عودوا إلى رشدكم إستفتوا الشعب

بقلم: فراس ياغي

سابقا إنتقدنا ولا زلنا، أصحاب الحقيقة المُطلقه، ومن يعكس وهمه وأحلامه على الواقع، وإعتقدنا لحظتها أن فكر "الأسلمه السياسيه" وحده صاحب الإمتياز في ذلك، وحين نظرنا لواقعنا الفلسطيني المُنقسم في نظامه السياسي والمُوحّد في خندق رفض الإحتلال ورفض التسويه التصفوييه التي يتم طبخها كالعادة في أروقة "البيت الأبيض" وشارع "دونينغ"، وجدنا أن هذه الميزة متأصله لدى النظام السياسي الفلسطيني، حيث يعكس بعضاً من القادة وهمَهم ويعتبرونه الحقيقة والطريقه، بل كانوا في السابق يعيشون حِلم ولا زالوا يعيشون ذاك الحلم، فحب السلام والمفاوضات بحاجه لطرفين يؤمنان بها ويعملان على تحقيقها، ولكن هذا الحب هو من طرف واحد لا زالّ حلمه وعِشقه.

نيتشه تحدث عن الواهمين " أحياناً لا يرغب الناس في سماع الحقيقه، لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم"...غزة بمسيراتها المستمره والمتواصله حطمت إلى الأبد مفهوم المؤامرة لتصفية القضية الفلسطينيه وما يُسمى "صفقة القرن"، وبدل أن يتم التوجه لها وإستقبالها بالأحضان لا زال البعض يعيش الوهم ويتعامل معه على أنه حقيقة وأن كلّ ما يجري ليس سوى مؤامره ليكون الحل في "غزة" ولِ "غزة" فقط...و "غزة" تقول: لا حل في غزة ولا حل بدون غزة...أليست جمعة "الكاوشوك" دليل عملي ودخانه الأسود الذي حول النهار ليلاً نوراً ساطعاً يُعبّر عن الوطنية الفلسطينية الحقّه؟!!!...أليست دماء الشهداء والجرحى عهداً ووعداً بأن لا بديل عن الحرية والإستقلال؟!!! وأن لا وطن غيرَ وطن الأجداد...الأحفاد وأبنائهم وأبناءِ أبنائهم نَفضوا الوهم الذي لا زال يُعَشعش في رؤوس البعض من القيادة الفلسطينيه "مُخيّره" أو "مُجبَره".

مرة أخرى نقول كما قال غيرنا "لا تقل شيئاً، دعني أرى"، وهنا أقصد أن يكون الإبداع الغزّاوي نموذجا لغيرها، وأن يتم فوراً وبلا تأخير مصطنع أو بسبب الحذر المبالغ فيه، توحيد النظام السياسي الفلسطيني وعلى أساس الشراكه وليس الفكر الأحادي المُسبق وشرط أن يتم الإتفاق على أن تكون كلّ خطواتنا نابعه عن إتفاق وليس عن إجتهاد...فقد إجتهدنا في "أوسلو" وغيرها وخلال مسيرة عِقدين من الزمن وأكثر ولم نحصد سوى مستوطنات وتهويد وإنقسام، و "الوقت من ذهب، لا يعود منه ما ذهب" وفق الكاتبه الجزائريه مستغانمي.

إسمحوا لي أيها الساده: العيب وكل العيب أن لا نرتقي لفِعل غزة ودماء شبابها وشيبها...العيب أن لا نأخذ مفهوم الوحدة وعلى أساس الشراكه الكامله بجديه مطلقه ونتعامل وفقا لآليات واهمه لا تنطبق والواقع، سيادة القانون بالتأكيد مسألة لا نقاش فيها، ولكن حين نحترم هذا القانون، ونُعزز مفهوم الحريه والفصل بين السلطات، وننظر للمكون الفلسطيني ككل بأنه جزء فاعل يجب إعطاءه مساحه من الحرية ووفقاً للقانون، أما الحديث بطريقة إمّا وإلّا فهذه طريقة أصحاب الحقيقة المُطلقة ومن لا يزالوا غائبون أو مُتَغيبون عن الواقع.

ما قبل مسيرات العودة في غزة ليس كما بعدها، هي حقيقة، وإستراتيجيه واضحه للكل الفلسطيني، ومن أراد أن يلحق بها فليفعل ذلك وبسرعه، ومن يريد أن يتخلف ويحاكي نفسه وما يجول في داخله فعليه أن يتحمل كامل المسئولية الوطنية والتاريحيه، يقول د. يحيى الرخاوي إستشاري الأمراض النفسيه " أمر طبيعي أن تُكلّم نفسك أو تُكلّم الدولاب أو الكرسي...يحصل هذا ولا تقلق!!!، لكن إذا رد عليك الدولاب لازم تراجعني بسرعه"...وعلى القيادة الرسميه لمنطمة التحرير الفلسطينيه أن تراجع شعبها، فهو الطبيب النفسي لكل سياساتها، والمراجعه أساسها برنامج غزة ومسيرات عودتها والدعوة لإنتخابات تشريعيه ورئاسيه ومجلس وطني تُجسّد من خلاله نبض الجماهير الهادره التي لن تنتظر أحداً ولن تقبل غير الوحده والشراكه كأساس لأي نظام سياسي قادم.

فعودوا إلى رُشدكم!!! إستفتوا الناس لأن المحاكاه الوحيده هي للشعب وليس لكم وحدكم، أليست هذه المادة الثانيه في "القانون الأساسي"؟!!!!

بقلم/ فراس ياغي