منذ اندلاع مسيرات العودة في شهر آذار مارس الماضي ، راح كثيرون من روّاد السياسة و مواقع التواصل الاجتماعي ، يصفونها بأنها مقامرة كبرى تقود أهالي قطاع غزة نحو الحتف المحتوم ، و لعل من هؤلاء من راح يقول بأنها مسرحية تقوم بها حركة حماس للزج بالأطفال و النساء و المدنيين العُزّل من أجل المتاجرة بهم و بدمائهم ..
لم تكن مثل هذه التصريحات مريبة بقدر الردود عليها من قبل المناصرين لمسيرات العودة ، الذين راحوا يضيّعون أوقاتهم في الرد على مثل هذه الأقوال السامة التي لا تهدف إلّا إلى شق الصف ، و بث روح التثبيط في صفوف المتظاهرين ..
ليست هذه التصريحات بالجديدة معشر القُرّاء ، فهذه الظاهرة موجودة منذ عهد النبي محمد عليه الصلاة و السلام ، حيث كان هناك صنفٌ من الناس محسوب على النبي الكريم ، و على عموم المسلمين ، و لكنّ مهمّته تكمن في إحباط المقاتلين ، و نشر ثقافة التراجع ، لاسيما في مرحلة التجهيز و الإعداد ، تماماً كما يحدث اليوم في مسلسل الطعن بمسيرات العودة و دماء الشهداء هناك ، و بالتالي فإنّ الله تعالى أنزل في أمثال هؤلاء قرآناً يُتلى إلى قيام الساعة ، ليعرّيهم أمام البشرية جمعاء ، و ليخاطبنا بلغة الإيحاء و التورية أنّ هؤلاء ليسوا حِكراً في عهد الرسول الكريم ، بل ستطالعكم رائحة أفواههم الكريهة في كل زمانٍ و مكان ..
و خيرُ شاهدٍ على ذلك هو الزخم القرآني الذي تناولهم في سورة التوبة ، التي تُسمّى أيضاً بالفاضحة و الكاشفة التي أزاحت الستار عن وجوههم المتعرّقة خوفاً ، و كذلك في سور كثيرة من القرآن الكريم ، لاسيما سورة (المنافقون) التي سُمّيت باسمهم ..
و بالمقارنة بين ذرائع المنافقين السابقين في العهد النبوي ، و ذرائع المنافقين الجُدد ، فإننا سوف نترحّم على منافقي الزمن السابق الذين حافظوا على ماء وجوههم ، فراحوا يمارسون دورهم التثبيطي خفيةً و من دون مجاهرةً بنواياهم الحاقدة ، و لعل السبب في ذلك أنهم يعرفون تماماً أنّهم على باطل ، فيخجلون من الإدلاء بتصريحاتهم ، و في حال صرّحوا بها فإنهم يُلبِسونها ثوباً لفظياً مُحلّى ..
أمّا منافقو اليوم فإنّهم يرمون أقوالهم يمنةً و يسرة ، بدون تركيز على الإطلاق و بوقاحةٍ فجّة ليس لها مثيل على الإطلاق ..
فعلى سبيل المثال .. أولئك الذين راحوا يحصرون مسيرات العودة بمغامرةٍ تقودها حركة حماس ، و مسرحية هزلية لاطائل منها سوى المتاجرة بالدماء و الأرواح ، ألم يدرك هؤلاء أنّ قيادات حركة حماس و غير حماس قد شاركت أكثر من مرة في مسيرات العودة و اقتحمت الصفوف الأولى ؟! فكيف يغامر المرء بنفسه ؟!
ألم يسمع هؤلاء أنّ من بين شهداء مسيرات العودة ، أبناء لقياديين في فصائل فلسطينية متعددة ، فكيف يجازف المرء بولده و فلذة كبده طالما أنّ المسألة مجرد مسرحية عبثية ..
لو كان الكلام صحيحاً لوجدنا القادة في فنادق خمس نجوم ، و لوجدنا أبناءهم في مقاصف أوروبا و هنا و هناك ، لأن المنطق يقول أن يحمي الإنسان نفسه و ولده أولاً .. و لكنْ لا طائل ممن يردد كالببغاء بلا وعي أو بصيرة ..
هذا و إنّ عمليات الطعن بالمجاهدين بلغت من الوقاحة مراتب عليا لا تُطال ، لدرجة الارتماء بحضن العدو المحتل المغتصب ، تماماً كما حدثتني جدتي عن النفر الثلاثة الذين تسابقوا فيما بينهم ، أيّهم أكثر نذالة من البقية ، فعمد الأول إلة عجوز في الطريق فضربها و كثّف عمليات الضرب و الشتم ظنّاً منه أنه الأكثر نذالة ، و لكنْ هيهات .. فقام الثاني إلى العجوز ذاتها و طرحها أرضاً و بالَ عليها و انتشى انتشاء المنتصر في تلك المسابقة الغريبة .. و لكن هيهات .. ثم تقدم الثالث و بمجرد التصفيق اعتبر نفسه أنه الفائز دون أن يفعل شيئاً ، فاستغرب رفاقه ، ثم ابتسم ابتسامة الواثق بالنصر و قال : هذه العجوز هي أمي إنْ كنتم لا تعلمون ..
لتوضيح تفاصيل هذه القصة و زيادة .. دعونا نُصغِ إلى تنهيقة أحدهم في تويتر :
خالد الأشاعرة : ( كاتب سعودي ) ..
اللهم انصر بني إسرائيل على عدوك و عدوهم من الفلسطينيين .. اللهم شتت شملهم و بدّد جَمْعهم ..
فعلاً اللي استحوا ماتوا
بقلم/ عبد السلام فايز