نحو مصالحة قسرية قبل حرب كارثية

بقلم: محمد أبو مهادي

عادت وفود المصالحة الفلسطينية إلى القاهرة بناءاً على مسعاً جديد سلكته الشقيقة مصر كي تقرّب الذي يتباعد يومياً بين الاطراف الفلسطينية المتخاصمة، جهود تبذل في ظل متغيرات مهمة في الأوضاع الفلسطينية أبرزها:

- حراك شعبي واسع في الضفة الغربية نظمه نشطاء أطلقوا عليه اسم (ارفعوا العقوبات)، حيث يشارك فيه آلاف النشطاء الفلسطينيين خرجوا للشوارع رغم تهديدات اجهزة الامن.
- قيام رئيس السلطة الفلسطينية بعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني رغم أن أغلبية واسعة من أعضاء المجلس الوطني قاطعوا الجلسة اضافة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تمثل فصيلاً اساسياً في منظمة التحرير الفلسطينية.
- استمرار العقوبات على قطاع غزة واتساع رقعتها متزامنة مع تهديدات اسرائيلية بشن حرب جديدة على قطاع غزة بعد سلسة مسيرات العودة التي احرجت اسرائيل واظهرت القيمة السياسية للعمل الشعبي الواسع.
- اعلان سياسي خطير على لسان سفير قطر لدى السلطة الفلسطينية عن عملية مفاوضات مع اسرائيل بشأن غزة بعلم واشنطن، لم تنفه حماس ولم تستنكره السلطة الفلسطينية ورئيسها ولم تنكره اسرائيل.
- خطة اممية اعلن عنها نيكولاي ميلادينوف منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط لتدراك الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
- استمرار فتح معبر رفح لفترة طويلة دون اغلاق بقرار من الشقيقة مصر كمحاولة للتخفيف من الأزمة الخانقة التي يمر بها قطاع غزة.
المتغيرات السابقة تقول أن حلّاً ما قد أصبح ضرورياً لقطاع غزة يضع حداً لمعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة يتدارك الوضع الكارثي الذي يذهب ضحيته الأبرياء ويقطع الطريق أمام مواجهة ساخنة مع إسرائيل التي تتحين الفرص لشن عدوان دموي جديد على قطاع غزة كما أعلن قبل أيام رئيس وزرائها نتنياهو.
حماس والجهاد الإسلامي وفتح عباس يفهمون أن متغيراً ما يلوح في الأفق، الحل قبل الحرب أو بعد الحرب على غزة مع فارق أن "تحالف عباس" يستعجل الحرب على غزة ويشارك في الجانبين الإقتصادي والسياسي منها، وان حركتي حماس والجهاد يحاولان تجنب هذه الحرب مع محاولة الحفاظ على معادلات صعبة وغير متكافئة أعلنوا عنها مثل معادلة " القصف بالقصف".

قد تكون الشقيقة مصر وصلت إلى قناعة أن "تحالف عباس" غير معني بالمصالحة ويواصل احراجها بالمزيد من الإشتراطات صعبة التحقق على غرار "التمكين" ومن "الباب للمحراب" أو "يا بشيلوا يا بنشيل" وبعد ذلك تصريحات لعزام الاحمد مسؤول ملف المصالحة عن مركزية عباس الذي بدأ يتحدث عن تحالف قوى منظمة التحرير لإسقاط حكم حماس في غزة، وأن تحالف عباس يراوغ من أجل كسب الوقت وتحقيق نقاط وتثبيتها باعتبارها منطلقات جديدة لعملية المصالحة الشاملة إلى أن يتجاوز اتفاق المصالحة عام 2011 نهائياً ويبدأ البحث عن اتفاق جديد وهكذا....، ان هذا الإستنتاج المصري أن صحّت التقديرات يدفع نحو حلول أكثر جدية على غرار التفاهمات التي عقدت بين التيار الإصلاحي في حركة فتح وحركة حماس وتطويرها لتكون تفاهمات أشمل لتعالج إلى جانب الأزمة الإنسانية مشكلة نظام سياسي كامل وصل مرحلة خطرة في استعداء الشعب الفلسطيني والتحالف مع أطراف تعمل على تقويض الأمن القومي العربي مثل تركيا وقطر واسرائيل.
استجابات حماس الذكية للشقيقة مصر في قضايا المصالحة والهدنة والأمن وغيرها ستساعد كثيراً على ولادة حل لمشكلة غزة، وابتعاد حماس عن خربشات قطر وتركيا سيعزل أكثر "الإتجاه القطري" في السياسة الفلسطينية وسيجعلنا جميعاً نثق بامكانية أن يكون قرار وطني مستقل، ومفهوم الاستقلالية تعني اعادة ترتيب كل أوراق قوة الفلسطينيين ومواصلة معركة الخلاص من الإحتلال الإسرائيلي الذي استفاد من كل حالة الهشاشة التي اصابت النظام السياسي الفلسطيني.

بقلم: محمد أبو مهادي