التاريخ الناصع لأي شعب من الشعوب هو شيء يبعث على الفخر والاعتزاز والشموخ والكبرياء ، ولكن بشرط أن يترك الماضي الجميل بتضحياته وانجازاته بصمات على الحاضر والمستقبل ,والمتميز الحقيقي هو الذي يقدر على أن يحتفظ بتميزه دائما وليس لبرهة زمنية معينة.
يحتفل الشعب الفلسطيني ومنظومته الرياضية الفلسطينية بالعيد الوطني للرياضة الفلسطينية رغم الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة ، ليعيد للذاكرة عبق التاريخ وسط انجازات حضارية عملاقة ومتواصلة نحو مزيد من التقدم والازدهار والنماء لتتبوأ فلسطين بين أمم الأرض أعلى المراتب وتسهم في خدمة الإنسانية بقيادة رشيدة تعمل بجد وتفان وتسير بخطى حثيثة نحو قمم المجد.
اليوم سفراء وأبطال وقادة الحركة الرياضية الفلسطينية يعيشون واقعا جديدا مبهرا بحجم الانجازات الرياضية والوطنية حيث تسطر على إيقاع حالة الصمود وقوة الإرادة التي رسم خارطة طريقها ربان السفينة الرياضية اللواء جبريل الرجوب ، الذي نجح وبعبقريته الفذة من اختزال الزمن وتحويل التحديات إلى انجازات عظيمة.
فمشروع تأهيل الإنسان والكادر الرياضي وتطوير قدراته ورفع سقف إمكانياته وتفجير إبداعاته تناغم مع تطوير البنية التحتية الرياضية التي شكلت انتصارا وامتدادا للطموح الرياضي الفلسطيني مرورا بالإصلاح الرياضي بمنظومة الاتحادات الرياضية وتحقيق المعايير العصرية وصولا إلى بناء مجتمع رياضي متماسك عماده الوحدة.
فالمسارات والاتجاهات التي سلكتها القيادة الرياضية عكست عمق التفكير وسلامة الإدارة والتخطيط الجيد للمستقبل الواعد ، وأبرزت للعالم هوية الإنسان الرياضي الفلسطيني وكشفت عمق امتداده وجذوره الضاربة أصولها في عمق الحركة الرياضية العالمية ، ونبهت العالم الصامت للموروث القيمي والحضاري للشعب الفلسطيني ومنظومته الرياضية.
اليوم وفي خضم التحديات ورغم المنعرجات والتداعيات الكبيرة التي تعيشها الرياضة الفلسطينية يستلهم الفلسطينيون الرياضيون من ذكرى العيد الوطني للرياضة الفلسطينية الذي يصادف السادس من إبريل عبق التاريخ الرياضي والوطني المشبع بالانجازات التي تعطر الزمان والمكان،حيث يذكرنا هذا التاريخ الخالد بأول مشاركة تاريخية للمنتخب الفلسطيني لكرة القدم في التصفيات التمهيدية لكأس العالم بكرة القدم عام 1934.
نعم يستلهم الرياضيون الفلسطينيون الذين تجرعوا سم العلقم عزيمة لمواصلة العمل والعطاء للرقي بالوطن السليب والمنظومة الرياضية الفلسطينية ليقف العالم وقفة تأمل وإعجاب وشاهد على تاريخ فلسطين الشامخ والمجبول بدماء الشهداء وعذابات الأسرى والمعتقلين والجرحى والمعاقين وعزم القيادة الرياضية الفلسطينية وأركانها على تخطي الصعاب والعوائق والتغلب على كل التحديات بفضل الانتماء والإيمان القوي والوعي التام بوحدة الهدف وصدق التوجه.
لقد أدرك الرياضيون الفلسطينيون ببعد نظرهم أن قوتهم تكمن في وحدتهم وقوة إرادتهم , وإصرارهم العنيد جعل من بطولاتهم وتضحياتهم الكبيرة رمزية لصورة الإنسان الرياضي الفلسطيني العصري الطامح للحرية والاستقلال.
اليوم الحركة الرياضية الفلسطينية لا خوف عليها ،تشق طريقها نحو التقدم والرقى بخطى ثابتة وبسياسات حكيمة انتهجها مفجر الثورة الرياضية الحديثة اللواء جبريل الرجوب.
اليوم تحتفل فلسطين وأبطالها ورموزها وقادتها وروادها ومرجعياتها وكوادرها الرياضية بهذه المناسبة العزيزة ابتهاجا وفخرا بما سطره رواد وعمالقة وشهداء الحركة الرياضة الفلسطينية لتنبيه العالم لأصالة الرياضة الفلسطينية.
ويعد السادس من إبريل من أبرز الأيام في مسيرة نهضة الحركة الرياضية الفلسطينية،التي تنطلق بقوة وطموح نحو غاياتها المنشودة التي رسم خطوطها وأبعادها وعمقها الاستراتيجي قائدا فذا صقلته التجربة.
وبكل تأكيد العيد الوطني للرياضة الفلسطينية أخذ مكانه في ذاكرة التاريخ الفلسطيني إذ شهد خطوات بالغة الأهمية على صعيد المشاركة بالتصفيات التمهيدية لبطولة كأس العالم في عام 1934م ومن بوابات المجد والشموخ الفلسطيني الأصيل انطلقت مرحلة البناء الشامخة لنهضة الرياضة الفلسطينية ,واستلهاما للقائد الذي أمعن في كيفية عبور مراحل التاريخ والعودة إلى الجذور مرتكزا على وعي وفكر وطني رياضي واستقراء للمستقبل ،وكان عنوان المرحلة التي نعيشها ملحمة أشبه بالمعجزة قادها بحكمة واقتدار للوصول للطموح والحلم الرياضي الذي أضحى حقيقية بعد أن كان مجرد خيال.
إن ذكرى العيد الوطني للرياضة الفلسطينية تحمل في طياتها العديد من المعاني الطيبة والعميقة التي تنطوي عليها تلك المناسبة الغالية على قلوب الكل الرياضي جميعا , فهي تأتي تعبيرا عن الهوية الوطنية الرياضية الراسخة , قوية الأسس والبنيان التي وضع أسسها الرواد الأوائل في قصيدة تلاحم وتحد للصعاب كانت ولا تزال معبرة عن رؤية ثاقبة وعزيمة صادقة وتجربة ناجحة يفتخر بها الرياضيون الفلسطينيون في الداخل والخارج والشتات.
إن تجربة فلسطين الحديثة في التنمية والتطور والاستثمار الرياضي وفي المجالات كافة باتت نموذجا يحتذى وملحمة تستلهم منها الشعوب النامية وسائل النجاح وتخطي الصعاب كما تنظر إليها الدول المتقدمة الكبرى في العالم كله نظرة احترام وتقدير وإعجاب.
لقد أكرم الله فلسطين بقادة وبرجال تميزوا بصلابة العزيمة وقوة الإرادة وحسن النوايا وصدق القول والعمل فجاءت الثمار الطيبة التي تجنيها الحركة الرياضية الفلسطينية اليوم نتاجا لغرس أولئك الرجال ومن سار على دربهم من بعدهم ، لقد كان النهج الذي خطه مفجر الثورة الرياضية وربانها الماهر هو التمسك بوحدة المنظومة الرياضية الفلسطينية وعدم حرف بوصلتها عن مسارها ، مهما كانت الأسباب والتداعيات ، مع التأكيد على ضرورة إبعاد الرياضة الفلسطينية عن التجاذبات ، والالتزام الصريح والواضح بالقوانين والقواعد وتأكيده بأن باطن الحركة الرياضية الفلسطينية يختزن طاقات وكفاءات هائلة تحتاج إلى تكاتف وتعاضد وتماسك فيما بينهم.
لقد امتلكت القيادة الرياضية الفلسطينية ما يحتاج إليه مشروع النهضة الرياضية من رؤية عميقة وإرادة قوية وصورة واضحة فأدركت أن الإنسان هو الهدف وهو الغاية وهو المورد الأساسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه فكان لابد من إعداد الإنسان الفلسطيني ليكون هدفا للتنمية مثلما هو غايتها العظمى.
وعلى مدار السنوات المنصرمة ارتفعت صروح منظومة رياضية فلسطينية عصرية راسخة تستمد قدرتها من علاقة فريدة وشديدة الخصوصية بين القيادة الرياضية وأركانها وكل قطاعات الحركة الرياضية الفلسطينية ومن رؤية واضحة ودقيقة تؤمن بأن الإنسان والرياضي الفلسطيني هو هدف التنمية وفي نفس الوقت أداتها وصانعها.
ختاما...
فلسطين لها تاريخا عريقا تمتد جذوره إلى أكثر 100عاما , فتاريخنا الوطني والرياضي غني بالمواقف والتضحيات والبطولات المتوارثة جيلا بعد جيل تحمل في معانيها روح الوحدة وثقافة الرواد شرارة الانطلاقة ،وعراقة الماضي , تلك الانجازات والبطولات وما تحمله من معنويات عالية ستظل تروى فصولا تلو الأخرى لتخلق فصولا جديدة يضيفها الرياضيون إلى مسيرتهم، مسيرة العطاء والانجاز.
كتب / أسامة فلفل