بانتظار إقرار مرشح الجبهة في الناصرة

بقلم: نبيل عودة

  • تحدثت قبل الانتخابات السابقة مع أوساط من الجبهة، وقلت انه إذا رشح رامز جرايسي نفسه سيفشل. معلومات تتحدث انهم يفكرون بترشيحه مرة أخرى للجولة الجديدة!!
  • حذرت ان لا يهدموا الجسور بينهم وبين علي سلام، بعد ان قامت الجبهة بإبعاده بطريقة لا تليق بمن خدم مدينة الناصرة تحت رايات الجبهة لأكثر من 20 سنة.
  • كان يجب ان تصوتوا مع إقرار الميزانية وان تنتقدوا ما ترونه قصورا فيها. هكذا يتصرف العاقلون سياسيا، حتى هذه العقلانية تخليتم عنها.

********

تعيدني الذاكرة لانتخابات بلدية الناصرة السابقة، وكنت بوضوح، من داعمي الجبهة ومرشحها رامز جرايسي رغم ان شخصيات صبيانية في الحزب الشيوعي وجبهته ناصبوني العداء والرفض منذ آخر ثلاثة معارك انتخابية لبلدية الناصرة، وامتنعت "الاتحاد" عن نشر مقالاتي. طبعا جريدة الاتحاد نشرت مختلف الأخبار لكن لم يكن هناك من يكتب المقال الانتخابي الخاص بالناصرة، تركت المهمة لنبيل عودة، واعتقد أني قمت بها بشكل ممتاز. بل وانتشرت مقالاتي حتى في القرى العربية عبر نقلها عن الانترنت، كمقالات تعبر عن الضمير الحي لكل مواطن عربي. وغني عن القول إني تلقيت واتلقى حتى اليوم الكثير من المكالمات التلفونية وايقافي في الشارع لمدح مقالاتي وبعضهم يريدون ان يفهموا حقيقة ما جرى بيني وبين الجبهة وما سبب مقاطعتي من صحيفة "الاتحاد". 

بعد ان نشرت مقالا نقديا حادا عن مقاطعتي في الانتخابات السابقة، جرى اجتماع عاجل معي من المقربين لرئيس البلدية ومرشح الجبهة آنذاك رامز جرايسي وبإيعازه الشخصي، اسفرت عن نشر مقال واحد من بين أكثر من 25 مقالا نشرتهم دعما للجبهة ومرشحها. ومع قرار إعادة الجولة الانتخابية لرئاسة البلدية قررت الصمت لمصلحة المعركة الانتخابية.

الأهم من ذلك أني تحدثت مع أصدقاء من الجبهة والحزب، وقلت لهم بوضوح، قبل ترشيح رامز جرايسي، انه إذا رشح نفسه سيفشل، رؤيتي كانت ان الجبهة يجب ان تطرح للمنافسة على الرئاسة امرأة، حان الوقت لإجراء تغيير جذري، وان رامز استنفذ دوره، وسيرتكب خطأ كبيرا اذا قبل ان يخوض معركة الانتخابات بمواجهة علي سلام.

أمرا آخر حذرت منه، بمقالاتي، وحديثي الشخصي، ان لا يهدموا الجسور بينهم وبين علي سلام، الذي رشح نفسه لرئاسة البلدية بعد ان قامت الجبهة بإبعاده بطريقة لا تليق بمن خدم مدينة الناصرة تحت رايات الجبهة لأكثر من 20 سنة، نائبا للرئيس وقائما بأعماله. قلت: لن يكون لكم أي تبرير حول ابعاده، ولتلاشي نتائج تصرفكم المهين معه، على رامز ان لا يترشح مرة أخرى، وان تختار الجبهة امرأة لرئاسة القائمة الجبهوية. لسبب بسيط إني لا أرى أي مرشح ملائم من صفوف الجبهة من ضمن الأسماء المعروفة آنذاك .. وهذا الوضع ازداد تأزما.

طبعا كلام نبيل عودة لا ينصت اليه أصحاب القرار، وكنت بعيدا عن التأثير، وربما لو حاولت عرض رأيي على القيادات التعبانة التي اتخذت قراراتها المتهالكة غير العقلانية، لتعمق العداء والتهجم الشخصي، وكانت حصة من النقد لأصدقاء ورفاق لي من أيام نشاطي في الشبيبة الشيوعية والحزب والجبهة، لأنهم جلسوا بجانبي، او وقفوا يتحدثون معي قبل بدء اجتماع الجبهة .. هذا يظهر كم يفتقد كادر الجبهة للقدرة على التفكير السليم، ويعيشون بوهم قاتل، ان العتمة ستبقى على قدر يد الحرامي وبغباء يحسدوا عليه ومن قصورهم في فهم التغيير العميق الذي يجري في الناصرة.

استمرار مقاطعتي دفعني لقرار ليس سهلا، وهو ان استمرار ارتباطي بهذا الجسم السياسي وصل نهايته، ليس لأنهم يرون بي شخصا غير مرغوب فيه، بل فكريا أيضا، وتنظيميا أيضا، بدأت المس انهم يعيشون في كوكب المريخ، وليس في وسط الجماهير العربية في اسرائيل، وبعيدين تماما عن فهم اسقاطات تصرفاتهم على الجمهور النصراوي.

طبعا هناك عصافير تغرد ضد نبيل عودة، لكن تغريدها نشاز ويفتقد لأبسط مقومات فهم ما يكتب نبيل عودة .. وبعض المغردين تجاوزوا الأمر الى التشهير الذي يعاقب عليه القانون ..

انتصار علي سلام لم يفاجئني، كان بالنسبة لي متوقعا، خاصة بعد قرار اجراء انتخابات معادة لرئاسة البلدية، اعتكفت ولم اكتب ولم اتردد بأن أكون من أوائل المهنئين بفوز علي سلام. هذا خيار اهل الناصرة، هذا خيار ديموقراطي، وبفارق أصوات كبير جدا.

كان من واجبي ان انشط الى جانب إدارة البلدية الجديدة، ليس لأني عدو للجبهة، انما لان ما يجري داخل الجبهة مخل بكل ذرة منطق. كان عليهم ان يقبلوا الحسم الانتخابي، ان يهنؤوا علي سلام، وان يمدوا أيديهم للتعاون معه من اجل مدينة الناصرة، وليس مناصبته العداء والتصرفات الهوجاء لعرقلة نشاط البلدية التطويري، وأبرز ما فيها عرقلة إقرار الميزانيات التي لا تطوير بدونها ويمكن ان تقود لحل المجلس البلدي، رغم ان الميزانيات المقترحة تتجاوز كثيرا ميزانيات الجبهة السابقة .. فهل كانوا يخربون مع الإصرار والتصميم؟

طبعا نحن مقبلون على دورة انتخابات جديدة، انتصار علي سلام ليس موضوع شك. لكن من المؤسف ان الجبهة لم تستوعب بعدان تاريخها البلدي انتهى، ليس في الناصرة فقط، بل في أكثر من 15 سلطة محلية في الوسط العربي، هل كان علي سلام وراء فشلكم؟ ام فشلكم ناتج من تفكيركم وعداءكم لحلفائكم؟

حتى اليوم تبرزون بوضع غريب عجيب، الجبهة انتخبت مرشحها (مصعب دخان)، لكن اعلامكم يتجاهله. ومعلومات جديدة تتسرب لي ان الجبهة تفكر بمرشح توافقي آخر، وآخر ما وصلني انهم يفكرون بإعادة ترشيح رامز جرايسي. مع كل احترامي للمهندس رامز جرايسي وتقييمي الكبير لدوره كرئيس بلدية الناصرة خلال فترة طويلة بل وكان له الدور الكبير حين كان أيضا قائما بأعمال رئيس البلدية المرحوم توفيق زياد. لا أحد ينكر الحقائق، اما إعادة ترشيحه فقد رأيت خطأ ترشيحه في الانتخابات السابقة، ولا اعتقد ان رامز سيقبل، لأني حسب تفكيري اعرف ان رامز انسان واقعي وملم بظروف مدينة الناصرة، وبالتطورات التي جرت خلال الدورة البلدية السابقة برئاسة علي سلام. والأهم انه خدم مدينة الناصرة لفترة طويلة وحان الوقت ليفتح الطريق للآخرين.

علي سلام نجح بفتح كل الأبواب المغلقة امام الجمهور. هذه نقلة نوعية غيرت الكثير من واقع البلدية. الى جانب ان عملية التطوير لم تتوقف، بل تتوسع باضطراد وبنوعية جديدة. الناصرة تتغير، هناك إشكاليات يجري حلها، مدينة الناصرة لها مبناها الخاص، لها مشاكل مركبة يجري علاجها، كلنا نحلم بمدينة مفتوحة، لكن عدد السكان تضاعف مرات كثيرة لمدينة تفتقد لمساحات أراضي، وما يقدم لها لا يسد احتياجات المدينة، وهذا ليس بيد رئيس البلدية، هناك اتصالات مع الوزارات المختلفة لإيجاد حلول للكثير من المعاضل والقضايا المتعلقة بالتطوير والأمان والأمن للناصرة ومواطنيها. هذا من جهة، من جهة أخرى على رئيس البلدية ان يواجه العداء من داخل البلدية وخطط افشال نشاط البلدية التطويري .. الذي تقوده الجبهة بلا خجل، رغم انه يتناقض بشكل مطلق مع المنطق السياسي والاجتماعي الذي يتمسك به الحزب الشيوعي وجبهته.

ماذا يمكن ان نستنتج من اسقاط ميزانية بلدية الناصرة؟

الاستنتاج بسيط، يجب افشال علي سلام. افشال الميزانية سيعود بالخير على الجبهة. تفكير عقيم وصبياني ولا يليق بمن يدعي الغيرة على مصالح الناصرة، كان يجب ان تصوتوا مع إقرار الميزانية وان تنتقدوا ما ترونه قصورا فيها. هكذا يتصرف العاقلون سياسيا، حتى هذه العقلانية تخليتم عنها.

هذا تفكير وتصرف صبيان وليس تفكير من يريد ان يرى الناصرة بصف المدن المتطورة.

علي سلام اختاره شعب الناصرة بأكثرية 11 ألف صوت عن مرشح الجبهة، التصويت ضد الميزانية وشل نشاط البلدية التطويري هو تصرف أخرق، نتاج تفكير صبياني، لن يمر بدون عقاب من مواطني الناصرة ضد من أفشل الميزانية.

ان استعراض نشاط البلدية في فترتها الراهنة يظهر الكم الواسع جدا من المشاريع العمرانية. هل لديكم أي انتقاد على انشاء المبنى الجديد للبلدية مثلا؟ هل لديكم انتقاد على بناء القصر الثقافي الجديد بقرب مبنى البلدية؟

هل ترفضون تطوير شبكات الخدمات في الناصرة من كل أنواعها، بدءا من الطرق وحتى شبكات المياه وبناء المدارس وتوفير مختلف الخدمات للمواطنين؟

أحاول ان افهم تفكيركم، لكنكم فقدتم الاتجاه وتتعثرون بطريق تتناقض مع جوهر المبادئ التي كنتم تنادون بها.  

 

بقلم: نبيل عودة

[email protected]