تم وصف قانون اقتطاع مبالغ من العوائد الضريبية على الفلسطينيين التي تحولها اسرائيل الى السلطة الوطنية الفلسطينية والتي تساوي المبالغ المخصصة لأسر الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين بأنه سرقة في وضح النهار، وقرصنة وقحة.. ولكن الأهم من كل هذه الأوصاف والاتهامات الموجهة الى اقرار هذا القانون هي الرسائل الخطيرة التي وجهتها اسرائيل الى كل من القيادة الفلسطينية والعالم كله أيضاً.
فالرسالة الأولى تعني أن احترامها لاتفاقيات اوسلو قد ولى من دون رجعة، وان هذه الاتفاقيات قد انتهى التعامل معها واقعياً وحقيقياً.
وتكمن الرسالة الثانية في أن اسرائيل لا تريد أن تكون للشعب الفلسطيني دولته المستقلة، وأي كيان يقام تكون اسرائيل صاحبة السيطرة الأمنية عليه، أي أن الكيان الفلسطيني الذي تسعى اليه اسرائيل هو كيان "ممسوخ" و"ضعيف" و"هزيل"، لا يتمتع بأي استقلالية، ويعني ذلك أن حل الدولتين الذي تسعى اليه القيادة الفلسطينية الحالية قد ولى وسقط مع سن هذا القانون.
أما الرسالة الثالثة، التي هي مكملة للرسالة السابقة، تقول أن من حق اسرائيل التدخل في حسابات وميزانيات ومصاريف السلطة الوطنية الفلسطينية، أي ان استقلال السلطة المالي قد ذهب أدراج الرياح وليس فقط "الاستقلال الأمني"!
وأهم هذه الرسائل هي الرسالة الرابعة التي تقول وتفيد بصورة صريحة ووقحة ان على السلطة الوطنية الفلسطينية ايقاف أي نضال ضد الاحتلال، ويجب القبول بهذا الاحتلال الاسرائيلي، إذ أن من يناضل ضده هو "ارهابي" حسب الوصف أو المقياس الاسرائيلي.
والرسالة الخامسة تكمن في محاولة الايقاع بين القيادة والشعب اذا تم تنفيذ هذا القانون، وتم اقتطاع مخصصات الشهداء والاسرى الذين كانوا يناضلون من أجل الوطن، ويعني هذا الايقاع اثارة الشعب ضد قيادته، وادخاله في متاهة فلتان أمني داخلي خطير جداً لابعاده عن لب الصراع مع اسرائيل.
أما الرسالة الأخيرة فهي موجهة للعرب، وللعالم أجمع على حد سواء، بأن اسرائيل هي فوق القوانين والمواثيق والشرعية الدولية، ومن حقها أن تفعل ما تشاء، وتفرض ما ترغب فيه، لان العالم يخاف ويخشى من أي اجراء معادٍ لها لأن اميركا هي الداعمة لها في كل ما تتصرف به بحجة الدفاع عن أمنها ووجودها.
هذه الرسائل تحتاج الى من يفهمها حتى يتعامل معها بكل حزم وجدية، ويواجهها بكل صبر وقوة وعزيمة ليسقط أهدافها الخبيثة والخطيرة جداً.
بقلم: جاك خزمو
الناشر ورئيس تحرير مجلة البيادر السياسي
القدس 5/7/2018