مجزرة القرن....واستخلاصات التجربة .

بقلم: وفيق زنداح

يوم عظيم بالعطاء ..... وتضحية ما بعدها تضحية .... وفداء من أجل الوطن وحريته ... اليوم ونحن بقمة عظمة العطاء لشعب الجبارين ...بقمة المواقف الوطنية الخالصة ..... دون أدني حسابات .....أو دراسة لأي ابعاد .... قمة لعظمة القرار الوطني للقوي السياسية الوطنية والاسلامية .... عظمة شعب أراد أن يؤكد على مدار تاريخه ...وحتى يومنا هذا الذي سقط فيه العشرات من الشهداء.... والالاف من الجرحى بفعل مجزرة وجريمة اسرائيلية ....قامت عليها دولة الكيان.... واحتفلت بها الولايات المتحدة بنقل سفارتها الي القدس عاصمتنا الأبدية .... فرحة المجرمين القتلة بنقل سفارتهم ... والتي قال فيها الرئيس عباس أنها بؤرة استيطانية امريكية .... وليس سفارة لدولة في أرض دولة أخري .... أمريكا المعادية ...والمنحازة ...والفاقدة لأهليه الرعاية والحيادية .... أفقدت نفسها لدورها وخصوصية رعايتها ....وأصبحت شريكا متحالفا مع الغاصب والقاتل ....ومع من يسفك الدماء ...ويقتل الابرياء .
مشاهد اليوم ...بكل عظمتها ...وتضحياتها ....وفدائها .... وانتمائها الوطني .....ترسم معالم خارطة وطنية انسانية لعشرات الشباب الفلسطيني الذين سقطوا شهداء لأجل شعبهم وحرية أرضهم ....ولأجل عودتهم الي وطنهم المسلوب ..... مشاهد لا تنسي ....ولا يمكن أن تمحي من الذاكرة ....ونحن نشاهد من يقرأ القرأن قبل الاستشهاد .... ومن يضحك مبتسما قبل استشهاده ..... ومن اصر بارادته على طلب الشهادة .... والموت في سبيل وطنه وحرية شعبه .
نماذج بطولية .... استشهادية .... للعشرات من الشهداء ....كما نماذج بطولية للألاف من الذين وقفوا بصدورهم العارية أمام الة العدوان والقتل الصهيوني ..... لا يهابون الموت ....ولا يهابون الة العدوان .
شعب مؤمن بقضيته .... وحقوقه .... وعدالتها .....شعب يؤكد على مدار تاريخ نكبته.... أنه سيبقي على الدوام بحالة دفاع ومقاومة لأجل حرية أرضه ....ونيل استقلاله .... وعودته الي ارضه المسلوبة .
اليوم ارتكبت مجزرة القرن على أيادي الصهاينة القتلة الذين أطلقوا نيرانهم ومدافعهم صوب المتظاهرين الامنيين .... من أطفال وشباب شيوخ ونساء.... والذين كانوا يواجهون الة القتل بصدورهم العارية ....ويصرخون بصوتهم المطالب بحريتهم ....ويرفعون اعلام وطنهم .... ويهتفون لأجل عودتهم ...وكسر حصارهم .
موقف وطني طبيعي .... أمام محتل غاصب ..... قام على ارتكاب مجزرة القرن بقتل العشرات ...وجرح الالاف ....دون أن يحسب حسابا لمحاسبة القانون الدولي .... ومحكمة الجنايات الدولية ...ودون أدني حساب للقرارات الاممية ومواقف الدول .
مجزرة ترتكب بهذا القرن .... وعلى أيادي قتلة في اطار كيان غاصب .... ومعترف به دوليا .... وضمن دول المنظومة الدولية ومؤسساتها ....والتي تحاسب وتقاضي كل من يخالف القانون الدولي الانساني .... وكل من يرتكب جرائم الحرب ..... وكل من يسلب حقوق الاخرين ...... وفي ظل مبدأ عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة .
مجزرة القرن الاسرائيلي الامريكي ....ترتكب بوضح النهار وأمام أعين العالم بأسره .....وأمام عدسات التلفزة الدولية .... دون ادني حساب ....ودون أدني محاسبة يمكن أن يحسب لها ....لمحاسبتهم على جرائمهم ومجازرهم.... التي ارتكبوها ضد شعب أعزل ...وشعب أراد أن يوصل رسالته السياسية والانسانية ....حتى يسمعها العالم بأسره ..... أن هنا في فلسطين شعب محتل .... وأن هنا في قطاع غزة 2 مليون فلسطيني يعيشون ظروف القهر والحرمان والفقر .... أن يوصلوا رسالتهم أن الحصار يجب أن يكسر ....وأن الاحتلال يجب أن يزول .... وأن العودة يجب أن تتحقق .
رسالة وطنية انسانية ..... لا نطالب فيها بقتل أحد .... ولا ندعو فيها الي ابادة أحد .... ولا نعمل من خلالها على اسالة دماء الامنيين في أي مكان .....حتى وان كانوا الغاصبين والمغتصبين ....رسالة سلام أراد شعبنا ايصالها لأجل تحقيق حريته واستقلاله .... وتحقيق مشروع دولته المستقلة بعاصمتها القدس .
أن تواجه الرسالة الفلسطينية بالرصاص والقذائف والموت للأبرياء ....أن تقابل الرسالة الفلسطينية بافتتاح مستوطنة أمريكية على أرض القدس العربية الفلسطينية ....ان تقابل الرسالة الفلسطينية بادارة الظهر لها ....والعمل على ما يتناقض معها .... يجعلنا امام موقف المراجعة واعادة الحسابات .... وتقييم التجربة..... بكل ما فيها وعليها ....وحتى ونحن بقمة وعظمة العطاء والتضحية .
يجب أن نتحدث مع أنفسنا ...وأن نحاور ذاتنا ....وأن نتمسك بحقوقنا ....وان نخلص لوطننا .
وقفة اليوم بكل العظمة والاستشهاد والتضحية .... التي نشاهدها .... تحتاج الي وقفة موضوعية ومتوازنة نحن بأمس الحاجة اليها..... لاستخلاص عبر ودروس الزمن الماضي .... وواقع الحاضر...والقادم الاخطر بالمستقبل .
ليس بوقفة اليوم التي نتحدث عنها ...تغطية أو تراجع .....او محاولة للتأثير على المعنويات العالية .... والارادة الصلبة ...ومحاولة زعزعة الثقة.... بل وقفة صادقة وأمينة ....شاملة برؤيتها ...وعميقة بفكرها .... ومستندة لتاريخ طويل .... وثقافة متراكمة .... واستخلاصات تجربة طويلة لدروس وعبر ....استخلصناها من تجربتنا ....ومن تجارب شعوب وثورات عالمية .... تعزز القناعات لدينا ....وتزيد من الوعي بفكرنا ....ومنهجيتنا ..... وأساليب نضالنا .
الناصحين أفضل من المطبلين ...والذين يعملون على استعادة الذاكرة ....أفضل بكثير من الذين يغيبونها..... والعاملون على قلب صفحات التاريخ ...وحتى امكانية تزييفه .... والاستفادة من دروسه .....أفضل من الذين يحاولون غلق الأبواب ....وطي صفحات التاريخ .... وتجارب الشعوب والثورات ...التي انتصرت وحققت حريتها .
نحن امتداد لتاريخ طويل ....ونضال مستمر ...وتضحية دائمة .... وفداء مسيرة كفاحية عمرها مائة عام وأكثر ..... ونحن نواجه الغزاه والمستعمرين والصهاينة ..... وأن يصل بنا الحال للوقوف بلحظة صدق .....أمام أنفسنا مسألة هامة وضرورة وطنية تاريخية ..... واستخلاص تجربة نضالية ..... وعلاقات وطنية ...لابد من اعادة صياغتها ..... بصورة سليمة ...وعلى قواعد ثابتة.... وفي ظل اجتهادات لا تخرج عن اطار المؤسسات الشرعية المعترف بها .
المراجعة والتقييم مسألة أساسية وطنية استراتيجية ....للعمل النضالي التحرري..... لأن الاستمرار بالسير دون وقفات ...ومراجعات قد يودي بنا الي المجهول ...... والي حيث تختلف الأولويات ....وتتناقض الحسابات .... ويزوغ منا التاريخ واستخلاصاته ...وعندها لا بنفع الندم ...كما لا ينفع تحميل الاخرين مسئولية الفشل .
شعبنا الفلسطيني بقمة وعظمة العطاء والتضحية والنضال التحرري ..... لكنه بحاجة الي تنظيم أكبر ... والي مقومات صمود قادرة على تلبية احتياجاته .... والي وعي وطني سياسي .... يمتلك من الأدوات والقدرات ما يمكن أن يحقق المكاسب .... والي اعلام وطني خالص .... يعزز من الوعي ....ولا يغيب الفكر .... والي فصائل وطنية واسلامية ..... تعمل على الوقوف أمام نفسها .... لمراجعة تاريخها ومواقفها ....وأن لا تستمر بألية عملها القديم ..... وبفكرها القائم ...وبإعلامها المبرمج .... دون أن تري ما حولها ....ودون أن تعرف ما تحت أقدامها .
مقالتي .... التي أتحدث بها ربما لا يسعفها الوقت والزمن ....وحجم التضحيات التي حدثت هذا اليوم .....ولا أريد الحديث والتغطية على عظمة يوم عظيم ...من التضحية والفداء ...والاستبسال .....ولا على يوم أسود بافتتاح مستوطنة أمريكية بالقدس العربية الفلسطينية ..... ولا حتى تغليب أى قضية على قضية الاجرام الصهيوني .... ومجزرة القرن التي ارتكبت اليوم ضد المدنيين الابرياء .... لكن الوقت سيأتي وسوف نتحدث عن العديد من العناويين .... التي لم أتطرق اليها والتي لها علاقة مباشرة بفصائل العمل الوطني والاسلامي .....كما لها علاقة بالإعلام الحزبي والرسمي ...كما لها علاقة بالوسائل النضالية وتعددها ..... كما لها علاقة بالحصاد السياسي والموقف الدولي
.... وقرارات الشرعية الدولية .... موضوعات عديدة كان لابد من التطرق اليها ....وحسم الرأي حولها .....في ظل ما ارتكب اليوم من مجزرة راح ضحيتها العشرات من خيرة أبناء شعبنا ....وجرح الالاف من أبناء هذا الوطن .
وللحديث بقية .

الكاتب : وفيق زنداح