قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 8 أيار الجاري بالانسحاب من الاتفاق النووي الدولي مع ايران يعكس العديد من الحقائق، ويذكّر بمواقف اميركية أدت الى تصعيد التوتر في العالم، والى معاناة شعوب عديدة نتيجة "النمردة" المرفوضة.
لقد أكد ترامب مجدداً أن اميركا، وهي الدولة العظمى لكن ليست الوحيدة في العالم، لا تلتزم بما توقعه من اتفاقيات ومعاهدات، وانها "تلحس" و"تمحي" هذه التواقيع حسب المزاج والمصالح، ولا تحترم العالم وقادته، إذ أنه لم يتردد في الانسحاب من الاتفاق الدولي حول مواجهة ما يعانيه المناخ، وهو لمصلحة اميركا والعالم، كما أنه يريد الانسحاب من اتفاقات عديدة.
وكان من قبله الرئيس الاسبق الجمهوري جورج بوش الابن قد شن حرباً ضروساً على العراق، واحتله، وما زال العراق يعاني حتى اليوم من هذا الاحتلال لاراضيه الذي تم عام 2003 تحت شعار كاذب وهو تحقيق الديمقراطية للشعب العراقي، ولمنع العراق من امتلاك أسلحة دمار شامل، وتبين فيما بعد ان ادارة بوش لفقت كذبة كبيرة لتبرير احتلالها للعراق.
وفي عهد الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، تم الوعد بايجاد حل للقضية الفلسطينية، وقدمت وعوداً عديدة للقيادة الفلسطينية، ولكن هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح، لان مصلحة اميركا مرتبطة مع اسرائيل، ولذلك لا يستطيع أي رئيس اميركي أن يقول كلمة حق واحدة لاسرائيل، لأن اللوبي الصهيوني متنفذ في اميركا، ويستطيع أن يقلب الأمور اذا اراد ذلك.
هناك سلسلة من المواقف التي تؤكد أن أي ادارة اميركية لا تستطيع أن تتجاوز المصلحة الاسرائيلية، ولا تستطيع أن تكون حيادية، بل بالعكس فهي، ومن أجل ارضاء اسرائيل واللوبي الصهيوني، تنفذ ما تطلبه منها اسرائيل. وخير مثال على ذلك ان اسرائيل جرّت اميركا الى احتلال العراق تحت اكذوبة كبيرة، واليوم تجرها نحو مواجهة ساخنة وخطيرة في منطقة الشرق الأوسط. فالرئيس ترامب لا يصدق الوكالة الذرية الدولية، ولا قادة العالم السياسيين، ولا الخبراء في شؤون الذرة والسلاح النووي بشكل خاص، بل يصدق رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، ومسرحية امتلاك ايران لبرامج تصنيع سلاح نووي.
يمكن القول أن الرئيس ترامب، وحسب حالة الاعراب في قواعد اللغة العربية هو اسم "مجرور" بامتياز نحو مواجهة، ولربما نحو حروب دامية في المنطقة، والتي ستعرّض شعوب العالم كلها بشكل عام، وشعوب منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، للفوضى وعدم الاستقرار والدمار.
التساؤلاتت التي تطرح على كل معني بالسلم في العالم: متى سيتم وضع حد لهذه السياسة الاميركية التي هي سبب ويلات ومعاناة شعوب في العالم؟ ومتى ستتوقف الادارة الاميركية عن كونها "مجرورة" ومندفعة للسياسة الاسرائيلية القائمة على العدوان والتوسع والاستيطان؟ ومتى يستيقظ الشعب الاميركي من سباته ليُجبر الرئيس ترامب على قول الصدق، وان يكون جاراً ومستقلاً، وليس تابعاً ومجروراً لسياسة اسرائيل المعادية لكل المواثيق الدولية.
بقلم جاك يوسف خزمو
الناشر ورئيس التحرير / مجلة البيادر السياسي
القدس:9/5/2018