يبدو أن القادة المتعصبين والمتطرفين والمتشددين في دولة اسرائيل هم فاقدو البصر والبصيرة، ولا يقرأون جيداً مستقبل "اليهود" في العالم، إذ أنهم يعرّضون الديانة اليهودية واليهود لمزيد من العداء والضغينة، وذلك من خلال تصرفاتهم وممارساتهم واجراءاتهم القمعية ضد أبناء فلسطين، أصحاب الارض الشرعيين الذين يشكلون حوالي 20 بالمائة من سكان دولة "اسرائيل". ومن خلال سن قوانين عنصرية صرفة.
فالقانون الجديد الذي أقرته الكنيست (البرلمان) بالقراءتين الثانية والثالثة ليلة الأربعاء 18 تموز 2018 هو قانون عنصري بامتياز، وهو يهيء لانقسام داخل المجتمع في اسرائيل، وسيعزز الفوارق العرقية والمذهبية الى حد كبير، وقد يؤدي مستقبلاً، اذا تم التواصل في تطبيقه حرفياً والتعامل معه كاملاً، الى توتر أمني وعدم استقرار مزعج لكل الأطراف والجهات في هذه الدولة.
هذا القانون يتكون من 11 بنداً، وأهم ما جاء في بنوده أن ارض اسرائيل هي "الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وممارسة حق تقرير المصير في اسرائيل هو حصرا للشعب اليهودي" فقط، وان اللغة العبرية هي "لغة الدولة"، واللغة العربية (التي كانت رسمية) لها مكانة خاصة، أي أنها لم تعد لغة رسمية.. وجاء في البند السابع حول الاستيطان اليهودي، "أن الدولة تعتبر الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وتعمل على تشجيعه ودعم اقامته وتثبيته". هذا البند من القانون يعني ان الاستيطان في الضفة والجولان والقدس سيتواصل وسيعزز، وان على من يتواجد في دولة اسرائيل ان يتعلم "العبرية"، ويجيدها لان العربية ليست لغة رسمية.
وجاء في البند الثالث أيضاً من القانون ان "القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة اسرائيل"، أي أنه ليس هناك انسحاب من القدس العربية، وان حل الدولتين قد ذهب وولى!
مؤسسات يهودية في اسرائيل ودول العالم انتقدت هذا القانون ورفضته، وأكدت أنه مضر لليهود في العالم، وانه ضد قوانين "الديمقراطية" التي تدعي اسرائيل أنها الوحيدة التي تمارسها في منطقة الشرق الأوسط. وقد أقر البرلمان الاسرائيلي هذا القانون بأغلبية ضئيلة 62 صوتاً مقابل 55 صوتاً معارضاً، مما يعني ان حوالي نصف ممثلي الشعب في البرلمان غير راضين عنه، ويعارضونه.
هناك معاداة للاستيطان في العالم، وهناك حملات لمقاطعته، ولكن مع دعم القانون الجديد له، فان الحملات المقاطعة لن تكون للاستيطان بل لدولة اسرائيل التي تعّرض يهود العالم الى مزيد من الأخطار والمعاداة.
انه قانون خطير جداً، ليس على العرب المقيمين في وطنهم فقط، بل على اليهود في اسرائيل والعالم كله.. ولا بدّ من وقفة عالمية ودولية وانسانية ضده حتى يتراجع عنه من تبنوه، أو يأتي الى الحكم في اسرائيل من هم يملكون بصيرة مستقبلية أفضل، ويتطلعون الى مستقبل أفضل لليهود، وليس الى مستقبل لصالح نزواتهم الشخصية.
بقلم/ جاك خزمو