المجلس الوطني الفلسطيني واستعادة المنظمة لدورها

بقلم: عباس الجمعة

سنوات عديدة مرت جرت خلالها محاولات كثيرة وجادة من قبل شخصيات وطنية صادقة، مستقلة وفصائلية ، من اجل انهاء الانقسام وتطبيق اليات اتفاقات المصالحة ، ولكن للأسف لم تنجح كل هذه الجهود ، رغم ان الوضع الفلسطيني اليوم يمر في ادق المراحل ، وهذا كان يستدعي من الجميع حضور المجلس الوطني دون وضع فيتو ، وخاصة من قبل مشاركة ممثلي الفصائل في الخارج الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى رام الله لحضور الاجتماعات، فيكون المجلس على حلقيتين حلقة في الداخل وحلقة في الخارج من خلال دائرة الربط التلفزيوني (الفيديو كونفرنس)، من إحدى العواصم العربية القريبة.

وهنا نرى ان المرحلة بحاجة الى تطويرمنظمة التحرير، وتفعيل مؤسساتها على ارضية شراكة وطنية حقيقية، لتستعيد مكانتها كحركة تحرر وطني ، وكإطار للوحدة الوطنية، لذلك لماذا يضع البعض العراقيل ، واضح أن هناك أطرافا عديدة فلسطينية ذات تأثير، لها اجندتها العربية والدولية، لا تريد استعادة المنظمة لدورها كحركة تحرر وطني موحدة للشعب الفلسطيني وكل قواه الوطنية ، ومتمسكة بالحقوق والثوابت الوطنية ، ورافضة لأي تنازل عن أي من هذه الحقوق، أو المساومة عليها ، وخاصة حق العودة ، سيشكل عقبة كأداء في وجه المخططات الأمريكية والإسرائيلية التي تستهدف ضرب الثوابت الوطنية الفلسطينية .

لا أحد ينكر أن هذا الانقسام الذي حدث وجه ضربة قاصمة للوحدة الوطنية الفلسطينية، ولوحدة الشعب الفلسطيني نفسه، وأضر بمصالحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقوّى موقف الاحتلال الصهيوني وزاد من عنصريته وتشنجه ضد شعبنا وحقوقنا الوطنية.

وهنا نساءل اصحاب النداءات ومعرقلو عقد المجلس الوطني الفلسطيني كما مرة تمت فيها اجتماعات من اجل انهاء الانقسام وتطبيق اليات اتفاقات المصالحة ، لماذا لم تستجيبوا اليوم امام خطورة المرحلة من اجل اعطاء المجلس الوطني فرصة لتطبيق اتفاقات المصالحة واعطاء أهمية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتقويتها ، وتفعيل مؤسساتها ، وعودتها كإطار وحدوي، وكحركة تحرر وطني ، وهذا الامر هو أكثر ضرورة وإلحاحاً للضغط على أي طرف متشبث بالانقسام ، الذي بات مسيطرا على الساحة الفلسطينية.

وفي ظل هذه الاوضاع نقول وبكل صراحة ان الاجندات الخارجية هي التي تتغلب على البعض الذي بدأ يمهد لعقد مؤتمرات وطنية في بيروت وغزة تحت يافطة مشاركة كافة القوى والفصائل والهيئات والفعاليات والاتحادات والشخصيات الوطنية وأعضاء المجلس الوطني الذين أعلنوا مقاطعتهم لخطوة انعقاد المجلس الوطني ، وهنا الشيئ المضحك عندما يقولون كافة القوى والفصائل والهيئات ، أسأل كيف ذلك ، هناك اكثر من ثمانية فصائل ستحضر المجلس الوطني اضافة الى اغلبية الهيئات والفعاليات والاتحادات والشخصيات الوطنية في تمثيل ديمقراطي حر وشامل للشعب

الفلسطيني، فان عقد هذه المؤتمرات لا تمثل الشعب الفلسطيني ، لأن من يريد استعادة الوحدة الوطنية ، وتعزيز مكانة القضية الفلسطينية على الصعيدين العربي والدولي ، وفي مواجهة العدو الصهيوني ومشاريع ترامب وادارته ومواجهة كذلك موضوع التطبيع العربي مع الاحتلال، يجب عليه العودة الى البيت الفلسطيني من اجل مواجهة التحديات والمخاطر التي تتعرض لها قضيتنا وشعبنا.

ان عقد المجلس الوطني الفلسطيني ووضع برنامج نضالي ملتزم بالثوابت الوطنية لمواجهة كل التحديات والمؤامرات التي يتعرض لها شعبنا وحقوقه الوطنية، وانتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، واستعادة دورها النضالي كحركة تحرر وطني، وكإطار للوحدة الوطنية، هي مطلب وطني .

إن المعارضة الوطنية مطلوبة داخل المؤسسات الوطنية وفي المجلس الوطني ، ونحن نقدر للرفاق في الجبهة الشعبية مواقفهم ، ولكن علينا التكاتف لمواجهة قطع الطريق على محاولات النهوض الوطني الفلسطيني ، ومواجهة المخاطر وخاصة ما يسمى بصفقة ترامب التي تستهدف الحقوق الوطنية الفلسطينية في الحرية والعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، مما يستدعي بدلا من الانتقال بالعملية من المستوى الفصائلي الضيق إلى المستوى الوطني الشامل.

ختاما : ان انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني أواخر الشهر ، مهما على المستوى الوطني لأننا في أدق المراحل وأخطرها على القضية الفلسطينية ومستقبلها،بشكل خطوة صحيحية للخروج من سياسة الجمود و التصدي الفعلي والفوري للمشاريع الامريكية والصهيونية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ونحن نتطلع الى خروج المجلس الوطني باستراتيجية وطنية لمواجهة المخاطر والتمسك بخيار المقاومة والانتفاضة وتحشيد القوى للنهوض وأخذ دورها الفاعل في مقدمة الصفوف في هذه المعركة .

بقلم/ عباس الجمعة