على عتبة الزمان يقف الكل حائر بعد أن بات الجرح غائر دون ان نعرف صاحب الطعنة او حتى نتعرف على أدوات الجريمة فالكل يدعي الوصل والحرص على الوصول إلى بر الأمان دون ان يحدد الزمان والمكان عل هذا من أساسيات الاستمرار .ولكن أي استمرار هذا الذي يريده القادة المبجلين وهم يقفون أمام كثير من اللوحات التي تعكس الصورة .وهنا حقا اسأل هل مازالوا يمتلكون النظر والإحساس الذي يخولهم ان يروا الصورة .ام العدسات السوداء التي تغطي اعينهم الوقحة تحجب الصورة التي لا يريدون أن يروها .فهناك طفل يمسك كسرة خبز متيبسة ويحاول السيطرة عليها باسنانه ويغرقها بكثير من اللعاب علها تتهشم بين فكيه دون جدوى .وصورة الاب الحائر الذي يقف عاجز أمام صرخات طفل يمسك زجاجة حليب فارغة يجاريها بين يديه تارة وفمه تاره علها تأتي له بجديد دون جدوى ،وصورة الطالب الذي يصل مشيا على الاقدام من مسافات بعيدة ويمنع من دخول قاعة الاختبار بسبب عدم القدرة على دفع الرسوم الدراسية وصورة ذاك التاجر الذي بات يزين جدران بقالته بعبارة الدين ممنوع وهو ينظر إلى رفوف المحل الفارغة وينتظر ان يكون الفرج قريب وفي زحمة تلك الصور يخرج الصوت الجهور الذي يخرج من حنجرة ظاهر عليها حالة الشبع والتخمة من مكبر الصوت في احد مساجد حارتنا يدعوا الناس بالتجمع للقاء القادم في جمعة الشباب ويوزع على الجميع الأمل بالدف المشرق والعودة الميمونة إلى حيث كان الأجداد وعلى مدار الأيام هذا الصوت يتردد ويذهب أصحاب الأمل متعدد الصور ،فشاب يحلم ان يجد في جيبه شىء من النقود ،وآخر يحلم بأن تأخذ له صورة وهو في وضع ما على أمل ان يكون لتلك الصورة حضور عند من بيده سيد الحضور واخر تضع أمه الحفاظة على جسده الغض وتتركه يمشى وسط هذا الجو المشمس عل الصورة تصل ،وآخر يريد أن ينقل حقيقة هذا العدو للعالم عل العالم ينصف شعبه ولكن رصاص الغدر يغيبه ويغيب الحقيقة .وسط هذه الصور التي يجسدها الضياع تخرج صورة من الركن الآخر من الزمن تحاول أن تلملم الممزق وتجمع المفرق وتوحد الصور عله يستطيع أن يمسك صورة واحدة يكون قادرا ان يوصل الحقيقة ليصحو ضمير الكون دون ان تكون الصورة مذيلة بالحقيقة السادية التي يمارسها الغادر أمام أعين العالم الوقح .فماذا يعني ان يقف الأطفال يلهون ويمرحون على حدود الوطن أمام جندي لم يبقي التحصين به غير فوهة البندقية القاتلة .ماذا يعني ان يدخل طفل إلى حيث ارض الآباء والأجداد عله يشتم رائحة ولدت معه من ترديد جدته الحكايات القديمة التي عايشتها هناك .
في النهاية الصورة اليوم قاتمة إلى أبعد الحدود .الفقر، الجوع،الخوف، المرض،البطالة،العنوسة،الطلاق،التشرد،التفكك،الانتهازية،الموت، وتوزيع الأطراف على القادة والمسؤولين وأكياس الصبر تغلف بالسم دون إحساس، صك الغفران ودروب الجنة تفتح في كل أسبوع لمن لا يريد أن يستمر في متابعة حالة الدوران للساقية يسيطر عليها ثور هائج لا يحكمه ضمير ،
وأخيرا لكتب اسمك يا بلادي على الشمس إلي ما تغيب ...الكل يردد وتخرج الابتسامة لا احد يعرف من اين تسللت دون ان يوقفها شرطي المرور ليحرر المخالفة نتيجة اليقين الذي يسكنه بعدم وجود داعي لتلك الابتسامه عله يجد في نهاية يومه ما يأخذه لكي يسد رمق من لا يعلم اين تسير بنا الأيام.
نبيل البطراوي