منذ أمس وعشرات الرسائل يطلبو مني رأيي بما حدث مع الاخ عيسى قراقع علما أني كتبت منشوراً صغيرا ً لم يفهمه البعض ، وطالبوني بمقال...
لم اكن أرغب بالتوسع .. ليس خوفا فالخوف ليس مني ولا أنا منه ، ولا لشيء ، ولكن ماذا أقول وقد كتبت الكثير الكثير منذ زمن ووصفت حال فتح وما وصلت إليه الأمور منذ المؤتمر السادس والسابع لا بل ومنذ تأسيس السلطة حتى .. لو اعدت ما كتبته لربما اكثر من عشرون مقالا إستقرأت فيهم ما جرى ويجري وسيجري لا حقا .. فالحال يصعب على الكافر..!
ورغم هذا سأكتب مختصرا لعلي أنهي الكثير من القيل والقال وكثرة السؤال..
وأتمنى أن لايؤخذ مقالي هذا من باب الشخصنة أو التشفي وأنا أسرد وقائع عشتها شخصيا منذ بداية إنشاء السلطة بعد أوسلو والى فترة قريبه
فموضوع عيسى قراقع له ما له وعليه ما عليه رغم أن الرجل له أكثر مما عليه
ولكني أسرد ما ستقرأون كي نعرف جميعا أصل المشكلة وحجمها وأساسها لأني وحسب وجهة نظري لم تكن وليده اللحظة بل هي تراكمات لماضي ليس ببعيد
الأخ المناضل عيسى قراقع مع حفظ الألقاب أخ وصديق ولربما كان الوحيد في بيت لحم الذي لم يكن في مسؤولية حكومية وكان الأقرب إلي كصديق كنا نلتقي في بيت صديق مشترك وبشكل شبه يومي ناهيك عن زيارتي له في مؤسسة رعاية أسر الشهداء الذي كان يشغله آنذاك
وأشهد الله انه ذو خلق عظيم لم يكن يذم ولا ينم على أحد بقدر ما كان ينبهني بأن أكون حذرا في عملي وعلاقاتي مع البعض
كانت ثقافته أعلى من أن أجاريها لا بل كان مدرسة ثقافية وطنية كنت أحاول التعلم منها
أبو خالد إنسان بكل ما تعنيه الكلمة وصاحب موقف ومبدأ مؤهل للقيادة وقد شغل أكثر من منصب وكان وزيرا لشؤون الأسرى
وأثبت في كل خطوة يخطوها أنه رجل وقائد ناجح
القوة التي أنتجت ضعفا ..
كان عيسى يستمد قوته من شخصه وتاريخه ومن خلال إطار فتحاوي حديدي في ذلك الوقت سمي بالحركية العليا التي كان يرأسها مروان البرغوثي
وكانت الحركية العليا التي تم إعتمادها من قبل الراحل ياسر عرفات حيث كانت تمثل القيادة الجديدة لحركة فتح بعدغياب اللجنة المركزية التي كان بعض أعضائها موجودين في السلطة وقد تسلمواومهماتهم و معظم أعضائها خارج الوطن والذين اعلنوا موقفهم المعارض لأوسلو والذين إستطاع أبو عمار إستدراجهم واحدا تلو الاخر حتى جرهم إلى مربعه وأصبحوا يدافعون عن أسلوا اكثر منه وهؤلاء دخلوا الوطن كل واحد لا يمثل إلا نفسه وهو يبحث عن مكان له تحت الشمس
ولكن قبل ذلك كانت الحركية العليا قد إستأثرت بكل شيء وما عاد لأعضاء المركزية العائدون إلا إستجداء رضى مروان ورفاقه في الحركية التي اكلت كل شيء
مما دفع بالأخ مروان ورفاقه في الحركية العليا أن يتزعموا حركة فتح بلا منازع
وشكلوا الهيئة الحركية ووزعوا الأدوار والمهمات فيما بينهم واستأثروا بالتنظيم في كافة أنحاء الوطن حتى ان اللجنة المركزية فقدت تأثيرها (ربما ابو عمار قصد ذلك )..!
مما جعل من فتح عبارة عن شركة يرأس مجلس إدارتها أبو عمار بشكل رمزي ومروان قائدها الفعلي
أذكر هنا حادثة حدثت في أريحا وهي أن مجموعة من المناضلين الأسرى بقياده الاخ قدورة فارس الذين تم تحريرهم بعد إنشاء السلطة تم تجميعهم في بركسات في مدينة أريحا وكان يحظر عليهم مغادرتها تحت حماية الأمن الوطني
إلا أنهم ساروا بمظاهرة عارمة بعد أن طفح كيلهم أزاء الحر القاتل جراء مسكنهم في كرفانات حديدية وقد وضعوا حول أجسادهم سلاسل حديدية
وساروا في شوارع أريحا في مشهد مؤثر جدا وحاولت قوات الأمن الوطني ردعهم وبالقوة ، إلا أني ورغم مسؤوليتي كضابط في الامن الوطني ومسؤول بلدية أريحا آنذاك وقفت وسرت في مقدمتهم مؤازرا لهم ، مما حد وأوقف من تدهور الوضع و من تهور قائد الأمن الوطني آنذاك الحاج إسماعيل الذي أعطى أوامر صارمة بوقفهم ، وتوجهت اليه مع الاخ قدورة الذي ألتقيه لأول مرة وتم التفاهم معه بأن يتم نقل رسالة منهم للقائد العام أبو عمار .
ولا أذكر إن كان الأخ عيسى قراقع كان معهم أم لا... !
طلبهم أبو عمار إلى غزة وبالمصادفة العجيبة كنت قد وصلت إلى غزة بطلب من الرئيس بعد قضيتي مع عين السلطان
كنت أجلس بعيدا وأنا انتظر لقائي مع أبو عمار ولم يكن يعلم بوجودي أللهم أنه لمحني من بعيد عندما جاء إليهم في قاعة السراي
جلس معهم أبو عمار رحمه الله وبدأ يتحدث كقائد ووالد لهم ويواسيهم على ما وقع عليهم من ظلم متعاطفا بكل عبارات الحب والتقدير
فوقف الأخ قدورة فارس وصرخ قائلا,,
يا أخ أبو عمار نحن الذين ناضلنا في الإنتفاضة وضحينا واستشهد منا المئات ، ولولانا ولولا تضحياتنا لما كانت أوسلو ولما دخل من دخل الى الوطن
فرد ابو عمار قائلا...
إنت بتزاود علينا .. يا ..إنت مين يا ...إسمع ..انت على الأقل كنت عايش في وطنك ودول الي إنت بتقول أنهم جائوا يتحكموا فيك , دول كانوا خارج وطنهم في الشتات بيتعذبوا أكثر منك بمليون مرة ، إنت كنت بين أهلك في وطنك , دول الي إنت بتهينهم كانوا , بقاتلوا العدو في كل المواقع .. إلى ما استشهدش منهم إتصاوب وتشتت في بقاع الدنيا ..إنت إيه إنت جاي تعلمنا الوطنية ..!؟,
انفض الإجتماع وأبو عمار يصرخ ويهدر وما عاد هناك مجال للحوار.
إلا ان أبو عمار لم يكن يترك الأمور تتفاقم فالمصالحات تاتي بعد عتاب واعتذار وتقبيل
وكيف ننسى أن مروان كان رقما صعبا ومسنودا بقادة الأجهزة الامنية وعلى رأسهم جبريل
فبعدها بأيام تم تعيين الأخ قدورة مديرا للإرتباط المدني في أريحا
أقول هذا للتذكير ...
وإن كنت مخطئا فقدورة ما زال حيا يرزق ..فليصححني أو يكذبني .!
ما الذي حصل مع عيسى وقبله منذر وقبله عشرات من أبناء فتح مثل الأخ بسام زكارنه وقد انتهت نقابة من اهم نقاباتنا الوطنية بعد فصله وسجنه .. كل ذلك حصل رغم أنه من المفترض أن فتح كانت حاضنتهم ..!
تم التهميش والإقصاء والإحالات إلى التقاعد ومحو التاريخ النضالي واستبدالهم بأي عدد وأصبحت الكميات الهائلة التي تم إضافتها لفتح وكلكم يتفرج
وانت يا أخ عيسى ومعك جميع رفاقك كنتم تشاهدون ما يجري دون أي تدخل
كنت انا شخصيا أتي لمروان ومعه قدورة كي نتضامن مع بعض كفتحاويين من أجل قضية تخص شعبنا كان الصد والتنكر
وفي مرة اصطحبني الاخ قدورة ودخلنا مكتب الاخ مروان ،وبناء على موعد مسبق ، وما أن دخلنا مكتبه اعتذر وقال.. معلش أنا عندي موعد وخرج مسرعا ووقف قدورة مشدوها ومحرجا وقال معلش مرة ثانية.. قلت له لا ثانية ولا ثالثة خلي فتح إلكم...
وهنا أشير الى مسألة هامة .. أني شخصيا كنت أول من وقف مع مروان يوم حادثته أمام باب المقاطعة وبقيت بجانبه حتى حلت المسألة وقبله ابو عمار وطيب خاطره
واستدعاني ابو عمار في اليوم التالي وقال لي بالحرف الواحد ..طول عمرك هبيلة يعني وقفت مع مروان وهو عمرة ما وقف معك ...!
قلت له.. هيك تعلمنا من فتح ومنك يا والدي
في بيت لحم ... جاء كل الناس ليتضامنوا معي ما عدا قيادة فتح وكامل حميد بالتحديد كان يعمل ضدي وبشكل واضح
أنا هنا لا أتحدث عن نفسي يا عيسى وانت أكثر من عرفني ولكن أتحدث عن كادر فتحاوي عريق وعميق ماذا قدمتم له من مساعدة ودعم .. بل تركتموه مصلوبا والغربان تنهشه حتى خر صريعا أمام عيونكم
أخي عيسى هكذا أصبحت فتح وليس في زمن أبو مازن بل في زمن الراحل أبو عمار ...
مادامت مصالحكم تمام التمام ولا داعي لذكر الأسماء كلها وأذكر على رأس القائمة الأخ مروان فك الله أسره و الحوراني وقدورة والشوبكي وحسين وأحمد وغنيم هل رفع أحدكم صوته لإنقاذ فتح ..!؟
فتح ما عادت فتح ..
ففتح التي كانت تحمي أبنائها من خلال الإطار القوي الذي كان يتوجه قانون المحبة
تلاشى بعد أن إستأثرت الحركية العليا وجعلت من فتح فقط من هم في إطارها الضيق حتى أننا سمعنا حينها نغمة ( المقيميين والوافدين)
فأصبح الفتحاويين قبائل وفئات متباينة وأصبع الصراع بين فئات تحاول ل فئة أن تحمي نفسها ومن معها خاصة من استقووا بالإجهزة الأمنية
فأصبحت قوى للمخابرات وقوى للأمن الوقائي وقوى للإستخبارت أللهم إلا الشرطة فلا حول ولا قوة أللهم سوى أنهم يسهرون على حماية المواطن من إستقواء الاخرين
وتحولت فتح إلى أطر ضيقة ..إطار الحركية العليا التي لم تدم طويلا
وإطار اللجنة المركزية..وإطار المجلس الثوري ..وإطار المجلس التشريعي
إطار الأقاليم ..وإطار اللأجهزة اللأمنية ..وإطار الوزراء .. وإطار المدراء العامين
وإطار المطبلين والسحيجة .. وما عاد هناك إطار لقانون المحبة
وأخيرا نتج إطار (حك لي تا أحك لك )
في أريحا تُرك كاتب هذه السطور وحيدا أللهم من طيف من الناس في المجتمع المدني الذين وقفوا معه لفترة ثم إنتهى الأمر بالنسيان
وفي بيت لحم أصبحت شريدا مطاردا ً لا بل منبوذا
حتى أنني كنت عندما ألتقي بأي مسؤول فتحاوي ينظر حوله حتى لا يراه أحد معي
فيا أخي عيسى قراقع ربما تغيرت الظروف ...نعم تغيرت الظروف
فأنت عملت بأصلك وبتربيتك وبأخلاقك وكنت حسن السيرة والسلوك
ويحق لك ان تبحث عن قوة تساندك وتعيد لكم إطاركم الذي كان ويحق لك ان تنقد وأن تقول رأيك وتبادر
ولكن بعد إيش ....بعد ما خربت مالطا ...!
اما انهاء خدماتك فهي ليست استثناء ولا يقلل من قدرك وقيمتك وكما قال الكثيرون أقيل مناضل محترم وعين مكانه مناضل محترم .. ليست هذه مشكلة يا اخوان
هناك مشاكل كثيرة وتعقيدات كبيرة في داخل الحركة
أكل عليها الدهر وشرب ..
فلا تصغروا الكبائر ...ولا تكبروا الصغائر
كلمة أخيرة ..
السياسة هي هي لم تتغير منذ أبو عمار حتى أبو مازن ..
فالاثنان من مدرسة واحدة ...الفرق بين أبو مازن وأبو عمار .
أن أبو عمار كان يتقن التمثيل والتقبيل
أما أبو مازن... فلا يتقن حتى التقبيل
أكتفي بهذا القَدر ففي القِدر الكثير
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.....
#منذرارشيد_رأي