جوزبه دوسيتتي الراهب والناسك الايطالي هو في الحقيقة المناضل الايطالي الذي حارب ضد الفاشية والنازية في ايطاليا وكان فدائي ناضل ضد الفاشين والنازية ،وبعد ذلك تخرج من كلية الحقوق واصبح محاضراً في الجامعات الايطالية ، كان واحد من الشخصيات الأساسيه التي شاركت في كتابة الدستور الايطالي ويعتبر من اهم الأشخاص الذين كتبوا اجمل وأروع دستور في العالم.
كان من اهم الشخصيات السياسية الايطالية، وكان من ابرز رجال الحزب الديمقراطي المسيحي، كان عضواً في البرلمان الايطالي وتقلد مناصب اخرى ذات طابع سياسي في عدد من اللجان على المستوى الوطني.
ترك كل هذه المناصب ولبس ثوب الراهب وفي هذا المجال ابدع ايضا، حيث تم استدعاءه من قبل أشهر الاساقفه في اوروبا والذي كان يدعى جاكوموا ليركاروا اسقف مدينه بولونيا ،ليكن سكريتريه الخاص خلال عقد المجمع المسكوني الثاني ( الاجتماع الكنسي الثاني )، حيث شارك وبنشاط في عمل ذلك المؤتمر الكنسي ، يذكر ان الأسقف جاكومو كان من أشد المعارضين للحرب على فيتنام وهكذا امريكا عزلته وتخلصت منه هو الشخص الذي كان من المفروض ان يكون بابا الفاتيكان.
دوسيتتي من أشد واحرص الناس على السلم والسلام وخلال غزو لبنان وجه رساله شديدة اللهجهة الى الحكومة الاسرائيلية لانه كان ضد هذا العدوان، وبعد مذبحة صبرا وشاتيلا كتب من جديد رسالة مفتوحة الى رئيس حكومة الاحتلال يقول فيها "ان ما يراه في صبرا وشاتيلا لا يختلف عما فعله النازيون والفاشيون في إيطاليا "، اعتزل السياسة والتزم الصمت لمده ٣٠ عاما تقريبا وكرس حياته في التنسك وترك إيطاليا واستقر في عين عربك غرب مدينة رام الله في الكنيسة ، في اريحا وفي مأدبا في الاْردن .
يعتبر من مؤسسي الفكر السياسي الايطالي الحديث ، رجل سلم وسلام وعدالة واتباعة في إيطاليا اعداد كبيرة من المفكرين والمثقفين الإيطاليين.
حصل لي الشرف ان التقي به مرات عديده في مدينه بولونيا حيث كنا نتحاور في الامور السياسية الشرق أوسطية وخاصة القضية الفلسطينية.
مركزه هنا في جبال مدينة بولونيا حيث في جبل يدعى "جبل الشمس" قريب من منطقة اسمها مارزابوطو ، قرية صغيرة حيث دخل عليها الجيش الالماني واعدم كل سكانها ، يعني مثل مذبحه دير ياسين عندنا ، قبره في هذه المدينة حيث يزوره آلاف الأشخاص سنويا.
هذه الشخصيه الايطالية المرموقة والتي يكن لها كل الإيطاليين أقصى الاحترام والتقدير هو الذي كتب خطاب اسقف مدينه بولونيا جاكوموا ليرقارو لكي يقف في عام ١٩٦٨ في ساحه مدينة بولونيا الايطالية والتي كانت وما زالت تدعى المدينة الحمراء لانه يحكمها اليسار الايطالي منذ تحرير إيطاليا ، وقف اسقف هذا المدينة في الاول من شهر يناير ١٩٦٨، وقال باسم الله وباسم الدين لا نقبل هذه الحرب ونحن ضدها اي ضد حرب الفيتنام .
بعد هذا الخطاب الشهير لاسقف بولونيا ليركارو تدخلت الولايات المتحده مباشره بكل قوتها السياسية والدبلوماسية فضغطت على بابا الفاتيكان فقام هذا الأخير بعزل اسقف مدينه بولونيا، وهكذا قرر الناسك جوزبه دوسيتتي الذهاب الى الاراضي المقدسة لعباده الله فاستقر في عين عريك وأسس له رعيه ايضا في اريحا وفي مأدبا .
حصل لي الشرف ان اتعرف على هذه القامه الايطاليه وانا اقول الفلسطينية ايضا خلال اقامتي في مدينه بولونيا وفي قصر اسقف بولونيا ليركارو،و حيث قضيت معه العديد من الساعات كان بالنسبة لي الاب الروحي والمعلم تعلمت منه الكثير الكثير .
كم هي عظيمه تلك الامة التي لا تنسى علمائها وعظمائها ، نحن كشعب فلسطيني كم شخصية دينية لدينا من أمثال هذا الناسك الايطالي ؟ بعض الأسماء تخطر على بالي وأعرفها من أمثال المناضل كبوشي ، الاب عطالله حنا، المونسينيور ميشيل صباح ، الاب عبدالله برونيلا الخ .
اعتقد انه حان الاوان علينا للقيام بعمل مشروع تكريما لهذه الشخصية ولما قامت به وما يقوم به اتباعه من اجل نشر ثقافه السلام ومن اجل السلام في فلسطين، ومن اجل حق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام في وطنه كبقيه الشعوب ، ان نعرف الشعب الفلسطيني على هذه الشخصية من خلال المبادرات والندوات والأمسيات لنشر ثقافة السلام والتعايش السلمي، تكريسا له صرح او شارع باسمه .
وكم نحن اليوم بحاجه الى قامات من هذا النوع لتقف وتقول لامريكا لا كما فعل اسقف بولونيا وكما فعل دوسيتتي خلال غزو لبنان ومذابح صابرا وشاتيلا ، نحن عندنا قامات ورجال دين يمكنهم التوجه الى الغرب ليوضحوا الصوره لهم بما يحدث في فلسطين .
.بقلم د.ميلاد بصير
رئيس الجالية الفلسطينية اقليم ايمليا رومانيا –ايطاليا
الاتحاد الوطني الفلسطيني
12/5/2018