في تاريخ الثورة الفلسطينية ورجالاتها نقف امام القائد الشهيد حفظي قاسم " ابو بكر" عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية المسؤول العسكري ومهندس ومصمم العمليات الاستشهادية من ام العقارب الى الخالصة بطل حماية قيادة الثورة الفلسطينية على دوار مكسيم في عمان ، الذي اغتاله الموساد الصهيوني في بيروت يوم 19 / 6 / 1974 م ... بعد اقل من اسبوع من تنفيذ عملية ام العقارب الاستشهادية.
ابو بكر شكّل ظاهرة نادرة، فبعض أسراره، والتي هي من أسرار هذه الثورة بقيت مع من حملوا الرسالة من بعده ، فهو رجل استثنائي بكل المعايير والمقاييس فلسطينياً ، حيث خطط لعملية ام العقارب، الذي قدمت نموذج نضالي لا يمكن أن تمحوه السنين والأيام، من ضمير كل المناضلين ، حيث شكلوا ابطالها شعلة النضال واناروا بدمائهم ارض فلسطين ،هي تلك العملية الفدائية الجريئة، التي قام بها الابطال ، فاخر باقر الساعدي، وصلاح المظفر، من العراق، وسامي أبو زكي من لبنان، وزكريا صحراوي من فلسطين، حيث اكدوا على اهمية توحيد الشباب العربي وانتمائه لقضية فلسطين يوم 14 حزيران من العام 1974 وكانت باشراف القائد حفظي قاسم " ابو بكر " حيث حملت عملية ام العقارب اسم مجموعة شهداء الخالصة عملية الشهيد القائد ابو علي اياد البطولية ضد كيبوتز كفار شامير الواقعة شمال شرق فلسطين في منطقة صفد على الحدود السورية ـ الفلسطينية ، في موقع ام العقارب بسهل الحولة ، حيث تمكن ابطال المجموعة من احتجاز عدداً كبيراً من الرهائن، وطالب ابطال المجموعة بإطلاق سراح مئة أسير فلسطيني في سجون العدو، لكن العدو الصهيوني، لم يبال بأسراه، فشن هجوماً كبيراً على هؤلاء الابطال، ومعهم الأسرى، حيث استطاع ابطال المجموعة أن يكبدوا العدو أربعة وخمسين قتيلاً وجريحاً، قبل أن تصعد أرواحهم إلى السماء لتنير درب الحرية والاستقلال.
ونحن اليوم نقف في ذكرى استشهاد القائد حفظي قاسم " ابو بكر" وشهداء عملياة ام العقارب ونستذكر شهداءنا القادة وكل شهداء جبهتنا وشعبنا، وعزاؤنا أنهم تركوا وراءهم إرثاً عظيماً ومسيرة مشرفة نفتخر بها، كما تركوا وراءهم اجيال من المناضلين الأشداء الذين حملوا الامانة ولا زالوا يواصلون طريق المقاومة والنضال، من أجل فلسطين، ومن اجل الحقوق الوطنية، وذكراهم الخالدة تحمل رسالة لشعبهم ولكل القوى والفصائل الوطنية بتعزيز الوحدة الوطنية وتطبيق قرارات المجلس الوطني الفلسطيني لاننا نعي ان شجرة الثورة والصمود والمقاومة كانت تسقيها على الدوام دماء الشهداء، فضلا عن عرق المقاتلين والمناضلين الثوريين، وبتضحياتهم الجسام بقيت فلسطين شعبا وقضية حاضرة بقوة في كل الميادين والمحافل، ولم يستطع العدو الاسرائيلي رغم كل مؤامراته وعدوانه المتواصل على شعبنا أن يحجب شمس المقاومة او يكسر ارادة شعبنا، وما زالت راية فلسطين خفاقة بإنتظار اشراقة شمس الحرية واستعادة الحقوق الوطنية.
وامام كل ذلك نرى ان مسيرة الشهداء ومسيرة الشهيد القائد ابو العباس وكل القادة والمناضلين ستبقى مسيرة العطاء في عقول الذين ساهموا في هذه التجربة الكفاحية الطويلة للثورة الفلسطينية من خلال العمليات البطولية التي أبرزت، اسم فلسطين وقضيتها ، لهذا نرى ان الوفاء لذلك يستدعي العودة منا الى استخلاص التجارب والدروس والعبر الوطنية ، بما يخدم نضالنا الوطني في الوقت الراهن .
وفي ذكرى حفظي قاسم نرى مسيرات العودة التي وجهت رسالة لنذيري الشؤم مبعوثي ترامب إلى المنطقة غرينبلات وكوشنير بأنها لا يمكن على الإطلاق أن تخضع للمساومة أو الابتزاز أو أن تفرط بثابت واحد من ثوابتها الوطنية، وأنها ستواصل متسلحة بكل الإصرار والتحدي والعزيمة والتصدي لصفقة ترامب وستقف بالمرصاد لكل المحاولات المشبوهة التي تسعى لتمريرها ، من خلال وحدة الشعب الذي سيؤكد اليوم الجمعة المقبلة حمل شعار " من غزة إلى الضفة وحدة دم ومصير مشترك"، تأكيداً على وحدة الأرض والشعب والدم والقضية.
من هنا نقول أن الإرادة الفلسطينية الموحدة في كل الساحات وتصعيد انتفاضة العودة والمقاومة الشعبية ورفع وتائرها، وتعزيز الوحدة الوطنية وتطبيق قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، وتعزيز صمود أبناء شعبنا وضمان حرية الرأي والتعبير هو السلاح الأمضى القادر على إسقاط كل المؤامرات وسحقها خاصة صفقة ترامب.
ختاما : لا بد من القول ان الشهيد القائد حفظي قاسم " ابو بكر " اسم لن ننساه لأنه من أولئك الذين أسسوا وخطوا نهجاً ثوريا ، وبقي على عهد الشهداء واستشهد وهو في قمة عطائه ، استشهد لأن كيان الاحتلال شعر بأهميته وأهمية دوره في مواجهة العدوالصهيوني، فهم أن الشهيد ابو بكر من أولئك الذين ربوا جيلا على قيم الشهادة والاستشهاد ، هذا الجيل الذي لا يهدر كرامة الوطن، كرامة فلسطين، حيث سيجعل من الوطن قبلته التي لا يحيد عنها نضالاً وصلاة حتى تحقيق كامل الأهداف الوطنية المشروعه في العودة والحرية والاستقلال .
بقلم/ عباس الجمعة