قبل خمس سنوات قام أفراد من أجهزة الأمن التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإطلاق النار على سيارة النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني ماجد أبو شمالة، ثم كرروا فعلتهم مع عضو المجلس الثوري لحركة فتح سفيان أبو زايدة، وداهموا عشرات البيوت التابعة لأبناء قطاع غزة الذين يعمل اصحابها مع تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، آخرها كان قبل أشهر عندما اعتقلوا المناضل أبو العبد الديراوي بعد أن داهموا منزله وعاثوا فيه تخريباً وصادروا أجهزة الحاسوب المملوكة له.
تدرجت ممارسات عباس بحق أعضاء المجلس التشريعي لتصل ذروتها عندما حاصرت أجهزة أمنه مبنى البرلمان في رام الله لإعتقال النائب في المجلس التشريعي نجاة أبو بكر بعد أن حظروا سفر عدد من نواب المجلس وسحبوا حصانتهم البرلمانية بغطاء من المحكمة الدستورية التي أعاد عباس تشكيلها وتعيين مقربين منه فيها ليصبح جهاز القضاء الفلسطيني أداة من أدوات الترهيب التي يستخدمها الديكتاتور الصغير في مواجهة خصومه السياسيين، وأكثر من ذلك عندما يقوم بالتنسيق مع الإحتلال بحظر سفر معارضين له على المعابر أو اعتقال آخرين كما فعل في قضيتي النائبة خالدة جرار وعضو المجلس الثوري لحركة فتح جمال أبو الليل بل واغتيال مثل المناضل باسل الأعرج في رام الله والمناضل أحمد جرار قرب جنين.
قبل يومين حظرت السلطة الفلسطينية تجديد جواز سفر النائب في المجلس التشريعي ماجد أبو شمالة في إنتهاك جديد للقانون الفلسطيني، هو ليس الأول ولكنه الأبرز حيث أن الأمر يتعلق بنائب في المجلس التشريعي أمضى سنوات شبابه في معتقلات الإحتلال ويرأس لجنة التكافل التي تساهم في حل جزء من المشكلات الإقتصادية التي يغرق بها قطاع غزة بفعل العقوبات المفروضة عليه من سلطة عباس والإحتلال، يبدوا أن في هذا الأمر استجابة بشكل أو بآخر لقرار الحكومة الإسرائيلية القاضي بمعاقبة الأسرى والمحررين من خلال قانون شرّعه الكنيست يوم الإثنين الماضي وفي سياق حملة مارستها اسرائيل منذ سنوات وتستهدف بشكل خاص كل المناضلين الذين اعتقلوا في السجون الإسرائيلية بمن فيهم المناضل مروان البرغوثي الذي طالب الإحتلال علناً استبعاده من قيادة حركة فتح واستجاب محمود عباس فعلياً لمطلبهم واستثنى مروان البرغوثي من أية مهام تنظيمية يقوم بها اعضاء مركزيته.
الجميع يعلم أن حظر تجديد جواز سفر النائب ماجد أبو شمالة هو اجراء غير قانوني، بل كل العقوبات التي يمارسها عباس على الشعب ونواب الشعب مجردة من أي صفة قانونية وان كان يحاول في بداية تمكينه من النظام السياسي الفلسطيني يحاول اظهار الطابع القانوني في بعض التصرفات والجرائم، لكنه مؤخراً لم يعد يخجل من تجاوز القانون الفلسطيني علناً، ولم يعد يخجل من الكذب البواح، فهذه مسلكيات الديكتاتور عندما يصل إلى أعلى مراحل الإستبداد ويقترب من الرحيل، فالمعركة مع الدكتاتور ليست قانونية بل هي وطنية للخلاص من رجل لم تعد تضبطه مؤسسة ولا اخلاق ولا يكترث بالجميع.
اجراء عباس مع النائب ماجد أبو شمالة هو بروفة سيستخدمها عباس مع آخرين أن مرّت هذه الفعلة بصمت، يفحص ردود الفعل ويراقب مواقف الفصائل والمنظمات الحقوقية والنخب الثقافية ثم يواصل الهجوم على الخصوم ويسخر من الحلفاء الذين حوّلهم عبيد وأدوات طيعة لخدمة مشروع الفصل مع غزة والسلطة الأمنية في الضفة الغربية واعادة انتاج نموذج روابط القرى المتحالفة مع الإحتلال الإسرائيلي، ثم يواصل الإدعاء انه ضد صفقة القرن!
لا توجد فرص تذكر لتقويم سلوك الديكتاتور واخضاعه للموقف الوطني والقانوني فهو تجاوز هذا الأمر، وأصبح واضحاً أن الشعب الفلسطيني أمام خيار واحد لاعادة تأهيل النظام السياسي الفلسطيني والحفاظ على القضية الوطنية من خطر الضياع، هو الخلاص من الديكتاتور وعصابة روابط القرى التي يرأسها، دون ذلك عبث وحرق للوقت الذي هو في غير صالح الشعب الفلسطيني، ويطيل أمد معاناة الشعب الذي يحاول أن يواصل الحياة.
بقلم: محمد أبو مهادي