من يستعرض المشهد الدولي اليوم في ظل التوترات الحاصلة على أكثر من جبهة، يلاحظ أن المحرك الأساسي لهذه الجبهات هو العنصر الأميركي، وهو بمناسبة وبدونها يقوم بتحريك أدواته في ساحات عديدة تمت تهيئتها منذ زمن بعيد وفق استراتيجيات ثابتة، كي تبقى تحت الطلب كلما دعت الحاجة إليها، لرفع منسوب حرارتها، واستثمارها بما يخدم السياسة الإمبريالية للولايات المتحدة.
ان ما يجري في فلسطين المحتلة، دليل على ان المعركة مع المشروع الصهيو امريكي تتصاعد في جميع هذه المواقع والساحات وخاصة في سوريا اضافة الى الاتفاق النووي الإيراني وصولا الى العقوبات بحق حزب الله ، وهذا يجري على مسمع كل العالم حيث يحضر الأميركي محراكاً للشر ، مستخدماً مقدرات بلاده لتسميم العلاقات الدولية، بدلاً من أن يكون طرفاً مساهماً في إشاعة الأمن والاستقرار في العالم.
ان نقل البؤرة الاستيطانية السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وما رافقه من إجرام وإرهاب صهيوني بحق الشباب الفلسطيني العزل، يتطلب ان يصح الضمير العالمي من غفلته ويمنع صرّاف البيت الأبيض دونالد ترامب من تحقيق حلم الصهاينة، بعد ان فقدت أميركا أي مصداقية واختارت أن تكون جزءاً من المشكلة لا الحل، وخسرت دور الوساطة في عملية السلام المنشودة والمستقبلية، ويعد انتهاكاً سافراً للقانون والشرعية الدوليين، فضلاً عن أنه اعتداء يستهدف الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية والوطنية للشعب الفلسطيني، ويقوض مكانة الأمم المتحدة وسيادة القانون الدولي، ويمثل بالتالي تهديداً للسلم والأمن الدوليين.
من هنا فقد عبر الشعب الفلسطيني عن ارادته العظيمة، ملتفا حول وحدته الوطنية مؤكدا ان التضحيات والدماء الزكية هي تشكل نبراسا لمواصلة مسيرة النضال حتى تحرير الارض والانسان .
في ظل هذه الظروف هل بعض العرب الذين يتخلون اليوم عن اقدس قضية ويذهبون الى سياسة التطبيع مع الاحتلال الذي يمارس ابشع جرائم العنصرية والفاشية بحق الشعب الفلسطيني، سيخرجون عن صمتهم ويعيدوا البوصلة بالاتجاه الصحيح ، لانه لا يوجد هناك صورة أوضح من هذه لحقيقة الصراع في أرض فلسطين، بين عصابات القتل الاستعمارية والشعب الفلسطيني الذي اختار الصمود والدفاع عن حقوقه، وتجاه هذه الجريمة لا يمكن التماس أي عذر لمن يتقاعس، فالكل الفلسطيني والعربي مطالب بالرد على هذه الجريمة ومعاقبة الاحتلال عليها وعلى ما سبقها من جرائم بحق هذا الشعب.
لذلك نرى من واجب كافة القوى والفصائل العمل على التقيد بقرارات المجلس الوطني الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة هذا العدوان الوحشي، ورسم استراتيجية وطنية تستند الى
المقاومة الشعبية و لكافة اشكال النضال بما فيها ملاحقة الاحتلال أمام المحاكم الدولية. وفي ظل هذه الاوضاع نطالب القوى والاحزاب العربية بتشكيل جبهة شعبية عربية لمواجهة المخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي الذي يستهدف قضية فلسطين والمنطقة ، ومطالبة الدول العربية بتوفير وتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني الذي يخوض معركته في مواجهة الاحتلال والمشروع الأمريكي في المنطقة .
ختاما : امام عظمة تضحيات شعبنا في غزة والضفة والقدس ، نقول ان ارادة الوحدة قادرة على قطع الطريق على المشروع الصهيو-أمريكي والمرتكز أساسًا على شطب حق العودة والقدس وتصفية القضية الفلسطينية، كما ان دماء الشهداء اعدت زخم القضية الفلسطينية الى مكانها في قلب الصراع .
بقلم/ عباس الجمعة