غضب يسود الأجواء الفلسطينية بكل تفاصيلها منذ بداية ذكرى يوم الأرض وحتى وصلنا الى ذكرى يوم النكبة , وما بين الأرض والنكبة هناك حالة تزامن مع الأحداث التي طرأت على المستويين المحلي والإقليمي , وهذا ما تسبب في الغضب الفلسطيني المستمر , فقبل أيام إشتعلت الجبهة بين سوريا وإيران وإسرائيل بالتزمن مع تطور مسيرات العودة بشكل ملحوظ , وقد تسببت في حالة تشتت للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية , وأيضا حالة التبجح التي يعيشها ترامب عندما قرر أن يفتتح السفارة الأمريكية في القدس بنفس اليوم الذي يحيي فيه الفلسطينيين ذكرى يوم النكبة , وهذا التبجح هو إعلان حرب في المنطقة بأكملها . ولكن وسط هذه الأحداث المتزامنة , أرى أننا كفلسطينيين غاضبون بما فيه الكفاية , ولكن لا زلنا في حالة تناقض واضحة في إدارة الصراع مع المحتل , وأيضا يسبق صراعنا مع المحتل صراعنا مع أنفسنا , فهناك خلل واضح في أدوات صراعنا يتمثل في إحتكار مسيرات العودة لطرف على حساب طرف , وأيضا يتمثل في إنحراف البوصلة حيث أصبحت مسيرات العودة تتجه الى الخسائر في صفوف الفلسطينيين أكثر من صفوف العدوا , فلا أدري هل هذا بسبب خلل في إدارة المسيرات من قبل الفصائل , أم هناك مخطط من الفصائل بدفع شبابنا الى خط النار بصدورهم العارية والهدف مكاسب حزبية , وسواء كانت هذه الخسائر في صفوفنا مخطط لها أو عفوية ناتجة عن عدم الخبرة فهذا لا يعفي الفصائل من المسئولية عن أرواح الناس .
إن الخسائر التي نتجت عن مسيرات العودة في صفوف الفلسطينيين كثيرة , فهناك قرابة العشر آلاف مصاب وخمسين شهيدا حتى هذه اللحظة , وما زاد الطين بلة عندما حرقنا معبرنا بأيدينا , معبر كرم أبو سالم "الشريان المغذي لقطاع غزة" فهل هذا إنجاز ؟ بالطبع لا .
عندما نتعامل مع مسيرات العودة كفكرة تعبر عن تلاحم وإصرار الشعب على حقه في الرجوع لأرضه فهذا جيد جدا , ولكن بين الخير والشر شعرة , فقد تتحول هذه الفكرة الجميلة من نعمة الى نقمة , بسبب الإهمال والإنقسام وعدم الإدارة الجيدة لهذه المسيرات .
أرى أن في هذا الوقت الحساس التي تجتمع فيه إحياء ذكرى النكبة وإفتتاح السفارة الأمريكية في القدس , سينتج عنه تداعيات خطيرة وقد تكون ليس لصالحنا , إذ لم ننتبه جيدا وندير الصراع بشكل موحد دون إقصاء لأحد , ودون التلاعب في الألفاظ , وترويج الشعارات الكبيرة والتي تدعوا المواطنين للدخول الى الأراضي المحتلة , فهل يعقل أن الفصائل الفلسطينية تقوم بدعوى المواطنين العزل لإقتحام الحدود , فلا أدري ما الهدف من ذلك , وفي حال حدث عمليات إقتحام للحدود فماذا سينتج عنها , ألم تسأل نفسها الفصائل هذا السؤال .
ومع ذلك وبغض النظر عن هدف الفصائل , فأنا لا أتوقع أن تتطور الأحداث كما روجت لها وسائل الإعلام , وتتم عملية إقتحام جماعية وخاصة بعد تهديدات الإحتلال والتعزيزات العسكرية على الحدود , فنحن سمعنا من قبل في عملية التجهيز لذكرى يوم الأرض قد سمعنا نفس الشعارات التي تدفع بالمواطنين الى إقتحام السلك بشكل جماعي , ولكن هذا لم يحدث , وما جرى هو عبارة عن عمليات تسلل محدودة من بعض الشباب .
فليس ضرورة بأن نصدق كل ما نسمعه من شعارات ومحاولات للترويج وتضخيم الأمور .
بقلم/ أشرف صالح