غزة ....لن يبتلعها البحر!!.

بقلم: وفيق زنداح

كانت أمنية اسحاق رابين صاحب سياسة تكسير العظام أن يصحوا من نومه .....ليري غزة وقد ابتلعها البحر !!.
ليس رابين وحدة الذي تمني أن يبتلع البحر غزة وأهلها ....بل الكثير من قادة الاحتلال وجنرالاته كانت امنياتهم تتعدي حدود القانون والانسانية ....وضرورة الخلاص والقضاء ...وشطب غزة عن الخارطة .
تمنيات وأحلام حاقدة لكوابيس سوداء ...... مضمونها عنصري وارهابي .... كانت تسجل عبر عقود الاحتلال ....ولا زالت تترجم أحقادها وغطرستها وارهابها ..... بطرق ووسائل عديدة .
وكما كانت أحلام رابين .....كانت أحلام ديان وشارون بالقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وقوات الثورة الفلسطينية .....وأن تكون (كالبيضة ) ليتم تهشيمها وقتما شاءوا ..... وأن يتم القبض على قادة المنظمة ووضعهم بقفص حديدي ..... ويتم التجول بهم بشوارع بيروت ..... ليري العالم استسلامهم !! ..... تاريخ أسود من الكراهية والعنصرية وممارسة الجرائم والمجازر الارهابية ..... ولا زالت القضية الفلسطينية تعيش نبض الحياة ..... وباقية على مطالبها .... والتمسك بعدالة حقوقها ..... وبإقرار دولي .... وباستثناء أمريكي .
وحتى لا نسود الصورة .... ما بعد مسيرة كفاح طويل .... سقط فيها من الشهداء والجرحى والاسري ....عشرات الالاف في واقع مسيرة نضال شعب عظيم ....لا زال على ايمانه وعزيمته واصراره ....الا أن هذا الشعب الذي تحمل الكثير ....وصبر على الامه وأزماته ولا زال .....لا يريد أن يصل به الحال الي تسويد صورة المشهد ..... وان كنا قد اقتربنا كثيرا من ذلك .....ولا نريد أن نصل لحالة يأس عميق ....واحباط ملازم .....يفقدنا الآمال.... ويزعزع من طموحاتنا الوطنية .
وحتى لا نصل لمرحلة الندم ..... على ما تم تقديمه ....والتضحية به عبر مسيرة كفاحية طويلة ..... وحتى نبقي على عدم نشر الغسيل على الحبال الملتفة حولنا وبداخلنا ...... ليري القريب والبعيد صورة ما نحن فيه ..... وما نحن عليه ..... وما وصلنا اليه ..... من مأسي وكوارث وأزمات .
سيبقي السؤال المطروح بقوة ....ولكل من يمتلك القرار ويتحمل المسئولية ..... هل تريدون غزة وأهلها ؟! ..... السؤال واضح وصريح ....والمطلوب اجابة واضحة وشافية وقاطعة .
اذا كنتم تريدون غزة وأهلها .....فهذا الجواب له متطلباته وحقوقه ..... وان كنتم لا تريدون فلكل مقام مقال.... ولكل حادثة حديث ..... وعلى الأقل لنجعل الرد للتاريخ .
وطالما نتحدث عن التاريخ ....فان غزة من تأسس على أرضها .... كل ما هو وطني ما بعد نكبة عام 48 والتاريخ حافل .... ويحتاج الي الاف الصفحات للكتابة عنها .
غزة .... الأساس والمؤسس ....والتي قدمت التضحيات على مدار عقود النكبة وحتي الان ......لا تستحق ما يجري بحقها .....ولا تستحق أن تقف على الأبواب .... وتتسول لقمة عيشها ....ولقمة حياة أبنائها .
غزة الكريمة بدماء أبنائها .....وبجهود رجالها وعائلاتها ..... والتي يعرفها الجميع ....لا تستحق أن تقف على قارعة الطريق ..... وأن ترسل المناشدات .....وأن تطالب أصحاب الضمائر .... وأن تتحدث عن نفسها .....بأكثر ما كتب عنها ..... وما بداخل الذاكرة والاجيال والموروث الثقافي لشعبنا .
غزة هاشم ..... أصابها من الالم ....من الأقرباء والأخوة أكثر من الأعداء ...... أصابها من الجرح بكرامتها وشهامتها وانسانيتها ....حتى قاربت على الجوع .....والحرمان والامراض .....التي اصابت البعض والتي ليس لها علاج .
لا نريد أن نصل ال استخلاصات ونتائج..... أننا لا نستطيع ....ولا نمتلك مقومات وأدوات الحكم ....واننا بحكم التجربة قد أصابنا الفشل والعجز وعدم المقدرة ...... ولا نريد أن نصل الي مرحلة أننا نتجبر على بعضنا ولا نرحم أنفسنا ....ونضيق الخناق على بعضنا .....بل نريد أن نصل لمرحلة ان ما يطلق من شعارات أصبحت بالهواء ..... وأن سياسة المزايدات ......ومحاولة تحميل الاخر مسئولية ما الت اليه الامور ....دون تحمل الجميع للمسئولية ....مسألة تعبر عن تخلي واضح عن روح المسئولية الوطنية والتاريخية ....كما اننا لا نريد أن نصل الي خطورة مرحلة كراهية الجنسية ..... وزعزعة الانتماء بالوطن .... والشعور بحالة الاغتراب .... ومدي المخاطر والاخطار التي يمكن أن تصيب المجتمع نتيجة جهل المتحكمين ....الذين لا يمتلكون قدرة تحسين أحوال الناس ..... ولا حتى قدرة تحسين أحوالهم ...... وكأننا قد أصبنا بالعجز والشلل وعدم المقدرة .
اذا كانت غزة المؤسسة والاساس لتاريخنا الوطني ...وعبر عقود طويلة يحاولون ايصالها الي مرحلة التسول..... وانتهاك الكرامة والعزة والشرف ..... فهل سيبقي ما يقال بعد ذلك ؟!! ...... لم نعد نقبل بالمزايدين وأصحاب الشعارات بطول وعرض الوطن ....لم نعد نسمعهم ولا نريد الاصغاء لهم .....ولا حتى القبول بما يقولون .....في ظل ما نشاهد ...... من حالات الفلتان .....والادمان..... والانتحار ...... والسقوط الاخلاقي ....وبيع النفس والجسد لأجل لقمة العيش ..... حتى أننا قد وصل بنا الحال لحالات شاذة ....وغير مقبولة ومرفوضة بالمطلق ...... من خلال الشجار العائلي ....وحتى قتل الابناء والاباء والامهات .
مشهد فيه الكثير من الانتهاك للحقوق .....وفيه الكثير من اضاعة الكرامات .....وتدنيس الانسانية والاخلاق ..... وحتى العادات والتقاليد التي تربينا عليها .
دولة الكيان لم تستطع بكل قوتها العسكرية ....ومخططاتها التامرية ....وحليفتها أمريكا من اسقاطنا وتركيعنا واستسلامنا .
حتى وجدنا انفسنا أمام مخطط هدم الذات ....وفقدان الثقة .... وتعزيز ثقافة الشك ...وحتى عدم الايمان بكل ما يقال..... وهذا من أخطر ما يمكن أن يكون .
يبدو ان هناك قوة كامنة لدي البعض القليل .......ممن يمتلكون القرار وقوة التنفيذ لاحداث الخراب والهدم والتشتيت ....وزراعة اليأس والاحباط ....وتعميق الضياع والحرمان ....وفقدان الامال ....حتى نضل الطريق ...ونسير بالصحراء .
غزة هاشم ..... لن تسامح من أساء لها ..... ومن لم يرحمها .... ومن لم يمد يد المساعدة لها ....فهناك أجيال عديدة قد فقدت مستقبلها ..... وهناك العديد من الشباب الذي ضاع مستقبله ....ودخل بعالم الجريمة والادمان ..... في ظل مجتمع لا يلتفت الي سلبياته ..... ولا يلتفت الي أدني معالجة ممكنة ...... ولا يتابع فقرائه ....ولا يتابع أحواله بكافة تفاصيلها.
كل شيء متروك ....للصدفة وردة الفعل ..... وكأن المجتمع ليس له رأس ....كما ليس له من يتحمل مسئوليته .
ستبقي غزة ..... العزة والكرامة ....ولن يبتلعها البحر ....حتى ولو أكل السمك لحم أبنائها ..... ولن تمر صفقة القرن ..... وما يسمي بالسلام الاقتصادي والاقليمي على حساب قضيتنا وحقوقنا ..... لن نقبل نحن أبناء فلسطين أن تكون البداية غزة ..... مرورا بالقدس ....والنهاية لكل الوطن المقسم..... والمتباعد بقلوب ساسته ..... وعقولهم وفكرهم .
الفشل واقع ويملأ السماء والارض ....وعلى جوانب الطرق ...وحتى بداخلنا..... وهذا الأخطر القادم .... الذي يصعب علينا أن نتفاعل وأن نجيد الحسابات الداخلية والخارجية .
ولا نعرف الي متي سيبقي المزاد مفتوحا ....والمزايدات متواصلة ....ونحن قد وصلنا الي أسوأ حال ؟! .
الكاتب : وفيق زنداح