الذكرى الرابعة عشر لاستشهاد القائدين يامن فرج وأمجد مليطات“ أبووطن“

بقلم: الأسير كميل أبو حنيش

يصادف اليوم السادس من تموز الذكرى السنوية لاستشهاد فارسين من فرسان المقاومة القائدين البطلين يامن فرج وأمجد مليطات " أبو وطن" من قادة كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، واللذان استشهدا بعد رحلة طويلة من النضال والملاحقة حيث ينسب لهم العدو عدداً كبيراً من العمليات البطولية أثناء الانتفاضة الثانية.

يامن فرج وأمجد مليطات اثنين من بين عشرات الشهداء الذين عمّدوا بدمائهم تراب الوطن، حيث شكلا نموذجين ثوريين يستلهمها الآلاف من أبناء شعبنا لما مثلاه من تضحيات ومآثر أخلاقية ووطنية عظيمة.

انخرط الشهيد يامن فرج منذ نعومة أظافره في أنشطة الانتفاضة الأولى والتحق في جامعة النجاح الوطنية بنابلس عام 1996، وخلال هذه الفترة سيبرز كأحد قادة الحركة الوطنية، ثم يعتقل فيصمد ويمضي عامين في سجون الاحتلال، ثم يتحرر وهو أكثر عزيمة وإصرار على مواصلة درب الكفاح.

ولم تلبث أن اندلعت شرارة الانتفاضة الثانية، وفي احدى المظاهرات الجماهيرية في بدايات أكتوبر من عام 2000 سيصاب بثلاثة أعيرة نارية، ولكن الإصابة أيضاً لم تثنه عن خيار النضال، فشارك مع رفاقه في تأسيس وقيادة كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى وشارك وقاد فيها عشرات العمليات الفدائية،  وخلال هذه الفترة لاحقته القوات الصهيونية كل هذه الفترة بقوة إلى أن ارتقى شهيداً على أرض نابلس.

لقد كان ليامن حضوره الجميل والمميز وابتسامته الواثقة، وقسمات وجهه التي تبعث على الثقة والأمان، مثقف يعشق الأدب ويطالع كلما ما يقع بين يديه.

 ومن يعرف يامن عن قرب سيكتشف أنه شاب أكبر من عمره الحقيقي، فقد كان يحتضن بين جوانحه قضايا كبرى، ومسكوناً بهواجس وجودية وإنسانية ووطنية. إنها سمات الرجال الكبار الحقيقيين الذين يعرفون قدرهم سلفاً.

كان يامن من طراز الرجال الذين يتحدثون بصمتهم، وعندما يتحدثون يعرفون أهمية الكلمة وتأثيرها بمن حولهم. تبقى في حركاته كل ما يدور في داخله، وما في داخله تبرز سمات رجل نذر نفسه للفعل الثوري.

أما الشهيد أمجد مليطات " أبو وطن" كان هو الآخر قد اعتنق النضال مبكراً منذ الانتفاضة الأولى، وما أن اندلعت الانتفاضة الثانية حتى التحق في صفوف كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى منذ الأيام الأولى للانتفاضة ليغدو أحد قادتها الميدانيين.

 شارك في عشرات العمليات الفدائية، ولم يتردد يوماً عن أي مهمة مهما كانت خطورتها، وظل ملاحقاً لسنوات إلى أن تمكنت منه قوات العدو ليرتقي شهيداً برفقة رفيق دربه يامن فرج.

كان أبووطن شاباً بسيطاً وطيباً وجسوراً ولم يكن له أية طموحات شخصية وكان فقط لديه حلم واحد وهو أن ينجب ابناً يسميه وطن، إلا أنه ارتقى شهيداً قبل أن يتحقق حلمه في انجاب وطن.

يامن وأبووطن أسماء كبيرة بين آلاف الشهداء العظام ممن سبقوهم، وممن التحقوا بهم وممن سيلتحقون بهم؛ فالقافلة طويلة والرحلة شاقة، وما زالت قوافل الشهداء تمضي فداءً للوطن، فالشهداء يجسدون عالماً مثالياً وأخلاقياً علينا أن نتوسد شجاعتهم وتضحياتهم. وما سيظل يحير الأعداء أنه مهما كان رحيل الشهداء خسارة وألم جميعاً لنا، إلا أن الشهداء سيظلوا يكتسوا هالة مقدسة، وسيظل لهم حضورهم في الأفئدة والضمائر، وما يثير حقد الأعداء أن الشعب الفلسطيني ما زال يّحول جنازات الشهداء إلى أعراس، وبذلك تكتسب الشهادة معنىً احتفائياً بتضحياتهم.

ومن هنا من قلب الأسر وباسم كافة أصدقاء ورفاق درب الشهيدين البطلين يامن فرج وأمجد أبو وطن نبرق بأسمى تحياتنا لهم ولذويهم وننحني إجلالاً وإكباراً أمام عظمة تضحياتهم، مجددين العهد والقسم لهم ولكافة الشهداء أن نظل أوفياء للأهداف الوطنية الإنسانية والأخلاقية التي استشهدوا من أجلها، وستظل بيارق النضال مرفوعة في كل ساحة وميدان حتى إنجاز العودة والحرية والتحرير وكنس الاحتلال عن ترابنا المقدس.

 

الأسير القائد/ كميل أبو حنيش