علي قانصو يرحل وتبقى سيرته القومية حاضرة

بقلم: عباس الجمعة

علي قانصو المناضل القومي السوري الاجتماعي المؤمن بفكر سعادة ، الوزير المتواضع ، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الاسبق ، الذي التقيته في مركز الحزب وكان الحديث عن التطورات الراهنة والعلاقات الراسخة بين الحزب والفصائل الفلسطينية ، جمع بين التحليل الاجتماعي والسياسي من خلال كفاحه المتواصل .

من هنا تغادرنا قامة قومية كبيرة جمعت بين القدرة على التنظير الفكري ومارس نضاله في اطار الكفاح القومي العربي , ولم يثنِه عن ذلك ما نشأ مؤخراً من تطورات باتجاه التمسك بالقطرية، والعمل الخاص على حساب الأمة ، كما جمع في شخصه ونهجه القيادي بين الجانب الكفاحي والانساني الأخلاقي والقومي ، وكان مدافعا عن جدارة عن القضية الفلسطينية .

امام كل ذلك واصل الامين علي قانصو كفاحه دون انقطاع وحاول جاهداً ان يستفيد من تجارب الحركة الوطنية والقومية بعقل منفتح ، رغم الاخفاقات العربية وكيفية التغلب عليها في سبيل صنع مستقبل جديد للقومية العربية .

لقد شكل الراحل الكبير بحق ميزة المواجهة لا ميزة الاستسلام ، مؤكدا ان ضعف الأمة يجب ان يشكل حافزاً للتحدي والمواجهة وتحريك كافة القوى الكامنة في النفس الانسانية للخروج من حالة الضعف والتغلب على مسبباته لا الاستسلام اليه .

نعم علي قانصو قائد نضالي عروبي ، خبرته ساحات النضال القومي الصعبة والمعقدة ، تولى العديد من المهمات القومية عرفناه عن كثب ، فهو بالفعل شهيد لبنان وفلسطين وكل القوميين اليوم ، لعب حالة نضالية مميزة، لم يكن يهاب شيئاً او يتردد امام اي خطر، او يحسب لحياته حساباً، فهو مضى على طريق رفقاءه الشهداء في الحزب السوري القومي الاجتماعي تاركا ارثا نضاليا .

لذلك فأن افكار الراحل الكبير علي قانصو هي افكار قومية ، وشعبية، فكرية وعملية، ، فهو من كان يطلق صرخة مدوّية عندما يرى الشعب الفلسطيني يتعرض للعدوان والقتل والارهاب الصهيوني ، مؤكدا على استنهاض القوى القومية والشعبية العربية لتعزيز دورها في محور الصراع ضد العدو الصهيوني.

أرسى الراحل الكبير علي قانصو علاقات الحزب مع القوى الوطنية اللبنانية وفصائل الثورة الفلسطينية، والانفتاح على الأنظمة العربية القومية والتقدمية واحرار العالم، والإصرار على نشوء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في وجه الاجتياح الصهيوني عام 1982، مؤمنا بفكر المؤسّس أنطون سعادة، الذي جعل منه المقياس الذي يجب قراءة الواقع من خلال فهمه لانتزاع أدوات النضال من كل واقع جديد.

وفي ظل هذه الاوضاع الخطيرة التي نعيشها يغادرنا المناضل علي قانصو والشعب الفلسطيني المنتفض يواجه مؤامرات الامبرايالية والصهيونية والرجعية ومؤامرة صفقة القرن ـ ولكن نقول للراحل الكبير الذي رهن حياته دفاعا عن حقوق القومية كنت قوميا عربيا، وحدويا، مدافعا عن المسحوقين والفقراء والمهمشين، وعن لبنان ومقاومته ، لانك انت من اكدت على أن التناقض الرئيس مع العدو الصهيوني باعتباره العدو الأول الذي لا يهدد القضية الفلسطينية فقط بل يهدد وجودنا ، لم تنحرف البوصلة عن هذا الهدف، كما اكدت على طبيعة الصراع على الأرض والإنسان.

ختاما : نحن ننحني إجلالا وإكبارا لكل الشهداء والراحلين، وللمناضل الكبير علي قانصو ابن بلدة الدوير الجنوبية تلك القامة القومية الكبيرة ، التي قدم الكثير لمدرسته الفكرية والثورية ولنضاله ، حيث تبقى أفكاره دروس لكل المناضلين ، واستلهام العبر لمواجهة العدو القومي والطبقي ، فالرفيق شعلة نضالية لن تنطفئ وستبقى منارة لكل الأجيال القادمة، من أجل حرية الإنسان وكرامته .

 

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي