امس الجميع كان يراقب الحرب ويستنكر العدوان على غزة، إلى ان حصلت التهدئة بجهود الشقيقة مصر، جيد ان يتفاعل المجتمع وقواه ومثقفيه مع حدث خطير وطارئ، لكن ان تهمل بقية القضايا فهذا مؤشر ان الجميع يعمل بدون تخطيط.
ما زال موضوع القدس والاعتراف الأمريكي بها عاصمة لإسرائيل ملفاً لم يغلق بعد وينتظر فعلاً فلسطينياً.
وبالامس القريب كانت اسرائيل تشرع قوانين عنصرية ضد العرب في فلسطين المحتلة ولم نشهد حراك جدّي في مواجهة هذا التشريع الاسرائيلي.
العالم حساس تجاه هاتين المسألتين( القدس والعنصرية)، فماذا تفعل قيادة الشعب الفلسطيني حيال هاتين المسألتين؟
المراقب لكل تصرفات القيادة السياسية الرسمية والاحزاب يلحظ انها مرتاحة جدا لبيانات الموقف دون ان تتحرك لتجسيد الموقف ميدانياً رغم ان الظروف مهيأة لاستنهاض حالة كفاحية عامة تلقي بظلالها على الاقليم والعالم.
هل زحمة الاحداث ادخلت الفلسطينيين في حالة ارباك أم ان القيادة مدركة لما تفعل وتقصده، بمعنى ان العمل الوطني المناهض للاحتلال اصبح محظوراً وينبغي محاربة مظاهر التمرد التي تطرأ في بعض المناطق الفلسطينية، والارباك هنا منظم ومقصود؟
شاهدنا تهديدات اسرائيلية متكررة رداً على مسيرات العودة، ابرزها التهديد بالقصف لمدنيين يطلقون بالونات حرارية، وشاهدناهم يغتالون مسعفين وصحفيين واطفال ونساء ومعاقين، كم قضية تم تحريكها امام القضاء الدولي، ألم تعد بيانات السلطة منذ سنوات حتّى الآن التي وعدت بالتوجه الى محكمة الجنايات الدولية كذبة تستوجب موقف، هذه الكذبة ستمكن الاحتلال من مواصلة جرائمه دون حساب؟
قبل اسابيع قال صائب عريقات امين سر منظمة التحرير على وكالة ان كوشنير اخبره شخصياً عن صلابة الموقف العربي بشأن ما بات يعرف بصفقة القرن، وقبل يومين يدّعي جبريل الرجوب امين سر مركزية فتح عباس ان القيادة تقاطع اميركا، فمن هو الاصدق، الذي قال ان كوشنير اخبره شخصياً ام الذي يدعي المقاطعة للاميركان، ومن الاولى بالمقاطعة أليس من الاجدر ان تقاطع السلطة التنسيق الامني الذي وصل اعلى مستوياته في ظل عدوان مستمر على غزة وقوانين اسرائيلية عنصرية ضد العرب واخرى استهدفت مخصصات الأسرى و الشهداء!
القيادة الرسمية تفهم معنى المقاطعة، وقرأت قرارات دورتين للمجلس المركزي لمنظمة التحرير واخرى لما سمي بالمجلس الوطني، وتفهم طريق الخلاص من العبث الذي بني على اوهام التسوية العادلة، وتعلم ان المفاوضات اصبحت مسار يكرس الإحتلال والاستيطان وتنفذ اسرائيل عبرها كل ما خططت له تقريبا، الاستيطان تضاعف، وتم بناء جدار للفصل العنصري، ويجري تهويد القدس، ونفذت ثلاث حروب دموية على قطاع غزة وغيرها من جرائم تمت خلال المفاوضات، رغم ذلك يتجرأ رئيس السلطة محمود عباس بالموافقة على لقاء نتنياهو في موسكو قبل ايام ويصفعه نتنياهو بالرفض وتمر القضية بصمت، هل يوجد بعد ذلك هوان؟
ينزعج البعض عندما نصف القيادة الرسمية الفلسطينية بأنها (عصابة روابط القرى)، فهل كانت روابط القرى التي انشأتها اسرائيل سابقاً ستجرؤ على فعل ما يفعله تحالف عباس هذه الأيام؟
نفهم ان الاحتلال قوي ومجرم، لكن الذي لا يبرر هو ان تشارك القيادة الرسمية حرب الاحتلال على غزة وتواصل عقوباتها المفروضة على 2 مليون فلسطيني هناك، يفتك بهم الفقر والمرض والجوع، ألا يجري ذلك علناً وتصمت عنه بعض الاحزاب، من بينها الاحزاب التي شاركت في مسرحية اجتماع المجلس الوطني الاخير.
حراك ارفعوا العقوبات ممتاز وفكرته نبيلة، لكن للاسف هو حراك متأخر، والانجع ان يكون حراك واسع لاسقاط عصابة روابط القرى المتحالفة مع الاحتلال.
بقلم: محمد أبو مهادي