للتخلص من أزمة انعدام الثقة التي تعاني منها القيادة الفلسطينية، وللتهرب من صفعات الشباب الفلسطيني المنتفض في دوار المنارة وسط رام الله ضد قرارات القيادة، ولقطع الطريق على مسيرات العودة، وما حققته من حضور للقضية الفلسطينية على طاولة الأمم المتحدة، بدأت ما تسمى بالقيادة الفلسطينية بالحديث عن المصالحة الفلسطينية بعد العيد، والبدء بحوارات حول إتمام عملية المصالحة مع حماس، وعن دور مصر في تمكين الحكومة من غزة.
تلك اللغة السياسية البائدة التي نامت على مخدتها منظمة التحرير لعدة أشهر، والتي تقوم على تمكين الحكومة من غزة، وإدخال أهل غزة ومقاومتهم إلى بيت الطاعة للسلطة، كأول شرط على حماس أن تلتزم به على طريق تحقيق المصالحة، هذه اللغة الفوقية المتقززة، والمحتقرة لإرادة شعب ينتفض في رام الله ضد السلطة، وينتفض في غزة ضد الاحتلال، هذه اللغة المهينة لقدرات الشعب يجب أن تنتهي إلى الأبد، فغزة بعد مسيرات العودة ليست كما قبلها، ورام الله بعد مسيرات الغضب ضد قيادة المنظمة ليست كما قبلها، وعليه فليقطع لسان كل من ينطق بلغة التمكين، وليرجم بالغضب الشعبي لك من يتحدث بلغة الحكومة الرشيدة، فغزة ليس طفلة ضالة بحاجة إلى رعاية، وشباب الضفة الغربية ليسوا هواة وطنية، ولا متسلقي مصالح، إنهم الوطن والقرار والمصير، لذلك فعلى حركة حماس أن تخرج من لعبة انهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة وفق مزاج القيادة، ووفق بيانات الحكومة المكلفة بقرار توافقي، على حركة حماس أن تنزوي جانباً عند الحديث عن المصالحة، وأن تترك الفصائل الفلسطينية الغاضبة من سياسية محمود عباس المسيطر والمهين على القرار، لتتحمل المسؤولية، وأن تتصدر المصالحة، وفق الشروط الوطنية، على أن تكون حركة حماس جزء من الكل الوطني الفلسطيني الحريص على:
1ـ التأكيد على أن الانقسام القائم ليس بين حركة فتح وحركة حماس، وعليه فالمصالحة ليست بين حركتي فتح وحماس، الانقسام قائم بين كل التنظيمات الوطنية الفلسطينية المقاومة بما فيها حركة الجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والتيار الإصلاحي والقيادة العامة وكل من لم يشارك في مجلس وطني رام الله، ورفض قراراته، بالتالي يرفض نتائجه، بما في ذلك ما تسمى نفسها القيادة، زوراً وبهتاناً، وعليه فأي حديث عن انهاء الانقسام يجب أن يكون بين قيادة رام الله المتنفذة، وقيادات العمل الميداني الفلسطيني، ووفق رؤية سياسية واحدة.
2ـ المصالحة يجب أن تقوم على تقويم الاعوجاج، وأكبر اعوجاج سياسي فلسطيني يتثمل بالقيادة التي تدوس على كرامة كل فلسطيني يحمل فكراً أو رأياً أو موقفاً يغاير نهجها، لذلك، فالمصالحة الوطنية تقوم على الشراكة السياسية، وعلى القيادة الجماعية لشعب فلسطيني ضجر من التفرد والديكتاتورية، وذلك لفترة زمنية محدودة تسبق الانتخابات الديمقراطية.
3ـ شروط المصالحة الوطنية تقوم على إقالة الحكومة الحالية، والتي تجاوزت أهداف تشكيلها، إقالة الحكومة قبل الحديث عن أي لقاءات مصالحة، ولتستمر الحكومة في تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأن هذه الحكومة تجاوزت دورها الوظيفي، ونسيت دورها الوظيفي، وحسبت نفسها قيادة، فصارت تتصرف بفوقية، تتهم، وتعاقب، وتنادي إلى الوحدة، وتحمل مسؤولية لطرف دون آخر، وتحابي طرف دون آخر، ونسيت هذه الحكومة أنها مكلفة وفق توافق، وقد سقطت لمجرد سقط التوافق الذي أعطاها شريعتها.
أتمنى على حركة حماس أن تكون قد تعلمت الدرس، وأن تحسن مخاطبة المجتمع الفلسطيني الذي وقف معها في مسيرات لعودة، وألا تصغي إلى حديث المصالحة القائم على تمكين الحكومة، وأن تصر على مشاركة كافة القوى السياسية في أي حديث عن المصالحة، وعدم استثناء أي تنظيم عامل في الساحة، فما يمتلكه تنظيم المجاهدين أو لجان المقاومة أو حركة الأحرار هو أضعاف يمتلكه تنظيم جبهة النضال أو تنظيم الجبهة العربية، والجبهة الفلسطينية، الذين لا وجود لهم في الشارع الفلسطيني إلا من خلال مكتب وأربع موظفين.
وعلى حركة حماس أن تدرك أن أي مصالحة لا تبدأ بالشراكة في القرار القيادي من البداية، هي مصالحة كاذبة، هي ضحك على الذقون، ومضيعة للوقت، وتسويق للعقوبات الإجرامية.
وكل عام وشعبنا الفلسطيني بخير، وموحد خلف قيادة منتخبة ميدانياً، وتحس بمعاناة الناس.
د. فايز أبو شمالة