تحت عنوان "القدس وحماية الشرعية الفلسطينية"، افتتحت الدورة الثالثة والعشرون للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي يعتبر برلمان الشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده داخل الضفة وغزة والقدس ومناطق 48 والخارج ومخيمات اللجوء.
لقد انعقد المجلس الوطني بعد جدل كبير دار في الشارع الفلسطيني، وبعد أشهر قليلة من اجتماع المجلس المركزي وهو الهيئة المنبثقة من المجلس الوطني، فقد اجتمع المركزي بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
قد تكون المرحلة التي انعقد فيها المجلس الوطني الفلسطيني من أسوأ ما تمر فيه القضية الفلسطينية على جميع الأصعدة، الخارجية والداخلية، فالاحتلال استغل حالة الضعف العربي والإسلامي ويمارس جرائمه بحق الشعب الفلسطيني ومستمر في مخططه ألتهويدي والاستيطاني
ففي ضوء التطوّرات الأخيرة حول القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل من قِبَل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته الثامنة والعشرين في 14-15 كانون الثاني/يناير من العام الجاري من أجل مواجهة القرار الذي سبق انعقاد المجلس الوطني الذي انعقد في الثلاثين من نيسان في دورته الثالثة والعشرون .
في ظل الحالة السوداوية قد تكون هذه المرحلة أو الفترة من أسوأ الفترات التي تمر بها القضية الفلسطينية على جميع الأصعدة الخارجية والداخلية، فالاحتلال استغل حالة الضعف العربي والإسلامي في ظل الصراعات التي تعيشها المنطقة وفي وقت تهرول فيه قيادات عربيه للتطبيع والتحالف مع إسرائيل في ظل ما أصبح يعرف بالتصدي لإيران وباتت بوجهة قيادات عربيه اولويه على ما عداها
على الصعيد الداخلي الفلسطيني الوضع أسوأ، فالانقسام الفلسطيني تحوّل من الانقسام ألعامودي إلى الأفقي، وضرب كل أمل في توحد الجبهة الداخلية الفلسطينية لمواجهة التحديات، التي تحيط بالقضية الفلسطينية، وباتت المصالحة التي حلم بها الجميع شيئا من المستحيل في ظل حالة التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات مما يصعب من عملية التوافق والاتفاق بين كافة الفرقاء
لم تقبل حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية حضور اجتماع المجلس الوطني وتم مقاطعته وان عدم الحضور له انعكاسات بلا شك على الوضع الفلسطيني الداخلي وزاد في تعقيدات الوضع الفلسطيني حيث أبدى البعض تذمرهم من انعقاد المجلس الوطني دون الرجوع إلى إعلان القاهرة 2005 حيث تم تشكيل الإطار القيادي المؤقت " وفق إعلان القاهرة 2005 وتضم هذه اللجنة في عضويتها أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد الاسلامي.
وذلك من اجل تفعيل وتطوير منظمة التحرير وفق أسس يتم التوافق عليها لتضم جميع القوى والفصائل بما فيها حركتا حماس والجهاد الاسلامي وذلك تمهيدا لإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني. وكان يفترض أن يعقب ذلك انتخاب أعضاء المجلس الوطني الذي سيضم ممثلين عن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وفي الشتات على أن ينتخب لجنة تنفيذية جديدة موحدة للشعب الفلسطيني وعندها ينتهي دور هذا الإطار القيادي المؤقت.
إلا أن الخلافات الفلسطينية وتعثر إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام والصراعات التي تشهدها المنطقة جميعها حالت دون تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها وكافة الفرقاء يحملون بعضهم البعض المسؤولية وإلقاء التهم , .إن تغييب قيادات فاعله عن حضور اجتماعات المجلس الوطني إن لسبب مقاطعتها لاجتماعات الوطني وتحفظ البعض على مكان الانعقاد وغيرها من التحفظات خلقت معضلة ستترك انعكاساتها بلا شك على هذا الانعقاد والنتائج التي تم التوصل إليها
مما يزيد في عمق الانقسام والاختلاف في التوجهات والرؤى وانعدام الاحتكام لاستراتجيه وطنيه تحكم العمل الفلسطيني ضمن مرجعيه مؤسسيه تجمع الجميع الفلسطيني يمكن الرجوع والاحتكام إليها
وفق ذلك و ضمن التغيرات الاقليميه والدولية وفي ظل تغير موازين القوى التي باتت تحكم المنطقة ضمن مخاطر ما بات يتهدد القضية الفلسطينية نتيجة قرار ترمب اعتبار القدس عاصمة إسرائيل وقرار نقل السفارة الامريكيه للقدس والتهديدات للفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات والقبول بصفقة القرن في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بمشروعه الاستيطاني والتهويدي
فقد ذكرت صحيفة صاندي تايمز مقالا تحليليا كتبه، أنشل فيفر، من القدس يتحدث فيه عن التحالفات العربية وتأثيرها على الفلسطينيين. ويقول الكاتب إن العديد من الدول السنية بدأت تفقد تحمسها لمسار السلام، وتزداد تقربا من إسرائيل. وتحدث عن استضافة إسرائيل لحدث رياضي دولي كبير، هو طواف إيطاليا للدراجات الذي بدأ من إسرائيل لأول مرة. وحمل معه حدثا تاريخيا آخر هو مشاركة دراجين ترعاهم دول عربية. ويتعلق الأمر بالبحرين والإمارات. وهو دليل، حسب الكاتب، على التقارب بين الدولتين وإسرائيل.
ولكنه يوضح أن هذا التقارب لا يحمل أي تطور في مسار حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.ويضيف الكاتب أنه عندما كان دراجون من الإمارات والبحرين يمرون في شوارع القدس كان آلاف الفلسطينيين يشتبكون مع الجنود الإسرائيليين على حدود غزة، في جانب من احتجاجات العودة الكبرى التي بدءوها يوم 30 مارس/ أذار. وقتلت إسرائيل حتى الآن 45 منهم.
ويرى أن الفلسطينيين في حالة من العزلة دبلوماسيا لم يمروا بها منذ انتفاضتهم الأولى في نوفمبر/ تشرين الثاني 1987. فكان المبعوثون من العالم كله يسعون لحل النزاع، وكانت جميع الدولة العربية تقف مع القضية الفلسطينية. ويبدو اليوم أن العالم منشغل بقضايا أخرى ولا يجد الوقت ليهتم بمعاناة الفلسطينيين، وفقا لما جاء في المقال.
ويضيف الكاتب أن العزلة سببها في الأغلب بنيامين نتنياهو الذي يمارس ضغوطا من أجل منع أي تقدم في مسار السلام، منذ أن عاد إلى السلطة قبل تسعة أعوام. وزادت الضغوط منذ انتخاب، دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة.
ولكنه يقول إن العزلة سببها أيضا ضعف القيادة الفلسطينية وانقسامها وتغير التحالفات في المنطقة.ويذكر الكاتب أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قال في اجتماعات خاصة، خلال جولته في الدول الغربية، إن القضية الفلسطينية “لم تعد لها الشعبية التي كانت لها في الشارع العربي”. وهو الآن يركز اهتمامه مع الدول الحليفة له على مواجهة إيران وعملائها الذي يقبضون على اليمن وسوريا ولبنان.
وترى السعودية وحلفاؤها في هذه الحالة إسرائيل “حليفا مفيدا”، وفقا للكاتب، الذي تحدث عن تعاون بين البلدين خلف الستار، لعدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، وأن هناك مؤشرات علنية على هذا التعاون. فقد سمحت السعودية لأول مرة في مارس/ أذار للطائرات الهندية المتجهة إلى تل أبيب بالتحليق في أجوائها لتوفر بذلك ساعتين من الطيران.
كما هدد السعوديون، حسب الكاتب، الفلسطينيين من مغبة رفض خطة ترامب للسلام، لأن قضيتهم ستتعرض حينها للمزيد من العزلة. (بي بي سي)
أمام هذه المخاطر فان الوحدة الوطنية الفلسطينية هي أكثر إلحاحا من ذي قبل وان إنهاء الانقسام أصبح ضروري للتصدي للضغوطات التي يتعرض لها الفلسطينيون وهنا تكمن مخاطر انعكاسات انعقاد المجلس الوطني بهذا الغياب لقوى وازنه وفاعله على الساحة الفلسطينية
وبات السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل كان هناك ضرورة وحاجة ملحة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني؟ وهل الأحداث والمتغيرات مناسبة لعقد المجلس الوطني؟ وهل الظروف ساعدت وساهمت في نجاح أو فشل المجلس الوطني؟ هذه التساؤلات العريضة التي يطرحها رجال السياسة في ظل الغياب للقوى الفاعلة على الساحة الفلسطينية وفي تغييب قوى وازنه وفاعله حرمت من التمثيل في المجلس الوطني وبعضها أعلن مقاطعته لها لتخوفه من المخاطر والتداعيات التي يمكن أن تترتب على انعقاد المجلس الوطني ،
أما المواطن الفلسطيني فقد تأثر بشكل كبير جدًا بالرأي العام وأصبح يترقب نتائج المجلس الوطني، ومخرجاته.
وقراراته التي تتطلب ارتقاء في المواقف والتحديات وتتطلب آليات للتنفيذ وفق جدول زمني محدد للخروج من معضلة الانقسام إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية وهي مطلب الجميع ونحن نستعرض القرارات التي تعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني لإصلاح مؤسسته التمثيلية، وتطوير أدائها، وحسم خياراتها السياسية، وتمثل منعطفا تاريخيا مهما يمكّن البناء عليه لتوحيد كل قوى وطاقات الشعب الفلسطيني وزجها في معركة انتزاع الحرية والاستقلال والعودة إذا ما خلصت النوايا والاراده الوطنية في سبيل تحقيق ذلك .
وإذا تتبعنا القرارات والنتائج التي خرج بها المجلس الوطني والتي تتطلب أليه وبرنامج للتنفيذ فيما يتعلق بخطة ترمب لصفقة القرن وقرار ترمب الاعتراف في القدس عاصمة إسرائيل وقرار نقل السفارة الامريكيه للقدس وجميعها مخاطر تتهدد القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني ,
ووفق التوصيات والقرارات التي صدرت عن المؤتمر جميعها مرتبطة بموقف وقرار فلسطيني يرقى لمستوى التحديات الاسرائيليه وباتت تطلب قرار وموقف يعيد خلط الأوراق وإعادة الحسابات في تحديد العلاقة مع إسرائيل وكافة الاتفاقات المعقودة معها مع ما يستتبع ذلك بالشروع لحوار وطني فلسطيني ينهي الانقسام ويعيد توحيد الصف الفلسطيني وإشراك جميع القوى الفلسطينية في المجلس الوطني القادم ضمن خطه ترقى لعملية الإصلاح لمنظومة التمثيل بحيث تعكس قرارات المجلس الوطني السياسية والتنظيمية نسبة القوى التي تشكل المجلس، وان تحظى قرارات المجلس اهميه في التنفيذ ضمن خطوة مهمة وتاريخية على طريق التطلعات للشعب الفلسطيني ، ، فالعبرة دائما تكون في التنفيذ والالتزام.
بقلم/ علي ابوحبله