احتجاج الأقلية الدرزية في اسرائيل على سن قانون القومية اليهودي لاقى اهتماماً كبيراً من رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي سارع الى عقد اكثر من لقاء مع كبار المسؤولين الذين قد يكون لهم التأثير على هذه الاقلية، وفي مقدمتهم الزعيم الروحي الشيخ موفق طريف.
وقد تم تشكيل طاقم حكومي خاص لبحث اعتراض الدروز على هذا القانون. وقدم الطاقم اقتراحات من بينها وضع تفاهم يؤكد ان من يخدم في الجيش الاسرائيلي له نفس امتيازات المواطن اليهودي. وهذا الاقتراح سيقدم للبرمان الاسرائيلي لاقراره.
وقد رفض عدد من وجهاء الاقلية هذا الاقتراح مصرين على ضرورة إلغاء أو تعديل قانون القومية. ونتنياهو يرفض رفضاً تاماً اجراء أي تعديل عليه.
رئيسا جهاز الشاباك الاسرائيلي السابقان ديسكين وباردو طالبا بضرورة إلغاء القانون، ودعيا الأقلية الدرزية الى عدم الانجرار وراء تعهد لن يضمن أحد التزام نتنياهو بالاستمرار في تطبيقه مستقبلاً، اذ قد يلغى في مرحلة من المراحل القادمة.
ويذكر أن المجالس المحلية البدوية اعترضت على هذا القانون وتطالب بالغائه، لان العرب البدو يخدمون في الجيش الاسرائيلي اضافة الى ابناء الاقلية الشركية.
التساؤل: لماذا سارع نتنياهو الى محاولة امتصاص نقمة الأقلية الدرزية على القانون.
ويمكن الاجابة على ذلك لتخوفه وخشيته من عدة ردود فعل مؤثرة ومن بينها:-
- تفشي وتوسع ظاهرة رفض الشبان الدروز تأدية الخدمة العسكرية.
- استقالة ضباط دروز من الخدمة العسكرية اذ أنهم يتولون مناصب رفيعة، ويخدمون الجيش ويساعدونه كثيراً ويعتمد عليهم في مهمات صعبة.
- يوحد الأقليات التي يخدم أبناؤها في الجيش الاسرائيلي (الدروز والشركس والبدو)، وقد يتخذون قرارات تؤثر كثيراً على أمن الدولة، وخاصة اذا قاموا بعملية عصيان واسع ضد القانون.
- يوحّد جميع العرب من مختلف عقائدهم الدينية والعرفية في القيام بفعاليات ضد القانون، وضد الحكومة الاسرائيلية.
- ستكون هناك ردود فعل دولية سلبية تدين اسرائيل بهذا القانون، وتتهمها باتباع سياسة عنصرية ضد من هم ليسوا يهوداً في الدولة.
إضافة الى ردة الفعل السابقة، فان نتنياهو، ومن خلال ارضاء "الدروز"، يريد تحقيق عدة أهداف خبيثة ومن أهمها:-
- ايقاع الخلاف بين مكونات المجتمع العربي داخل اسرائيل وتقسيمه الى دروز، وشركس، وبدو، ومسيحيين، ومسلمين، وبهائيين ...الخ.
- منح امتيازات لجماعة من دون أخرى ســتعزز الانقســـام وهذا ما يرغب فيه! وبالتـالي يمنع الوحـدة بين أبناء هذا المجتمع ويمنع من القيـام برد فعل مـوحـد!
- ايقاف الاحتجاجات الدرزية والشركسية سيعزز من القانون، ويكون تطبيقه سهلاً، واحترامه كبيرا، وكذلك سيسكت الاصوات العربية في المنطقة والاصوات الدولية الرافضة للقانون، وسيتمرس وراء قبول هذه الفئة أو تلك بالقانون.
- يـوقــف عمليـــة تقديم التـمـاســــات الى محكمة العدل العليا ضـد هــذا القانـون!
- يوقع بين أبناء الاقلية الدرزية بين مؤيد ومعارض للتفاهم الذي قد يتم التوصل اليه.
- تعزيز شعبيته أمام المجتمع اليهودي المتطرف، واظهار انه متمسك بالقانون، ويرفض تعديله أو الغاءه.
- محاولة اظهار أن للأقلية الدرزية احترامها في اسرائيل، ولها اعتبارات وامتيازات عديدة حتى من قبل الحكومة الاسرائيلية التي تسعى الى ان يعيش أبناء هذه الأقلية بأجواء هادئة ومستقرة، خلافاً لوضع الدروز غير المستقر في دول الشرق الأوسط!
في الخلاصة، فان قانون القومية العنصري لن يتغير أو يُلغى في المرحلة الحالية لان نتنياهو، وحزب الليكود الذي يترأسه، يستعدون جميعا لاجراء انتخابات مبكرة في الربيع القادم، أي بعد ستة الى ثمانية شهور، وهم جميعا بحاجة الى دعم اليمين الاسرائيلي، وهو المسيطر حالياً على المجتمع الاسرائيلي.
جاك/ القدس
3/8/2018