معين الساعي ... الشهيد والشاهد

بقلم: رامز مصطفى

في الخامس عشر من شهر أيار الجاري ، ومع مرور سبعين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني ، معين الساعي واحد من عشرات الآلاف الذين توجهوا إلى الشريط الذي يفصل قطاع غزة عن الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948 . وواحد من الواحد وستين شهيداً الذين سقطوا برصاص الفاشية " الإسرائيلية " المنفلتة من أي عقاب أو مساءلة بسبب الحماية التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني ، ليكون معين الساعي في ذاك اليوم الدامي الشهيد والشاهد .

معين الساعي ... من بين سائر شهداء مسيرة العودة الكبرى ، كان لوقع استشهادك وما رافقه من معاناة ومأساة ، هو الأكثر إيلاماً وقسوةً وحزناً ، تجعل قلوب سامعيها تتوقف عن الخفقان لهول الفاجعة ، لما تضمنته قصتك وما كتبته على صفحة التواصل الاجتماعي . لندرك أنك قد اختصرت حكايات وقصص عشرات الآلاف من أبناء شعبنا في قطاع غزة الرازحين تحت نير الحصار والعقوبات عللى حدٍ سواء . هذا الشعب المحاصر هو من خرج عن بكرة أبيه للمشاركة في مسيرة العودة الكبرى ، انتصاراً لحق عودتنا الذي لا عودة عنه مهما طال الزمن ، وغلت التضحيات وتعاظمت التحديات . ورفضاً لكل مخرجات النكبة والنكسة والتسليم بها كأمر واقع ، إن بقوة الحديد والنار والقتل والاعتقال " الإسرائيلي " ، أو بفعل اتفاقات أوسلو عام 1993 ، وما أنتجته من كارثة وطنية ، في الاعتراف بالكيان والتنازل عن 78 بالمائة من أرض فلسطين التاريخية .

لقد كتب معين الساعي في تغريدة على صفحته ، وقبل يومين من استشهاده ، قال فيها " ياعالم والله أريد بيع كلية من جسمي لسبب وهو معروف وليس للتجارة ، بل السبب هو أنني ليس لي عمل ، ومن أجل أن أوفر لقمة العيش لبناتي " . ومضيفاً " إنّ وضع غزة لا ولن يطاق من كل النواحي ، أرجو منكم ، كل من يريد شراء كلية يتصل على أرقام هاتفي . الرجاء نشر هذا المنشور إلى كل العالم أرجوكم ، والله على ما أقول شهيد وأنا في كامل قواي العقلية ، ومن أجل أطفالي وبناتي ، لوضع البسمة على وجوههم فمن يشاكرني المنشور ، لربما يصل إلى أي ضمير حي وقلب فيه رحمة " .

الشهيد معين الساعي ... قضيت تاركاً وراءك أطفالك ، الذين حاولت إسعادهم ، وإدخال السرور إليهم ، إذا ما وفقتَ في بيع كليتك ، وهي كما قلت : ليست بهدف التجارة ، بل لتحمي عائلتك من غدر الزمن وظلمه .

الشاهد معين الساعي ... أنت صدى لأنين الآلاف من الجوعى والمحتاجين من أبناء قطاعنا الذي دفع ويدفع من دم أبنائه بهدف كسر حصار الصهاينة ... وحسبه سؤال كبير ، من يكسر حصار عقوبات ظلم ذوي القربى ، وظلمهم الأشدُّ مضاضةً ؟ .

بقلم/ رامز مصطفى