نقف امام الانتصار العظيم للمقاومة في لبنان عام 2006 الذي شكل نقطة تحول هامة على مستوى لبنان والمنطقة ، وكان انجازا وطنيا كبيرا بسبب الطريقة التي تم بها والحفاظ عليه إضافة إلى تحصينه شعبيا وسياسيا وهذا ما تحقق من خلال إدارة المقاومة للصراع بحكمة وعقلانية آخذة بالاعتبار الواقع السياسي والسكاني في لبنان حيث تعاطت مع هذا الواقع بحكمة بالغة ما ساعد على تقديم الانتصار كنموذج حضاري يلتف حوله اللبنانيون والعرب ، حيث لا تزال مفاعيله تزلزل كيان العدو في بنيته السياسية والعسكرية والاستيطانية، وكأنه حاصل اليوم، وهذا يؤكد أن ما حققه لبنان المقاوم، لم يكن انتصارا عابرا في حرب عادية، بل هو انتصار استثنائي رسم معادلات جديدة للردع والهجوم في آن، لأن الحرب على لبنان كانت حربا مفصلية، وجودية، قرارها مشترك بين “اسرائيل” وأميركا وحلفائهما وأدواتهما وهدفها القضاء على المقاومة بكل قواها ودولها، واقامة شرق اوسط جديد متصهين.
من هنا رسخ الانتصار في العام 2006، صحة وصوابية خيار المقاومة، وبأنه السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق، والدفاع عن الارض، كما اسقط إلى غير رجعة، أوهام الواهمين الذين تنكروا لخيار المقاومة في العام 1982، يوم كانت المقاومة تسقط شعار “سلامة الجليل” بصواريخ الكاتيوشا، وتحرر بيروت ، وتنجز انتصار التحرير في العام 2000.
ولذلك نرى بأن ما تحقق كان هدفه واضح حيث كانت عملية الوعد الصادق نموذجا لتحقيق انتصارا من اجل تبادل اسرى الحرية وجثث الشهداء ، كما كان الانتصار هو إفهام العدو الصهيوني ومحوره، بأن مشروع رايس للشرق الاوسط لن يمر، وان الحرب ليست نزهة كلما اراد العدو ممارسة ارهابه واشباع غريزته العنصرية بدماء اطفالنا ونسائنا وشيوخنا. والهدف الثاني هو الردع، وقد بات العدو يدرك جيدا، أن أي عدوان يشنه على لبنان، ستكون نتائجه وتداعياته كارثية تعجل من زوال الاحتلال عن ارض فلسطين .
امام ذكرى هذا الانتصار العظيم يقف الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه ويصنع من خلال معركة الخان الأحمر ملحمة بطولية في الدفاع عن ارضه من خلال المقاومة الشعبية التي تواجه مؤامرة تدمير الوجود الفلسطيني بكامله، هذه القرية البدوية تقف وقفة رجل واحد ومعها الشعب الفلسطيني وقيادته القابضة على الجمر.
ورغم كل الظروف نرى ايضا مسيرات العودة المستمرة والمتواصلة حتى تحقيق حقوق شعبنا في الحرية والعودة والاستقلال، ولهذا نقول بانه لا يمكن اختزال قضية الشعب الفلسطيني في البعد الإنساني والاغاثي، ولا يمكن المساومة على الحقوق الوطنية ببعض الحلول الإنسانية للالتفاف على مسيرات العودة ، ولا يمكن الالتفاف على مسيرات العودة لأن الشباب الفلسطيني الثائر سيتصدى لكل المتآمرين ولا يمكن المساومة على الحقوق والثوابت، فنحن نقدر الدور الطليعي للشباب
الفلسطيني الثائر الذي يرسم بالدم خارطة الوطن وحلم العودة، حيث اثبت قدرته على مواجهة الاحتلال والانتصار عليه، وكشف هشاشته وعجزه، وأن آلالة الحربية الإجرامية تتهاوى أمام قبضات شباب فلسطين وإصرارهم وعزيمتهم وإبداعاتهم المتنوعة والمختلفة سواء في وحدات الكاوشوك، أو وحدات قص السلك، أو الطائرات الورقية أو وحدات إطفاء قنابل الغاز وغيرها أنهم يجترحون الابداعات اليومية التي شكلت ارباكاً للاحتلال الذي عجز عن مواجهتها.
كما اليوم يتحقق مع ذكرى انتصار تموز انتصار الجيش العربي السوري في درعا ، وأن الانتصار الناجز على المخطط الاستعماري سيكون حصيلة مسار متواصل ، حيث أن سورية اعلنت النصر وحصدت نتائج هذا الصمود ، كما ان روسيا والصين فرضتا على الإدارة الأميركية الرضوخ لنتيجة الصمود السوري المتمثلة في انتهاء عصر الأحادية في العلاقات الدولية ، من بوابة المقاومة ،أما إيران وبفعل الصمود السوري فهي اليوم القوة الإقليمية التي يطرق بابها الموفدون والرسل من موقع التسليم بالدور الإيراني المقرر في معادلات المنطقة والعالم.
ان الانتصارات التي تتحقق اليوم ، يجب أن تكون حافزاً لنا نحن الفلسطينيون، ،فاستعادة الوحدة الجغرافية والسياسية ،هي الضمانات الهامة التي تمكننا من أن نخطو خطوات كبيرة جداً نحو الغودة والحرية والاستقلال.
ختاما : ان ذكرى انتصار تموز عام 2006 الذي حققته المقاومة بقيادة حزب الله والقوى الوطنية اللبنانية ، والانتصارات التي تتحقق اليوم من خلال صمود وثبات الشعب الفلسطيني وقيادته بمواجهة الاحتلال والاستيطان وصفقة القرن ، وما تشكله مقاومة الشعب الفلسطيني في قرية الخان الاحمر ومسيرات العودة في غزة ، اضافة الى انتصار سوريا في ذرعا كل ذلك تحقق بفعل خيار ونهج وثقافة المقاومة.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي