في ظل الاوضاع الراهنة نسأل العرب وهم على ابواب القمة العربية ، أين القضية الفلسطينية من كل هذه الأحداث وهل باتت فعلياً في غياهب النسيان ، وهل سترضى قوى التحرر العربي والعالمي بتصفية القضية الفلسطينية وما يدور حولها من محاولات حقيقية للتصفية شهدنا لها مقدمات إقليمية ودولية مؤخراً وكان اخرها قرارات ترامب وصفقة القرن .
من هنا نقول لا يمكن عزل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي، لذلك نقول انه لايمكننا إستخدام هذه المصطلحات كمصطلح نسيان القضية الفلسطينية ، القضية الفلسطينية لم ولن تنسى ولا تنسى ، في الحقيقة الادارة الامريكية والعدو الصهيوني هما من حاول أن يبعدا القضية الفلسطينية عن محور الإهتمام وعن مركزيتها وإختلقوا الكثير من الأحداث والمشاكل في المنطقة لأجل تحقيق هذا الهدف ، ومنها ماجرى ويجري في سوريا والمنطقة بشكل عام ،لكن بالمقابل لايمكن أن نقول أن القضية الفلسطينية باتت قيد النسيان فالقضية الفلسطينية كانت ومازالت وستبقى القضية المركزية والأساسية ، وعلينا هنا أن نفرق مابين مواقف الشعوب العربية ومواقف بعض الحكومات العربية تجاه القضية الفلسطينية ، هناك دول عربية بحكوماتها وشعوبها تقف بقوة مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، ولاننسى القوى التي تقف مع القضية الفلسطينية في لبنان ، وأستطيع أن أقول أن المقاومة العربية تقف قلباً وقالباً سواء حكومات أو شعوب مع القضية الفلسطينية ، وها هو شعبنا يسطر بمسيرات حق العودة ، حيث نرى الدعم من الشعوب العربية والعالمية من خلال فعاليات لدعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
نعم تتزامن مسيرات حق العودة مع يوم الارض و احتلال العراق حيث يشكلان نقطة انعطافية في الواقع الذي نعيشه، الا ان صمود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه وهو يرسم بالدم خارطة فلسطين مع اشتداد المعركة في المنطقة ضد القوى الامبريالية والصهيونية والرجعية والارهابية يمكن أن يشكل مرتكزاً لتغيير جذري في كل المنطقة، من خلال المقاومة العربية الشاملة، التي سيسجل التاريخ أنها لعبت دوراً أساسياً في إعاقة المشروع الأمريكي والصهيوني، وعدم تقدمه في المنطقة، هذه المقاومة أدخلت الإدارة الأمريكية وحلفائها والقوى الارهابية في مأزق حقيقي، من خلال المأزق الذي بدأت تعيشه هذه القوى، حيث تعيق تقدم المخطط الذي كان يستهدف السيطرة الكاملة على المنطقة، كما تعيق اي مشروع من أجل تصفية القضية الفلسطينية.
لذلك نرى انه علينا ألا نفقد البوصلة، فإن تناقضنا الرئيسي مع المشروع الصهيوني وهناك ضرورة أن نتلاحم جميعاً في مواجهة هذا المشروع. فالانتفاضة الفلسطينية من خلال مسيرات العودة شكلت نموذجا لوحدة الموقف الفلسطيني، حيث ان صمود الشعب الفلسطيني اراد توجيه رسائل لكل العالم بأن القضية الفلسطينية عاصية على الانكسار ولا يمكن حرف البوصلة عنها كونها القضية المركزية .
امام كل ذلك يجب العمل على ضرورة لتوحيد كل الطاقات والاتجاهات الفكرية السياسية لمواجهة الخطر الرئيسي المتجسد بالمشروع الأمريكي الصهيوني، وخاصة من قبل القوى اليسارية والقومية في كل ساحة عليها أن تقوم بعملية حوار جدي بين أطرافها لمعرفة كيفية مواجهة الخطر الذي يحيق بالقضية الفلسطينية والمنطقة.
أن الشعب الفلسطيني اليوم أقوى بكثير مما كان عليه عام 1948 فقد تمكن هذا الشعب أن ينهض، وأن يفجر ثورة معاصرة، وأن يقاوم الاحتلال وواجه صعوبات كثيرة في مسيرته الكفاحية وصمد صموداً أسطورياً في الانتفاضة الاولى والثانية والثالثة المستمرة منذ يوم الثلاثين من آذار الذي لم تكن مسيرات العودة سوى بداية معركة، بل هي معركة متواصلة لفتح المجال واسعًا أمام تغيير قواعد الصراع، مما يستدعي رفع مستوى الكفاءة الفلسطينية، إلى مستوى مجاراة التداعيات والآثار المستمرة لهذه المعركة، صحيح أن مجلس الأمن فشل في اتخاذ قرار وإصدار بيان بسبب الولايات المتحدة، لكن المجتمع الدولي لا يقف عند ما يجري في مجلس الأمن ، وأن المناخ العام الدولي يمنح حركة المقاطعة فرصة للتوسع في عملها ونجاحاتها.
وفي ظل هذه الظروف نقول ان الشعب الفلسطيني اختار مجدداً طريق نضاله من خلال مشاركة الكل الفلسطيني، ورفع عنوان العودة لتسمو به على جراحه، وليجدد تصويب البوصلة باتجاه طريق العودة والحرية والاستقلال.
ختاما : لا بد من القول ان عنوان الانتفاضة والهبة الشعبية المستمرة واضح وهو تمسك الشعب الفلسطيني، بأرضه و بحقه في العودة، واعادة الاعتبار للأهداف الوطنية المركزية التي انطلق من أجلها كفاح الشعب الفلسطيني، ولعل الزحف الهائل لجماهير شعبنا في غزة، والفعاليات في مدينة القدس المحتلة والضفة والـ48 ومواقع اللجوء والشتات كلها تشكل مفصل تاريخي في حلقات صمود شعبنا في وجه المخططات التصفوية، وهو ما يتطلب الكثير الكثير من الكل الفلسطيني ، واولها عقد المجلس الوطني الفلسطيني ورسم استراتيجية وطنية تكون بمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنية .
بقلم/ عباس الجمعة