لا يلجم النصر الإسرائيلي إلا المفاجأة الفلسطينية

بقلم: فايز أبو شمالة

تتواصل الدعوات داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، وعلى لسان الوزراء والمسؤولين بضرورة الحسم في الضفة الغربية، وإعلان النصر الإسرائيلي الكامل على الفلسطينيين، وذلك بإلغاء اتفاقية أوسلو، والبدء بتطبيق القانون الإسرائيلي على مساحة 61% من الضفة الغربية، وإلحاق ما تبقى من أرض وسكان بالأردن.

ما سبق من دعوات جاءت خلال مؤتمر سنوي نظمه مشروع الانتصار الإسرائيلي، ونقله موقع القناة السابعة التابع للمستوطنين، حيث حدد وزراء وأعضاء كنيست الطريق الوحيدة لجلب السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بإيجاد رابط بين الحكم الذاتي لفلسطينيي الضفة الغربية مع الأردن، وأن أي اتفاق سياسي إسرائيلي مع الفلسطينيين قد يتحقق في المستقبل شرط أن يسبقه تسجيل انتصار إسرائيلي واضح ونهائي، وعليه يجب المسارعة في تكثيف البناء الاستيطاني بأضعاف مضاعفة عما هو قائم اليوم، وتحديدا في الأحياء اليهودية بمدينة القدس، لأن مستقبل هذه المدينة ستحدده الأغلبية الديموغرافية الواضحة فيها.

هذه الدعوات رسمية، وتعكس حقيقة الرؤية الإسرائيلية للحل القائم على التخلص من غزة مقابل التمسك بأرض الضفة الغربية، فهذه الدعوات للنصر الإسرائيلي لا تصدر عن مؤسسات مدعومة من الأحزاب الحاكمة فقط، بل أنها تحاكي مزاج الشارع الإسرائيلي الذي بلغت فيه نسبة الداعين للحسم، وإعلان الانتصار في الضفة الغربية نسبة 59% من أصوات اليسار وحده.

لقد جاءت هذه الدعوات الإسرائيلية الصريحة والقوية منسجمة لما هو قائم على الأرض، حيث السيطرة الإسرائيلية الفعلية، وحيث الأمن والأمان والتطور الطبيعي للمستوطنين والمستوطنات فوق أرض الضفة الغربية، وهذه الدعوات لإعلان النصر تتوافق وإلغاء اتفاقية أوسلو عملياً، منذ استولى الصهاينة على جبل أبو غنيم، وصار مستوطنة باسم "هار حوماه" سنة 1998، ومنذ اقتحم الجيش الإسرائيلية الضفة الغربية سنة 2002، وفرض واقعاً حديداً، يؤكد على موت أوسلو، وهذه الدعوات هي الصدى الميداني التطورات البائسة في الساحة العربية والإقليمية، والتي تشجع العدوان وإعلان النصر الإسرائيلي الحاسم على الفلسطينيين، وتطبيق ما تم إعداده من خطط تصفية تنتظر في الإدراج

ولا سبيل أمام الفلسطينيين لإفشال هذا المخطط، وتشويه معالم النصر الإسرائيلي المزعوم إلا من خلال المفاجأة، والانفلات على الصهاينة بكل ما أوتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة من قوة، لا بد من مفاجأة الصهاينة بإرادة الشعب الفلسطيني، وقدرته على المواجهة، ورفضه للهزيمة، ولاسيما أن المؤشرات لدى جهاز المخابرات الإسرائيلية تشير إلى الاطمئنان، والركون إلى التعاون الأمني الذي دجن المدن الفلسطينية وفق زعمهم، وقتل روح المقاومة والانتماء للوطن، وزرع الشك بنتيجة أي مقاومة حسب تقديرات جهاز المخابرات الإسرائيلي.

إن مفاجأة الحسابات الإسرائيلية بالانتفاضة والغضب والمواجهة والمقاومة بكافة أشكالها هي الخطوة الفلسطينية الاستباقية والضرورية لتحطيم الانتصار الإسرائيلي، الذي تعزز من خلال حالة الهدوء والصمت المريب، فالصمت على المخطط الصهيوني هزيمة فلسطينية، والانتظار بهدوء وأدب هزيمة، والتمسك بأوسلو حتى اليوم هزيمة، ومواصلة التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية هزيمة، ومحاربة المقاومة هزيمة، ومعاقبة اهل غزة هزيمة، وعدم الشراكة السياسية هزيمة، والتهرب من المسؤولية هزيمة، وهذه الهزائم مجتمعة هي التي تشجع الصهاينة على إعلان الانتصار، والبدء في تطبيق ما تبلور للمعتدين من قرار

 

د. فايز أبو شمالة