تعود نشأة المجلس الوطني الفلسطیني إلى عام 1948 ،حین قام الحاج "أمین الحسیني" بالعمل على عقد مجلس وطني فلسطیني في غزة، مثل أول سلطة تشریعیة فلسطینیة تقام على أرض فلسطين بعد النكبة بسبب حاجة القضية الفلسطينية بحاجة من يمثلها في جامعة الدول العربية وفي المحافل الدولية خاصة أمام هيئة الأمم المتحدة حيث كان عدد أعضاء ذلك المجلس 97 عضوا من أصل 151 وجهت لهم الدعوة، فحضر العدد المذكور واعتذر الباقون.
واجهت المجلس منذ الأيام الأولى لتأسيسه مشكلات وصعوبات حالت دون قيامه بمهماته على الوجه الأمثل. كان أهم هذه المشكلات الطعن في شرعيته والقول إنه لا يمثل عموم الشعب الفلسطيني، وإنه لم يأت بانتخابات نزيهة.
وأعید تجدید المجلس الوطني الفلسطیني عام 1964 بناء على قرار من الملوك والرؤساء العرب في مؤتمر القمة العربي وتم تكليف أحمد الشقيري الذي كان أنذاك يمثل فلسطين لدى الجامعة العربية ووجهت الدعوة ل397 شخصية ولكن الحضور تجاوز ال422 شخصية اصبحوا جميعا اعضاء بالمجلس الوطني. والمؤتمر الذي تلاه اصبح العدد 466 بزيادة 44 عضو ,ومرت مسألة الزيادة دون مشاكل تذكر، الأمر الذي أحدث فيما بعد ثقبا في بنيان المجلس تسلل منه أعضاء جدد ظلوا يتزايدون باستمرار دون ضابط أو رابط، وبعيدا عن أي رقابة أو آلية متفق عليها حتى وصل العدد الى 700 عضو بعام 1996. ووصل العدد اليوم 30 /4 /2018 في المجلس الذي يعقد في رام الله تحت عنوان "القدس وحماية الشرعية الفلسطينية" الى 787 عضو حسب اخر الاحصائيات.
فالخطيئة الاولى هي أشكالية التمثيل التي تعتبر العمود الفقري لشرعية المجلس حتى لا يكون عرضة للتشكيك على انه لا يمثل جميع أطياف الشعب الفلسطيني وانه لم يأت بانتخابات نزيهة شفافه وانه جرى تعين وأختيارغالبية الاعضاء. فالمجلس الوطني سواء مجلس أمين الحسيني أو المجلس الحالي الذي بدأ بالشقيري ويرأسه الآن سليم الزعنون لم يتكون بناء على انتخابات جرت بين تجمعات الفلسطينيين في الداخل أو الشتات، وإنما جرى اختيار أعضائه وفقا لفلسفة الحصص وتكون داخل جدران كيان سياسي اسمه منظمة التحرير الفلسطينية ليكون مرجعا أعلى لهذه المنظمة " لا يوجد تمثيل حتى اليوم لحركة حماس ولا لحركة الجهاد الاسلامي".
الخطيئة الثانية : عدم التزام المجلس الوطني الفلسطيني منذ نشأته حتى اليوم بالأنعقاد بصورة دورية رغم أن نظامه الأساسي ولائحته الداخلية تنص على أن ينعقد مرة كل عام، ويمكن أن يعقد في العام الواحد أكثر من دورة لظروف استثنائية بسبب ما تمر به القضية الفلسطينية من تطورات ومؤامرات مما أدى الى أصابته بحالة من الركود لعدم أنعقاده لفترات طويلة .
الخطيئة الثالثة: التخبط المستمر في الايدلوجيات فلاحظنا منذ تأسيسه اعتمدت استراتيجية تحرير فلسطين كاملة من النهر الى البحر سواء عام 1948 او اعاداة تكوينه عام 1964 وحتى اليوم فهدف المجلس اليوم هو الدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني والذي اصبح يتمثل باقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس "الشطر الشرقي".
الخطيئة الرابعة : ألغاء عدد كبير من بنود الميثاق الوطني الفلسطينياغلبية ساحقة تجاوز ال700 عضو
وهم المادة الثانية التي تتحدث عن وحدة الاراضي الفلسطينية الغير قابلة لتجزئة "فلسطين تحت الانتداب البريطاني" والمادة التاسعة التي تتحدث عن الكفاح المسلح الطريق الوحيد للوصول الى تحرير فلسطين والمادة السادسة عشر والعشرين واثنين وعشرين ليترك الباب مفتوح أمام التنازلات مما تسبب في زيادة النتازلات وأثر سلبا على فاعلية ومصداقية قرارات المجلس .
الخطيئة الخامسة:تغول وسيطرة اللجنة المركزية والتنفيذية بصلاحيات المجلس خاصة بموضوع طرح نقاط النقاش والمواضيع التي تهم فقط اللجنة ورئيسها مما تسبب بحدوث أنشقاقات ليس فقط على مستوى حركة فتح وأنما على مستوى جميع الفصائل وأهمها التي تنتهج أستراتيجية الكفاح المسلحطريقا للتحرير.
الخطيئة السادسة :عدم تطبيق قراراته على ارض الواقع مثل ضرورة التفاهمات التي حدثت بين الفصائل وعلى سبيل المثال: اتفاق القاهرة بين الفصائل الفلسطينية عام 2005 الذي توصلت فيه الأطراف إلى قناعة بضرورة إصلاح منظمة التحرير وأن تكون البداية الحقيقية بانتخاب مجلس وطني جديد وتشكيل لجنة لتحويل هذا المطلب إلى عمل وسط التجمعات الفلسطينية خاصة في سوريا ولبنان ...الخ.
الخطيئة السابعة : التشابك بين المجلس التشريعي المنخب من قبل فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والمجلس الوطني فالعلاقة ما تزال ملتبسة ولا يوجد خطوط فاصلة فهل المجلس الوطني الحالية هو الهيئة التشريعية العليا للشعب الفلسطيني ؟ فأنا كان كذلك فما هو دور المجلس التشريعي الذي يكلف الخزينة العامة حوالي 48 مليون شيكل سنويا ومعطل منذ عام 2007.
بالختامة : أذا كان الهدف من اعقاد المجلس الوطني للمرة ال23 في 30/4/2018 فقط للتصفيق وتعين أعضاء جدد والحصول على بعض المزايا واصدار بيانات وقرارات تبقى حبر على ورق ولا تطبق يرجع بعدها المجتمعون الى مدنهم وقراهم وبيوتهم بهدوء عبر حواجز الاحتلال وبعدها يزداد الانقسام والخلافات الداخلية وتقل أهمية ومصداقية أهم مؤسسة وطنية تمثيلية لشعي الفلسطيني فالافضل تأجيل أنعقادها لاجراء اللازم .
بقلم/ أمجد شهاب