لا شك أن مناسبة اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية هذا العام، تتزامن مع استمرار مسيرات العودة وعقد المجلس الوطني الفلسطيني، وفي مناسبة كهذه من الحكمة أن يكون موقف الجبهة مع دعم مسيرات العودة ومع عقد المجلس الوطني على قاعدة الوحدة الوطنية والتمسك بالثوابت الفلسطينية وخيار الانتفاضة والمقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني ورفض اي مشاريع ومؤامرات تستهدف هذه الحقوق.
ان المشكلة التي يواجهها المشروع الوطني خطيرة لأبعد الحدود وجميعنا يدرك هذا الأمر وخاصة الجبهة ، مما يتطلب لشد الهمة وإعادة الحياة لشبكة العلاقات الوطنية صانعة القوة في مواجهة العدوان المستمر ومشاريع التي تستهدف منظمة التحرير الفلسطينية والقضية الفلسطينية ، تقديرا لعظمة شعبنا وقدرته على الصمود والعطاء ،ولعظمة الشهداء وفي مقدمتهم الامين العام للجبهة الشهيد القائد ابو العباس في سبيل الحفاظ على القيم والأهداف التي عمل من أجلها وحتى تبقى منارة الأجيال القادمة على درب الحرية والعودة وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
ان اهمية انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني اصبح من الضرورة الوطنية الملحة امام ما يجري على المستوى القضية الفلسطينية والمنطقة والعالم كله ينذر بإعادة رسم خارطة المنطقة وخارطة التحالفات كل ذلك يجري في سياق تجديد الشرعيات القائمة أو تغيرها أو حتى التعديل عليها وفي هذا السياق تكمن أهمية قيام منظمة التحرير الفلسطينية بتجديد شرعيتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وتفعيل كافة هيئاتها ومؤسساتها في إطار تجديد الشرعيات حتى تستعيد المنظمة ثقة الشعب الفلسطيني بها ، كما أن هذه العملية مطلوبة أيضا حتى لا تبدو المنظمة في مظهر العاجز أمام العالم على تجديد هذه الشرعية.
كما تزداد الحاجة الملحة أيضا للإسراع في عقد المجلس لمواكبة التطورات السياسية على الصعيد الفلسطيني والعلاقة مع دولة الاحتلال خاصة بعد انسداد أفق العملية السياسية وانتهاء المرحلة الانتقالية التي أنشأت بموجبها السلطة الوطنية وما يفضه ذلك من ضرورة اعتماد إستراتيجية جديدة وضع المجلس المركزي أسسها وخطوطها العريضة وهي بحاجة الى تطبيق .
امام كل هذه التطورات وغيرها الكثير يتطلب إعادة صياغة إستراتيجية فلسطينية تتعامل مع هذه التطورات وتضعها في إطار خدمة المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيق الحرية والعودة والاستقلال، حيث تستمر المقاومة الوطنية لشعبنا مقدمة التضحيات في مواجهة الاحتلال وعدوانه المتواصل ، مما يستدعي من المجلس الوطني الفلسطيني الوقوف امام ما تتعرض له القضية الفلسطينية والعمل على استعادة مكانتها في صدارة جدول اهتمامات العالم بعد ان كادت ان تتيه في خضم انشغالات العالم بملفات تبدو أكثر سخونة ناهيك عن أهمية تلك الملفات للمصالح الخاصة لهذه
الدول الكبرى أو تلك ،ويعطي الاهمية لمنظمة التحرير الفلسطينية ودورها المركزي كقائدة لكفاح شعبنا الفلسطيني باعتبارها جبهة وطنية متحدة تمثل كل أطراف الطيف الفلسطيني، انطلاقا من صياغة و توحيد الخطاب السياسي الفلسطيني الجامع الذي يضمن إشراك كل مكونات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات في عملية الكفاح الوطني المتواصل.
وفي ظل هذه الاوضاع نؤكد أن التضحيات الجسام التي يقدمها شعبنا اليوم في مسيرات العودة تشق طريقاً ثابتاً نحو حقوقنا الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق العودة، ونحن اذ نعتز بدور الشباب الفلسطيني الثائر الذين ما زالوا يتقدمون الصفوف في مسيرات العودة، متسلحين بالإصرار والعزيمة وبالوسائل الإبداعية البسيطة المقاومة والتي وقف الاحتلال عاجزاً أمامها، فهي تؤكد أن إرادة الجماهير الشعبية لا تقهر وهي أقوى من الظلم والاحتلال.
ختاما : لا بد من القول ان انعقاد المجلس الوطني الذي يتزامن مع اليوم الوطني لجبهة التحرير الفلسطينية واستمرار مسيرات العودة تحت راية العلم الفلسطيني، يعكس إصراراً على مواصلة النضال رغم شلال الدم المتدفق، و يعيد من جديد قضيتنا الوطنية إلى مسارها الطبيعي كقضية شعب يناضل في سبيل حقوقه الوطنية المشروعة، فمستقبل الشعب والقضية والكيان السياسي الفلسطيني أمام امتحان جدي.
بقلم/ عباس الجمعة