ماذا قالت القطة لابنها الصغير؟

بقلم: فايز أبو شمالة

تفاجأ القط الصغير بأنني أسِدُّ عليه سبل النزول عن الدرج، وتحير في كيفية النجاة من الورطة التي وقع فيها، لقد خاف القط الصغير، وارتبك، ولكنه لم يستسلم، ولم ينكس رأسه ذليلاً، فواصل الصعود، حتى وجد ثغرة، وبعد تردد، قرر القط الصغير أن يقفز من ارتفاع عدة أمتار!

لقد أشفقت على القط الصغير وهو يحاول الهرب، وأشفقت عليه حين تسرع بالقفز والسقوط على الأرض، ولكن شفقة أمه القطة عليه كان أكثر، فقد جاءت إليه مسرعة، وهي تموء، وتطوف من حوله، وتشم رائحته، وتلمسه بلسانها، وتكرر المواء!!

ترى؛ ماذا قالت القطة لابنها؟

هل قالت له: كيف حالك يا صغيري، سلامتك، هل أنت بخير، كيف حال مفاصلك، وأضلاعكم، لقد تقطع قلبي عليك؟

هل لامت القطة ابنها الصغير، وأنّبته، وقالت له: لماذا خفت، لماذا ارتبكت، لماذا تسرعت وقفزت من هذا المرتفع، وأنت صغير، لم تتدرب بعد؟!

أم قالت له: لماذا هربت؟ لماذا لم تثبت في مكانك؟ لماذا لم تدافع عن نفسك إذا حاول أحد أن يعتدي عليك؟

أم هل قالت القطة لابنها: أنت جرئ يا صغيري، وشجاع، لقد تصرفت بحكمة وفطنة، إياك أن تتهيب من ركوب الصعاب، الحياة تحتاج منك إلى المغامرة والقفز والمخاطرة؟.

هل اهتمت القطة بسلامة صغيرها فقط أم ناقشت معه التجربة، ودرست معه أنجع سبل العمل والمواجهة إذا أطبق عليه الخطر من كل جانب؟

ماذا قالت القطة لابنها؟

تمنيت معرفة اللغة التي تحدثت فيها القطة مع صغيرها، تمنيت لو تعلمت القيادة الفلسطينية درس البقاء من القط الصغير، الذي رفض الاستسلام، ورفض الخنوع، وقرر أن يخوض معركة الوجود على هذه الأرض بقوة القفز وشجاعة القرار، ولم ينكسر لا جسدياً ولا معنوياً.

 

د. فايز أبو شمالة