محمود عباس يعني: لا للقهر الوظيفي

بقلم: فايز أبو شمالة

قبل ثلاثة عشر عاماً حاول السيد محمود عباس أن يصل إلى قلب الناخب الفلسطيني من خلال رفع شعار "لا للقهر الوظيفي"، وهذا الشعار بمثابة إقرار من مرشح الرئاسة في ذلك الوقت بوجود قهر وظيفي، أوجع الفلسطينيين، وأثر على ولائهم للقيادة التاريخية، وأثر على حسن انتمائهم للوطن، الذي يطعن ظهره فساد المسؤولين.

فمن هم المسؤولون الفلسطينيون الذين مارسوا القهر الوظيفي قبل وصول السيد محمود عباس إلى رئاسة السلطة؟ وما علاقتهم بالفساد بشكل عام؟ وهل تمت محاسبتهم، وتنقية المجتمع منهم بعد وصول السيد عباس إلى رئاسة السلطة، أم تمت ترقيتهم، ورفع مكانتهم درجات فوق درجات.

سأرجع إلى صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة بتاريخ 10/6/2004، حيث تقرير المجلس التشريعي الذي يفضح صفقة الإسمنت المصري التي ذهبت إلى إسرائيل لبناء جدار الفصل.

فقد جاء في تقرير المجلس التشريعي: إن الحكومة المصرية وبعد أن اشتد ضغط المعارضة عليها، طلبت شهادة فلسطينية تفيد بأن الإسمنت المصري يذهب إلى تعمير المخيمات والبيوت التي يدمرها الإسرائيليون في قطاع غزة والضفة الغربية، وبالفعل، فقد قدم السيد عبد الحفيظ نوفل مدير عام الوزارة المعينة هذه الشهادة المزورة إلى الحكومة المصرية؛ لتعتمد عليها في الاستمرار في تدفق الإسمنت المصري لبناء جدار الفصل العنصري!!.

لقد نشر تقرير المجلس التشريعي على الصفحة الثالثة من صحيفة الأيام، بينما كانت الصفحة الأولى للصحيفة نفسها تتزين بصورة عبد الحفيظ نوفل، وتقدم له التهنئة على الثقة الغالية التي أولاها له فخامة الرئيس أبو عمار، وذلك بترقيته إلى وكيل وزارة مساعد!

فهل كان أبو عمار في ذلك الوقت يعرف المدعو عبد الحفيظ نوفل شخصياً، ويعرف ما قام به من عمل مشين بحق الوطن؛ وفق تقرير المجلس التشريعي، أم هنالك منظومة من المتنفذين بالقرار، أخذوا على عاتقهم الحصول على كتاب الترقية للمدعو عبد الحفيظ  نوفل كمكافأة له على شهادة الزور التي بررت وصول الإسمنت المصري للمستوطنات اليهودية؟

فمن هم أولئك الذين يمنحون الترقية الوظيفية لمن ثبتت جدارته في الغش والتزوير والكذب؟

وهل تم تطبيق شعار "لا للقهر الوظيفي" الذي رفعه السيد محمود عباس أثناء الانتخابات الرئاسة لسنة 2005؟ وهل تمت ملاحقة الفاسدين، ومحاسبة الساقطين، أم جاء الشعار لامتصاص غضب الجماهير، لينهي مفعولة مع ظهور نتائج الانتخابات؟

للإجابة على السؤال السابق لا بد من التدقيق في الحالة السياسية منذ سنة 2005 وحتى يومنا هذا 2018، هل تقدمنا خطوة واحدة على طريق تحقيق الأهداف السياسية والحياتية أم تراجعنا إلى الخلف خطوات؟ وهل تغيرت مراكز القرار أم تغيرت بعض المسميات؟ وما هو حال الوظيفة العمومية في قطاع غزة والضفة الغربية؟ وأين رواتب موظفي غزة بالتحديد؟ ومن الذي يقوم بالخصم والفصل ومعاقبة الموظفين؟

إن ما أصاب الموظفين من تمايز وإهمال وعقاب ليؤكد أن القائمين على القرار الفلسطيني ما زالوا يرفعون الفاسدين درجات، ويكافئونهم على فسادهم بمزيد من الامتيازات والترقيات، وسحقاً لشعار "لا للقهر الوظيفي"، الذي قهرته السلطة بالممارسة.

بقلم/ د. فايز أبو شمالة