السلطة الفلسطينية تسطو على إيرادات قطاع غزة

بقلم: سمير أبو مدللة

@ فيما تدعي السلطة في رام الله أنها تنفق سنوياً حوالي 800 مليون دولار على قطاع غزة، فإنها تجبي منه مليار و400 مليون دولار ضرائب على البضائع المستوردة

■ تواصل السلطة الفلسطينية فرض إجراءاتها العقابية ضد قطاع غزة منذ آذار/ مارس 2017، التي طالت موظفيها العموميين باستقطاع أكثر من 30% من رواتبهم وإحالة الآلاف منهم إلى التقاعد المبكر ووقف رواتب الشؤون الاجتماعية، ووقف دعم الصحة والتحويلات الطبية والتعليم والكهرباء، ما أدى إلى إحداث شلل اقتصادي ومالي وتدهور معيشي غير مسبوق أوصلت قطاع غزة إلى حافة الانهيار، رغم أن حكومة السلطة تنهب من إيرادات القطاع نحو مليار و400 مليون دولار أميركي سنوياً.

ولم ينجح اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة في تشرين أول/ أكتوبر 2017 من إنهاء العقوبات على قطاع غزة، وتنصل الرئيس محمود عباس وحكومته من مسؤولياتهما اتجاه القطاع رغم تعهده على الهواء مباشرة في اختتام أعمال المجلس الوطني في (30/4-4/5/2018) بصرف رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة.

وزعمت حكومة السلطة الفلسطينية أنها أنفقت في السنوات العشر الأخيرة من خزينتها المالية على قطاع غزة ما يقارب 17 مليار دولار، وأنها تعاني عجزاً مالياً في خزينتها لعام 2017 لانخفاض المساعدات الخارجية بنسبة 70%.

وكشفت مراجعة البيانات المالية الصادرة عن السلطة الفلسطينية في العام 2016 واقع قطاع غزة المالي، وتبين أن موازنة السلطة بلغت 4,316 مليار دولار في عام 2016، ونفقات السلطة على قطاع غزة بلغت 817 مليون دولار، منها فاتورة الرواتب بلغت 644 مليون دولار سنوياً بما نسبته 32% من بند الرواتب لعموم موظفي السلطة في مناطقها كافة، فيما بلغت النفقات على بعض الوزارات من (التعليم، الصحة، التطوير ومستفيدو الشؤون الاجتماعية) 173 مليون دولار.

وتجبي حكومة السلطة الفلسطينية من قطاع غزة سنوياً نحو مليار و400 مليون دولار، قدرت بنحو مليار و300 مليون دولار كإيرادات من ضريبة المقاصة (المبلغ المتحصل من الجمارك وضرائب القيمة المضافة على البضائع المستوردة التي تكون وجهتها النهائية قطاع غزة)، وإيرادات ضريبة البلو الخاصة بمحطة توليد الكهرباء بلغت 35 مليون دولار، وإيرادات الضرائب من 13 شركة كبرى تعمل في القطاع بلغت 78 مليون دولار.

الإنفاق الشهري «مبالغ فيه»

ويدخل مالية حكومة السلطة الفلسطينية أرباحاً سنوية خالصة من قطاع غزة لدعم موازنتها تقدر بنحو 600 مليون دولار، وتدعي أنها تنفق حوالي 100 مليون دولار شهرياً، في الوقت الذي يئن القطاع جوعاً وفقراً ومأساةً بتفاقم الأوضاع الاقتصادية الهشة من الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي والإجراءات العقابية وإجراءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، ما أدى تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى ولادة جيش من الخريجين العاطلين عن العمل يصل إلى 260 ألف مواطن وارتفاع نسبة البطالة إلى 46.6% وتبلغ نسبة الفقر 65%.

وشهد القطاع الزراعي والصناعي والاعتماد المتنامي على قطاع الخدمات تراجعاً حاداً في أداءه. ووفق تقارير إحصائية انخفض إجمالي الواردات في قطاع غزة ما نسبته 15% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، بمتوسط 281 شاحنة يومياً مقارنة بالوضع الطبيعي من 800-1000 شاحنة.

وأضحى قطاع غزة مرتعاً للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية بفعل عقوبات حكومة السلطة الفلسطينية والحصار الإسرائيلي، بتزايد اعتماد نسبة كبيرة من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة على المنح والمساعدات الاغاثية تصل إلى 80%، وتزيد نسبة الأسر التي تعاني من نقص حاد في مستويات الأمن الغذائي عن 70%، في حين أن هناك 93% من الأسر بالقطاع لا تلبي احتياجاتها الضرورية من السلع والخدمات. وحسب بيانات سلطة النقد بلغ عدد الشيكات المرجعة 35484 شيك بقيمة 112 مليون دولار عام 2017 مقابل 62 مليون دولار عام 2016.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى تراجع مستويات البنية التحتية والنقص الحاد بالمياه القابلة للشرب، حيث أن 97% من المياه غير صالحة للشرب في القطاع، والعجز المائي بالخزان الجوفي بلغ 150 مليون م3، ونسبة الملوحة بالمياه الجوفية بلغت 1500 ميليغرام، ونسبة تلوث مياه البحر بلغت 73% جراء ضخ مياه الصرف الصحي، ولا تتجاوز ساعات وصل الكهرباء يومياً أربع ساعات.

وتوضح التقارير الاقتصادية أن 70% من طلبة الجامعات والمعاهد في قطاع غزة لا يستطيعون تسديد رسوم دراستهم، وزادت حالات الطلاق بنحو 3000 حالة سنوياً وانخفضت حالات الزواج بنسبة 10.8% مقارنة بالعام 2011.

وتظهر إحصائيات شبه رسمية أن العجز المالي في وكالة «الأونروا» يهدد بتقليص خدماتها نحو التوقف الكامل مما سيؤثر على 15 ألف موظف في برامج التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والاغاثية من القيام بمهامهم ويهدد بدء العام الدراسي الجديد في موعده في نهاية آب/أغسطس القادم والتحاق أكثر من 250 ألف طالب وطالبة بمدارسهم. ■

بقلم/ سمير أبو مدللة