لا يحتاج أحد إثباتاً لكي يتأكد أن الشعب الفلسطيني قد قرر ألا ينسى، قرر ألا يموت، قرر ألا يستسلم، فالمعادلة واضحة منذ أن انطلقت ثورته، يستطيع العدو أن يحتل البيت، لكن لن نسمح له بالنوم والحلم في أسِرَّتنا، يستطيع أن يقتني ما شاء من أسلحة، لكن لن تغفو لها فوهة، حيث يقف الشعب الفلسطيني اليوم يؤكد للعالم ان المؤامرة الامريكية لن تمر وستتحطم على صخرة الصمود الفلسطيني وصلابة موقف القيادة الفلسطينية الذي يعبر عن موقف مجموع الشعب الفلسطيني، فهذا الشعب العظيم لن يقبل الانتقاص من حقوقه الثابتة والمشروعة التي اقرتها كافة القرارات الدولية.
فالجديد أن ما كان يخطط له من دور ووظيفة للكيان الصهيوني منذ اغتصابه أرض فلسطين، أصبح اليوم واضحاً بوقاحة في السياسات الأميركية والامبريالية والرجعية ، هذه الرجعية التي اصبحت تجاهر بالعلاقة مع العدو الصهيوني، وتحاول ارضاء ادارة ترامب لتمرير صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية.
ومن هنا نرى البعض الذي يلبس ثوب المقاومة يرحب بالمبادرات الاقتصادية والإنسانية التي تتّبعها واشنطن بهدف تمرير أهدافها السياسية، حيث لم يرى هذا البعض إشكاليةً في التفاوض مع الاحتلال على أوضاع قطاع غزة لإيجاد حلول لأزماته الحيوية، من خلال قبوله بدولة غزةعلى اعتبار أنها يمكن أن تكون نقطة انطلاق لتحرير سائر الوطن.
أن هذه الرسائل الخطيرة، من خلال الاستعداد للتفاوض بأيّة وسيلة للحفاظ على سلطة الامر الواقع تأتي في سياق وجّهات صفقة القرن التي تأخذنا لدولة غزة، والتي تتضمن في ثناياها نوع من إثارة الحرب الأهلية بين الفلسطينيين حول من يحكم القطاع، حماس أم السلطة.
ان دعوات التفاوض في حاجز ايرز مع الاحتلال لم تأتي من فراغ، بل جاءت تفاعلا مع طروحات دولية متكررة عنوانها الوحيد تحويل الفلسطينيين لجماعات متباينة يجري التفاوض مع كل منها على حدة، تفاوض على ظروف حكم هذا الكانتون أو ذاك وظروف استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني دون قيد او شرط، هذه الدعوات لا تستحق من الشعب الفلسطيني إلا معاقبة أصحابها ومقاطعتهم، والتوجه بوضوح نحو تحقيق الوحدة الوطنية ومطالبتهم بالالتزام بقرارات الاجماع الوطني الفلسطيني
ان الولايات المتحدة الامريكية ودولة الاحتلال ومن يقف الى جانبهم لا يقرأون التاريخ ولا يستفيدون من دروسه، فالشعب الفلسطيني الذي واجه طوال العقود الماضية كل محاولات احتوائه وشطب هويته لن يسمح بتمرير أي مؤامرة عليه وسيتصدى لها بكل الامكانيات المتاحة، فالشعب الفلسطيني يقف خلف قيادته التي تقف صامدة في وجه المخطط الامريكي دفاعا عن كرامة الامة وعن حقوق شعبنا الفلسطيني، وتواجه سياسات الاحتلال العدوانية .
ختاما : ان الشعب الفلسطيني الذي يقود مسيرات العودة وجه رسالة لنذيري الشؤم مبعوثي ترامب إلى المنطقة غرينبلات وكوشنير بأنها لا يمكن على الإطلاق أن تخضع حقوق الشعب الفلسطيني للمساومة أو الابتزاز أو أن تفرط بثابت واحد من ثوابتها الوطنية، وأن مسيرات العودة والمقاومة الشعبية ستتواصل متسلحة بكل الإصرار والتحدي والعزيمة التصدي لصفقة ترامب وستقف بالمرصاد لكل المحاولات المشبوهة التي تسعى لتمريرها، وسيؤكد الشعب الفلسطيني للعالم يوم الجمعة القادمة على وحدة الأرض والشعب والدم والقضية.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي