مسيرة العودة وتجارب الماضي القريب

بقلم: رامز مصطفى

مع دخول مسيرة العودة الكبرى أسبوعها الثاني ، لا زالت تستحوذ على كم لا يستهان به من التساؤلات ، وهذا بتقديري مشروع بالإستناد إلى التجارب التي شهدتها ساحات النضال التي خاض فيها الشعب الفلسطيني معاركه الوطنية في مواجهة ومقارعة الاحتلال على العناوين الكبرى للقضية الفلسطينية ، حيث شكلت قضيتي حق العودة والقدس الصدارة لتلك العناوين

تلك التجارب مثلت فيما آلت إليه من نتائج كارثية النموذج الصارخ ، بكل ما تعني الكلمة من معنى ، في منطق البيع السياسي الرخيص ، فهي لم ترتقي إلى مستوى أماني وتطلعات أبناء شعبنا ، ولا حتى تناسبت مع حجم التضحيات والأثمان الكبرى التي دفعها من دم أبنائه ، والانتفاضة المجيدة التي اندلعت في العام 1987 ، شكلت أولى مرارات تلك التجارب . فبعد سنوات الانتفاضة وسقوط 1300 شهيد و90 ألف جريح و60 ألف أسير ، تم إنهائها واجهاضها ، فور التوقيع عللى اتفاق " أوسلو " في حديقة البيت الأبيض عام 1993 ، فقد تم الاعتراف ب" إسرائيل " والتنازل عن 78 بالمائة من أرض فسطين التاريخية لذاك الكيان الغاصب ، ثمناً لسلطة ملحقة اقتصادياً وأمنياً بالاحتلال . وبذلك تبخرت تلك الأماني والتطلعات ، وتم الدوس على تلك التضحيات بحوافر ذاك الاتفاق المُذل .

مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت في قطاع غزة باتجاه الخط الفاصل مع الأراضي الفلسطينية عام 1948 ، وهي تتصاعد تدريجياً بأشكال المقاومة السلمية ، من الضروري بمكان وحتى لا يصدم شعبنا ونخبه وفعالياته مرة جديدة بتجربة من الممكن البناء عليها إذا ما توضحت بشكل جلي جملة الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها سواء الفصائل أو النخب من وراء المسيرة . وهنا يجب التنبه ألاّ تُحّمل المسيرة أهداف كبرى يصعب الوصول إليها ، خصوصاً في ظل غياب المصالحة واستمرار السجال بين حماس وفتح حولّ متطلبات المصالحة ، مما فرضّ تغيب أو تغييب الضفة الغربية عن المواكبة الجدية لما يجري على أرض القطاع ، وبالتالي ألاّ تكون الأهداف رهينة لجدول أعمال طرفٍ من هنا أو هناك ، أو لقاء أثمان سياسية أو اقتصادية متواضعة ، من خلال إطالة المدة الزمنية في فتح المعابر . وهنا الجميع يُدرك أن ذلك مرهون بمطالب لم تعد خافية على أحد أن تسليم سلاح المقاومة هو الثمن المطلوب . وحتى رئيس السلطة يريده ثمناُ لأية مصالحة ، وقد قالها بوضوح : " إذا ما أرادت حماس المصالحة عليها تمكين الحكومة في كل شيء بما فيه السلاح " .

مسيرة العودة جاءت في لحظة سياسية فارقة ، استطاعت رفع الكرت الأحمر في وجه صفقة القرن ، وإن لم تسقطها ، والقول لترامب وكل جوقته وأبواقه الإقليمية المأجورة ، التي تتسايق في التأكيد على حق " إسرائيل " العيش بسلام على " أرضها " ، أن اللاجئين خط أحمر ، ولا إمكانية لتجاوزهم طالما أن هناك فلسطيني ، إرادته سلاح لا يصدأ ، وهي تستحق منا جميعاً الإحاطة بها وحمايتها من الاستغلال وإدخالها في دهاليز العرض والطلب السياسي الفئوي .

بقلم/ رامز مصطفى