الرجل السبعيني والرجل الثلاثيني والازمات الدولية

بقلم: سميح خلف

من لا يأخذ بالاعتبار او الحسبان ما يدور في شبة القارة الكورية  وتأثيره على خارطة القوى والصراعات والازمات في العالم فانه سيتخلف اميال عن صناعة القرار السياسي والامني ومستقبل النظام الدولي  القادم ، فهل ستنتهي حالة الحرب بين الكوريتين التي والتي ولدتا بجغرافيا سياسية بعد الحرب الكورية في اوائل الخمسينات وهل ستتغير الخريطة الامنية والسياسية والاقتصادية بين الصين التي دعمت كوريا الشمالية  اذا ما توصل الطرف الامريكي مع الطرف الكوري الى اتفاق مباديء او وثيقة مباديء ينهي الحالة من الصراع دامت في تصاعد منذ مؤسس كوريا الشمالية الجد والاب وصولا وتصعيدا منجزا من زعيمها الحالي كيم ..؟؟ وما تأثير ذلك  على امريكا ونشاطاتها في العالم بعد سحب الاعتراف بالاتفاق 5+1 مع ايران  والعقوبات الامريكية  على الشركات الاوروبية العاملة في ايران  والعقوبات الاقتصادية الاخرى ..؟؟ الى النشاطات الاقليمية والاسرائيلية  المواجهة لايران والتي تشكك بالتزام ايران بخصوص اليورانيوم المنضب،ما هو موقف القوى المناهضة لامريكا في العالم وخاصة تلك الدول التي تقف معها كوريا  مثل فانزولا وايران ، وما هو مستقبل العلاقة بين كوريا والفلسطينيين وموقفها من اسرائيل ، معادلات واسئلة يتم صياغتها والاجابة عليها  تتوقف على مدى نجاح اللقاء ليلة امس بين ترامب وكيم .

 

كان اللقاء في سنغافورة في فجر ليلة الجمعة الساعة الرابعة بتوقيت القدس بين السبعيني والثلاثيني  بابتسامات عريضة وكأن الدبلوماسيتين المحضرتين لهذا اللقاء قد حققتا نجاحا في الاعداد لبنود هذا اللقاء الذي يشكل عاصفة دولية   بين من نعته رئيس كوريا "" بالمجنون "" وبين من نعته رئيس امريكا " برجل الصواريخ "".

منذ تولي كيم لزعامة كوريا الشمالية خلفا لوالده ازدادت حدة التوتر بينه وبين امريكا  نتيجة تكثيف التجارب النووية والصواريخ البلاستية العابرة للقارات والتي تحمل رؤوس نووية والتي تطال المدن الامريكية  وتجربتين لقنبلتين هيدروجينيتين  ولم يتوانى كيم ردا على عجرفة ترامب  واعلام كوريا الشمالية  بتهديد امريكا بضربها نوويا  اذا ما فكرت  امريكا عن طريق كوريا الجنوبية بشن هجوم عليها .

نقطة التحول التي بادر فيها ترامب اثناء زيارته للصين حين قال انني اعجب برئيس كوريا الشمالية  وبوساطه  صينية قد تبلورت فكرة اللقاء بين ترامب وكيم ، الصين لم تتخيل ان ينجز هذا اللقاء وبهذه السرعة ، فالصين حذرة ويصيبها الارق بان تدخل العلاقات الامريكية الكورية  الى حد التحالف بين الطرفين  وتتحول كوريا الى قاعدة عسكرية امريكية وهي التي لا يفصلها عن الصين الا نهر ضيق ، كما ان الصين وفي نفس الوقت  منزعجة من التقدم الصاروخي والنووي الذي حققته كوريا الشمالية .

 

كوريا الشمالية تلك الدولة الشيوعية التي يحكمها نظام دكتاتوري عسكري حزبي استطاع ان يتقدم بكوريا عسكريا ويسخر طاقات الشعب الكوري  ليحقق التقدم في الصتاعات العسكرية التكنولوجية  كان هذا على حساب المستوى المعيشي للشعب الكوري  الذي يعاني من الحصار طوال عقود ، ولكن نجح رئيس كوريا بان يجعلها ذات احترام  واعتراف بقوتها وقوة تهديدها لجيرانها ولاوروبا في تحدي غير متحفظ ، فجميع الادارات الامريكية السابقة لم تسعى للقاء زعماء كوريا  ولكن استطاع كيم ان  ان يجعل من قوة تهديده لامريكا  الى موقف احترام له وهذا الانطباع كما شاهدناه في اللقاء الذي صورته جميع وسائل الاعلام في العالم في فندق كابيلا في جزيرة سنتوسا سنغافورا .

 

رغم اللقاء  المتفائل بين الرجلين الا ان طبيعة الدعاية والتعبئة في كوريا  كما نقلت وسائل الانباء ما زالت تصور امريكا الشيطان الاكبر ، وما زال كيم متحسسا ومتوجسا امنيا  وتقوده عدم الثقة بالامريكان ، فلقد نقلت وكالة بيزنس انسايدر الامريكية  ان رئيس كوريا جلب معه المراحيض الخاصة  في سيارات صغيرة حرصا منه ان لا تقع الفضلات في ايدي المخابرات الامريكية لتحليلها  والاستدلال من خلالها على صحته ، والشيء الملفت للنظر اثناء توقيع الوثيقة  انه لم يقدم على لمس القلم المقدم من الجانب السنغافوري بل اخذ القلم الذي  قدمته له شقيقته وعلى وجه السرعة ولم يلمس اي شيء على طاولة التوقيع، اما الشيء الاخر فلقد خالف الزعيم الكوري الجول البروتكولي المعد لهذا اللقاء والذي ينتهي يوم الاربعاء بتقديم نهايته الى يوم الثلاثاء مجبرا ترامب على انهاء تلك القمة ، وجدير بالذكر ان كوريا اوقفت مفاعلها في شمال البلاد، كما اعلن الرئيس ترامب ان كوريا قد دمرت مختبرا للصواريخ  وتم التوقيع على اتفاق بنزع سلاح كريا النووي تماما ، وهنا هل حصلت كوريا الجنوبية على ضمانات بعدم الاعتداء عليها او تقويض نظامها السياسي من خلال كوريا الشمالية وهل الانفتاح الكوري الشمالي الذي قام به زعيم كوريا قبل اللقاء  نحو الصين وبعض الدول والزيارة المرتقبة لروسيا  ستعطي ضمانات دولية اقتصادية مقابل نزع السلاح النووي .؟؟؟.

بالتاكيد ان خارطة الصراع في العالم  ستتغير  اذا ما  التزمت كوريا بنزع سلاحها امام  انفراجات اقتصادية وضمانات  تحدث نهضة اقتصادية  وييقى امام امريكا  والاكثر توترا السلاح النووي والصاروخي الايراني فالخروج من الاتفاق النووي له ما بعده وان عارضته الدول الاوروبية الموقعة علية ، وتسوية الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط والقرب من اعلان صفقة القرن وتشكيل حلف عربي اسرائيلي  لمواجهة ايران  يبدأ باجبار ايران على الانسحاب من سوريا وعدم تدخلها في اليمن وتهديد اسرائيل ودول الخليج ومن ثم نزع سلاحها النووي وتجاربها الصاروخية ، هذا لن يستقيم الا اذا حلت الازمة السورية والقضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن ، وعندها اما ان تجبر ايران على نزع سلاحها او ستواجه حلف عسكري بقيادة امريكا واسرائيل ، اذاً فاجتماع القمة بين السبعيني والثلاثيني  وهو( المئة عام) وهي صفقة القرن ، فهل تسير الامور كما اعلن عنها ترامب ام ستصطدم بمعوقات وتاثير من الصين  اذا ما ارتأت ان تلك الاتفاقية ستؤثر على الامن الاقليمي والقومي للصين .

سميح خلف