يحيي الفلسطينيون الذكرى السبعين للنكبة العربية الفلسطينية الكبرى التي حلت بهم، ليؤكدوا من جديد إصرارهم على حقهم في العودة والإستقلال والحرية أسوة ببقية شعوب الأرض، لكن ذكرى النكبة هذا العام تأتي بنكهة أمريكية خالصة، حيث يحتفل الكيان الصهيوني بذكرى إغتصابه لفلسطين وإقامة كيانه الإستعماري الإستيطاني العنصري، وتضفي الولايات المتحدة على هذه الذكرى المركبة والمزدوجة بين فرح الصهاينة بإنشاء كيانهم الفاشي وبين إصرار الفلسطينيين على إزالة آثار النكبة (نكهة أمريكية خالصة) في دعمها لكيان الإستيطان وتحديها للشعب الفلسطيني من خلال حفلها اليوم 14 /أيار/ 2018م بإفتتاح سفارتها لدى كيان الإغتصاب في مدينة القدس، معتبرة هذه المدينة عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب والمحتل، ضاربة بعرض الحائط قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على عدم جواز ضم أراضي الغير بالقوة، وعدم شرعية ضم الكيان الصهيوني لمدينة القدس الشرقية إلى كيانه الغاصب، ورفضها لكافة الإجراءات الإحتلالية الهادفة إلى تغيير معالمها العربية والإسلامية، بذلك تتحدى الإدارة الأمريكية اليوم الإرادة الدولية والعرب الفلسطينيين وتنحاز إلى جانب كيان الإستيطان الإستعماري في إحتفالها بإفتتاح سفارتها في القدس وإعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، لذا نقول أن النكبة اليوم تحل ذكراها السبعين بعيون ورؤى أمريكية، لتضع الولايات المتحدة نفسها في مواجهة الشعب الفلسطيني، الذي يرفض هذا الإنحياز والتواطئ غير المسبوق مع كيان الإستيطان الصهيوني، إن الولايات المتحدة تكون بهذه الخطوة قد أعلنت الحرب على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وفق تحديد وتعريف الأمم المتحدة لهذه الحقوق، لذا فقد اختارت الولايات المتحدة أن تكون راعية لكيان الإستيطان بدلاً من أن تكون راعية للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، ومعادية للسلام والأمن والإستقرار في المنطقة، مسقطة دورها الذي تتشدق به كراعية لعملية التفاوض لإقرار السلام بين الفلسطينيين وكيان الإستيطان ...!
إن هذا الإنحياز الأمريكي الأعمى يفرض على الأمم المتحدة وعلى كافة المنظومات الدولية، أن تقف إلى جانب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وأن تنتصر بالتالي للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأن تسعى إلى تبني مشروع فلسطين بإسقاط الإنفراد الأمريكي وفرض مؤتمر دولي متعدد الأطراف لرعاية العملية التفاوضية من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ...
اليوم الشعب الفلسطيني يعيد التأكيد من جديد على هذه الحقوق الثابتة، ويؤكد رفضه لإجراءات الكيان الصهيوني وللمواقف الأمريكية المنحازة لصالح إستمرار الإحتلال الصهيوني لأرضه، بمختلف وسائل التعبير وأوضحها المسيرات التي تنطلق اليوم داخل فلسطين وخارجها ويقف مع الشعب الفلسطيني كافة الدول الشقيقة والصديقة وأنصار السلام والحرية في كافة المجتمعات التي رفضت الظلم ورفضت الكارثة النكبة ونتائجها وتسعى لإزالة آثارها عن الشعب الفلسطيني، بدعمها له حتى يتمكن من تحقيق عودته وتقرير مصيره.
لقد أسمع الفلسطينيون العالم على مدى سبعين عاماً حقيقة نكبتهم وزيف الرواية الصهيونية الأمريكية وكشفوا زيف إدعاءاتهم بما لا يدع مجالاً للشك أن كيان الإستيطان يتجه بهذه السياسات والممارسات إلى إستمرار إحتلاله وتهديد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وأن الذي يشجعه على ذلك هو إنحياز الولايات المتحدة لصالحه في مواجهة الشعب الفلسطيني والقانون والشرعية الدولية، كل هذا الصلف الصهيوني والإنحياز الأمريكي لصالحه، لن يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة صبره وصموده وكفاحه حتى يحقق أهدافه ويستعيد حقوقه وكرامته، وإستعادة الحقيقة التاريخية والإجتماعية والسياسية والقانونية لوطنه فلسطين وعاصمته القدس .. قد يتأخر ذلك بعض الوقت .. لكنه سيأتي الوقت الذي يتحقق فيه ...
يرونه بعيداً ونراه قريباً وإنا لصادقون ...
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس