرائيل هو الأب الشرعي ليهودا وإذا كان يهودا يعبر عن عرقية وديانة اليهود فإن إسرائيل يعبر عن عرقية وديانة إبنه يهودا . فكل الطرق تؤدي الى روما .
ما قاله محمد بن سليمان ليس جديدا لأننا سمعناه من الكثير من العرب والمسلمين ولكن كل واحد يعبر بطريقته الخاصة .
محمد بن سليمان في تصريحاته دخل في سياقات كثيرة , الديني والسياسي والتاريخي . في السياق الديني عبر عن أن اليهود كطائفة دينية لهم الحق في العيش بسلام على وطن وإستند في كلامه على أيام الرسول وعلاقته باليهود , وهذا متفق عليه بين العلماء . أما في السياق السياسي فقال أن من حق اليهود كشعب أن يعيشون مع الفلسطينيين بسلام يشمل حل الدولتين , وهذا الكلام نسمعه من الفلسطينيين في كل يوم رغم أنه يعبر عن ضعف وتراجع في القرار الفلسطيني ولكنه أصبح له قبول كبير في الساحة الفلسطينية .
أما في السياق التاريخي وهو الأهم فمحمد بن سليمان وقع فريسة لصحيفة أتلانتيك في سؤالها له عندما سالوه عن حق اليهود في وطن قومي , فحاول الفرار من السؤال متجه الى السياق الديني والسياسي .
وفي سياق آخر كان ملفتا للنظر أنه وضع إيران والإخوان وحماس والجماعات المتشددة في خندق واحد وهو عداء السعودية . هذا ما قرأته في النص الكامل للتصريحات والتي نشرتها صحيفة الخليج أون لاين وهي من الصحف المعارضة للنظام السعودي على حسب معرفتي .
والسؤال هنا لماذا صحيفة الرسالة التابعة لحركة حماس لم تهاجم محمد بن سليمان على تصريحاته التي لاقت غضب شديد من الإعلام الفلسطيني ؟ ولماذا صحيفة الرسالة حذفت الجزء الذي يمسها من هذه التصريحات . ولماذا أبقت كلمة الإخوان في خانة الهدف للسعودية ولم تدافع عنهم ؟ ولماذا ايضا وضعت هذه الصحيفة عنوانا بسيطا لا يعبر عن خبر عادي مع العلم أن صحيفة الرسالة مشهورة بطبعها الشرس في الهجوم ووضع العناوين الفتاكة , وهي دائما تهاجم السلطة الوطنية الفلسطينية بكل شراسة .
هل حركة حماس متجهة للتطبيع مع السعودية بدلا من إيران , أم أن حركة حماس توافقني الرأي بأن تصريحات محمد بن سليمان ليس جديدة وهي معبرة عن رغبة العرب وواقع الفلسطينيين .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح