على أبناء جلدتهم يعتب الأسرى، ولهم الحق في ذلك، فما قدمه الأسرى من أجل الوطن لم يكن لمصالح شخصية، ولم يكن يهدف إلا لتحرير هذا التراب من الغاصبين، لذلك هم قدموا، وينتظرون من شعبهم الوفاء، والاهتمام والتقدير، والتعاضد في الملمات، وهم يعرفون أن شباب فلسطين هم سندهم ودرعهم في مواجهة الغطرسة والبطش الصهيوني، ولولا غضب الشعب الفلسطيني وثورته لمارس الصهاينة ضد الأسرى الفلسطينيين كل أشكال القتل والعذاب بلا رادع أخلاقي.
الأسرى الفلسطينيون يجمعون في أحاديثهم ان زميلهم الأسير عزيز عويسات قد تمت تصفيته من قبل إدارة السجون بشكل متعمد، ويعتبرون تصفية سجين محكوم لمدة 30 سنة، بداية تطبيق قانون الإعدام الذي شرعته الكنسيت الإسرائيلية بخصوص الأسرى، ويؤكدون أن ابن جبل الكبر في القدس عزيز عويسات قد تمرد على إدارة السجن، وإنه تلقى تهديداً مباشراً من مدير أمن سجن إيشل الضابط الإسرائيلي "دودو عطية"، والذي مارس العنف والبطش والتنكيل ضدهم، وهو الذي توعد الأسير عزيز دويكات بالتصفية؛ بعد أن أقدم الأسير عويسات على رش الماء الساخن في وجه أحد السجانين الصهاينة بتاريخ 2/5 من هذا العام، لتتم تصفيته بعدها بعدة أيام؟
لقد حاولت إدارة السجن أن تتبرأ من المسؤولية، وادعت أن نوبة قلبية قد ألمت بالسجين، وذلك هو سبب الوفاة، ولكن هذا الادعاء بحد ذاته يلقي بالمسؤولية على إدارة السجون نفسها، وهي التي تعرف جيداً حالة الأسير الصحية ، وتعرف انه يعاني من مشاكل في القلب، وأنه اجريت له عملية قلب مفتوح عام 1998، وعملية قسطرة عام 2003، وتعرف إدارة السجن تفاصيل حالته الصحية منذ اعتقاله عام 2014، ومع ذلك أهملت الضباط الإسرائيليون كل هذه التفاصيل، وقاموا بالاعتداء عليه بالضرب المتواصل لعدة أيام، ومن ثم أهملوه في إحدى الزنازين كي يواجه مصيره وحيداً.
لا شك أن الساحة الفلسطينية مشغولة بمسيرات العودة، والمواجهات في غزة، ولكن هذا الانشغال لا يحول دون بلورة تحرك فلسطيني داعم للأسرى في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وفلسطيني 48، بما في ذلك الإلحاح على منظمات حقوق الإنسان للقيام بواجبهم إزاء هذه القضية السياسية والقانونية والإنسانية، والمطالبة بالتحقيق الدولي، والمعاينة الميدانية، والاستماع للشهود من الأسرى، والتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في الظروف والملابسات التي أودت بحياة الأسير عزيز عويسات.
جبل المكبر لن ينسى الأسير الشهيد عزيزعويسات، والقدس كلها لن تغفر للقتلة، وجماهير الضفة الغربية وغزة ما خانوا الأمانة يوماً، وهم على موعد والغضب الشعبي العارم ضد صلف المحتلين.
د. فايز أبو شمالة