زيارة الوفد الفلسطيني الى دمشق والذي ضم اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الاحمد رئيس دائرة العربية والدكتور واصل ابو يوسف الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة التنظيم الشعبي وأحمد أبو هولي رئيس دائرة شؤون اللاجئين ، وسفير فلسطين في بيروت أشرف دبور، وعضو اللجنة المركزية لحركة " فتح"، مفوض الأقاليم الخارجية سمير الرفاعي، وسفير فلسطين محمود الخالدي ، ومدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير انور عبد الهادي ، في ظل الانتصارات التي تحققها سوريا تشكل نقطة تحول مهمة وخاصة في ظل الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية والمنطقة ، حيث تؤكد سوريا رغم كافة المؤامرات التي تحاك ضدها وقوفها الى جانب القضية الفلسطينية.
ومن هنا نرى إن القضية الفلسطينية بالنسبة لسوريا هي هاجس دائم يلازمها في كل زمان باعتبارها القضية المركزية للامة العربية، حيث لم يخل أي خطاب سوري من إيلاء فلسطين وأهلها وقضيتها العادلة كل إهتمام ورعاية، وقد شكل الموقف السوري الثابت تجاه القضية الفلسطينية، الرديف والسند الحقيقي للشعب الفلسطيني، وقد دفعت سوريا ثمن هذا الموقف طيلة العقود الماضية، وتحملت في سبيل القضية الفلسطينية ما هو فوق طاقاتها وإمكانياتها إنسجاماً مع ثوابت النهج والرؤية في مواقفها من فلسطين التي لا تحتمل التشكيك .
وامام كل ذلك تقف سوريا اليوم بمواجهة ما يحاك للقضية الفلسطينية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عبر ما يسمى صفقة القرن التي هي الثمن الذي تريد تقديمه كحافز للكيان الاسرائيلي، مستخدمة كل أشكال الإنقسام والفوضى السياسية وبمساعدة الرجعية العربية، لذلك فقد شكلت مواقف سوريا برفضها قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس كعاصمة لكيان الاحتلال ونقل سفارتها إليها، ورفضها لأية آثار مترتبة على ذلك، مؤكدة ان هذه القرارات مخالفة لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس باعتبارها واقعة تحت الاحتلال ، مجددة موقفها الداعم للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية حية حتى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
في ظل هذه المواقف القومية ومع الانتصارات التي تتحقق على ارض سوريا كانت زيارة الوفد الفلسطيني وخاصة بعد تحرير مخيم اليرموك عاصمة الشتات الفلسطيني ، فهو مخيم الفدائيين، أول الرصاص، وأول التحدي الفلسطيني في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وذلك من أجل التاكيد على العلاقات الفلسطينية السورية التي عمدت بدماء الشهداء لتبقى راية المخيمات وطنية وقومية، ، فكيف لا ومخيم اليرموك الذي إصطبغ بالدم الأحمر القاني، واصطبغ بلون فلسطين، وهو يحتض رفات الشهداء من مناضلين وقادة ، وتأتي الزيارة الرسمية للوفد، أيضا، في سياق الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية على صعيد بلسمة جراح أبناء فلسطين في سوريا الذين أصابتهم المحنة السورية، خاصة في بعض المخيمات والتجمعات ومنها مخيم اليرموك، ومخيم حندرات، ودرعا،
والسبينة، وغيرها، والبحث بالسبل الممكنة لمساعدة ابناء المخيمات، ومن اجل ذلك كان الموقف السوري لدى استقباله وفد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حيث قالت سوريا موقفها أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتآكل لأنها قضية حق وحق تاريخي، ومهما حاول أعداء الأمة تغييب القضية الفلسطينية عن الشعوب العربية فإنها لن تغيب وستبقى القدس وفلسطين في قلوب كل السوريين .
في هذه المرحلة التي يخوض فيها الشعب الفلسطيني مسيرات العودة والمقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه وفي مواجهة صفقة القرن ، وفي ظل الانتصارات التي تحققها سوريا في مواجهة القوى الارهابية ، تبقى فلسطين القضية المركزية للأمة العربية، هذه المرحلة تتطلب من الجميع التوحد والانخراط في مكافحة الإرهاب والتمييز بين الإرهاب والحق المشروع في مقاومة الاحتلال، وتجفيف منابع التطرف والإرهاب، وبث روح الأخوة والتسامح والارتقاء بمستوى العلاقة الأخوية ، واستمرار المعركة مع العدو وحلفائه باعتبارها حرب متواصلة لاستعادة حقوقنا وأراضينا المغتصبة مهما غلت الأثمان من دماء الشهداء والجرحى.
ختاما : سوريا ترسم بانتصاراتها خارطة شرق جديد تخشاه حكومة الاحتلال و أعوانها التي حاولوا تسويق فصل جديد من التآمر على سوريا و فلسطين دفعة واحدة ، الا ان سوريا اكدت موقفها الداعم لفلسطين في مواجهة المشاريع الاستعمارية ،ولهذا سيكون مستقبل العلاقات الفلسطينية السورية نموذجا يجب ان تحتل فيه حركة التحرر العربية موقعها في مواجهة ما يحاك لفلسطين والمنطقة من مخططات .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي