تقول إحدى فقرات القانون الأساسي، المعروف بقانون القومية اليهودي: اسرائيل هي الوطن الطبيعي والتاريخي الوحيد للشعب اليهودي في الوطن والمهجر، ولهم وحدهم الحق الديني والتاريخي والثقافي والطبيعي أن يمارسوا لوحدهم حق تقرير المصير فيه!.
تلك الفقرة من القانون الأساسي تلغي حق الوجود لمن هو غير يهودي على أرض (إسرائيل) كما يزعمون، والسؤال هنا: أين هي حدود دولة إسرائيل؟ وأين ستصل حدود هذه الدولة التي سيطبق عليها قانون القومية، في الوقت الذي لم تحدد فيه حدود الدولة حتى يومنا هذا، ولما يزل الخلاف قائماً بين المتدينين والسياسيين على تعريف حدود دولة العدو الإسرائيلي، فهل حدود الدولة هي أرض فلسطين الممتدة من رأس الناقورة حتى رفح، كما حددتها اتفاقية سايكس بيكو، والمعروفة بحدود فلسطين السياسية؟
أم هل حدود دولة العدو الإسرائيلي هي الحدود التاريخية التي وصلت إليها أقدام اليهود عبر العصور، كما يزعمون، وتضم أجزاء من الأردن، وأجزاء من لبنان حتى صور، وأجزاء من سوريا حتى دمشق؟
أم هل حدود دولة العدو الإسرائيلي هي حدود الدولة التوراتية كما يزعمون في سفر الخروج، وعلى لسان الرب: لنسلك أعطيت هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير؟ والمقصود مصر كلها وبلاد الشام؟
إن عدم تحديد حدود دولة العدو الإسرائيلي ليفرض على العرب جميعهم قراءة قانون القومية بأبعاده التاريخية والتوراتية،
والتي تشير إلى أن قانون القومية اليهودي لن يضر بحقوق الفلسطينيين السياسية والإنسانية في حدود دولة العدو الإسرائيلي المعترف بها وفق خطوط الهدنة لسنة 48، وإنما يشير إلى المطمع الصهيوني الذي ينظر إلى أرض الضفة الغربية على أنها الامتداد السياسي والتاريخي للدولة اليهودية، ليغدو بذلك التوسع الاستيطاني قانونياً، يتنافى الاعتراض عليه مع القانون الأساسي الذي تحتكم إليه الدولة.
اما الرؤية المستقبلية لقانون القومية فإنه يتجاوز أرض فلسطين السياسية، ويصل بأطماعه إلى البعيد من بلاد العرب، ولعل تدخل العدو الإسرائيلي في المساحة الجغرافية المسموح للجيش السوري بأن يتحرك بها على الحدود الشمالية يؤكد ذلك، ولعل شراء الأرض العربية شرق نهر الأردن، من قبل شركات صهيونية، يعكس هذه الأطماع الصهيونية التي أضحت محمية بقانون القومية هذا؛ الذي طبقته الحركة الصهيونية على الأرض قبل أن تسنه قانوناً.
لقد شجبت جامعة الدول العربية قانون القومية، وانتهت مهمتها، وأدانت السلطة الفلسطينية قانون القومية، ولم تحرك ساكناً، ورفضته القيادات الفلسطينية في الداخل، وارتفع صوتها الغاضب، ولكن كل ذلك لن يحول دون فرض قانون القومية بقوة السلاح والمال والنفوذ، وقوة الوجود الفعلي الصهيوني المسيطر على أرض الضفة الغربية، وهذا ما يستحث كل القوى الوطنية العربية والدولية المناهضة للعدوان، بأن تكثف جهدها المشترك للتصدي لهذا القانون في المحافل الدولية، وانتزاع القرارات الدولية الرافضة لهذا القانون، ولكن الأهم من ذلك هو العمل المشترك في الميدان بهدف تغيير البيئة السياسية العربية والفلسطينية التي أسهمت في تشريع مثل هذه القوانين التي تلغي الوجود العربي الفلسطيني على أرض فلسطين العربية.
د. فايز أبو شمالة