مناضل استلم من مناضل

بقلم: رأفت حمدونة

راقب الأسرى والمحررون وهيئة شؤون الأسرى ، والنشطاء من شخصيات ومؤسسات خبر تعيين اللواء الأسير المحرر والكاتب قدري ابو بكر رئيساً للهيئة خلفاً للوزير الأسير المحرر والكاتب عيسى قراقع بالكثير من الترقب ، وأعتقد وفقاً للتاريخ أن كليهما مناضلان أمضيا زهرة شبابهما ومعظم حياتهما في السجون والمعتقلات الاسرائيلية ، وتحملا المسؤولية التنظيمية بصبر وتحدى وثبات داخل أقبية التحقيق وعتمة الزنازين ، وخلال المواجهة مع السجان لتحقيق الكرامة والحياة بمقوماتها الأساسية والانسانية رغماً عن السجان وطواقم الارهاب في إدارة مصلحة السجون وأجهزة الأمن المسؤولة عنها .

ولطالما قراقع جاب شوارع وأزقة المخيمات واصطحب طاقم الهيئة بكامله دون تعب أو كلل أو ملل لمساندة الأسرى في خطواتهم ، وأمن لهم مطالبهم واحتياجاتهم ودافع عن حقوقهم واحتياجاتهم ، ونادى بأعلى صوته " ان سنوات السجن الاسود الطويلة لم تستطع ان تنتصر على ارادة الحياة والحرية ، وخاب السجان الذى اعتقد أن السجن صُنع كبديل لحبل المشنقة على رقابهم ، ولكن الحركة الأسيرة قوضت بامكانياتها وبصبرها وبصمودها تمسكها بمبادئها واهدافها هذا المفهوم " .

وقال مراراً " لا تجعلوني استقبل الأسرى جثثاً من سجون الاحتلال، انتهى الكلام، فلا داعي للصحافة والإعلام والتحليل والتنبؤات ، لأن الأسرى يصارعون الموت ، فاكسروا الأقلام، وابحثوا عن مسدس ورصاص، لا تنظروا إلى ساعاتكم، انتهى الوقت، لا ملح ولا ماء، جفت العروق وأغلقت الأبواب ".

هذا الحس الانسانى أكده ولا زال المناضل والأسير المحرر اللواء قدرى أبو بكر بقوله القديم الجديد " لن يدرك معنى الثورة إلا من يحياها ، و لم يدرك سمة الحياة الاعتقالية الا من عايشها، والكتابة عنها ستفقدها جوانب كثيرة ، فمن الصعب أن نروى كل الدقائق لانه ما عاد بالامكان تذكرها ، فالتشابه النسبى فى الحياة الاعتقالية هو أحد سماتها ، الطعام نفسه ، والعدو نفسه ، والقمع نفسه والجدران نفسها ووجوه السجانين جامدة لا تتغير وايديهم ملوثة ، ومن خضم المعاناة والآلام تبرز المقاومة والنضال .

وعليه فأعتقد أن الحس واحد ، والقلم واحد ، والجهد والاجتهاد لمصلحة الأسرى والحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة ستبقى واحدة ، فالمرحلة القادمة صعبة ، ولن يستغنى المناضل عن المناضل ، والتجربة ستبنى على التجربة ،لأن كليهما في نفس الطريق كانا وزراء ، أو رؤساء لمؤسسات أو متضامنين ومواطنين بلا مسميات، فعند كل الاعتبارات أعتقد أن الاثنين لن تغيرهم الألقاب والأماكن ، بل سيبقيا أوفياء لمن ضحوا ولازالوا في السجون منذ سنوات طويلة من أجل كرامتهم وحريتهم ، وفى اعتقادى أن " عيسى وقدرى " ومن معهم من طواقم سيبقيا مساندين وداعمين لهذه القضية الأكثر انسانية ووطنية وأخلاقية وقومية ودينية ، لأن التحديات القادمة ستكون صعبة في ظل الهجمة المسعورة على الأسرى في كل مناحى وتفاصيل حياتهم ، وفى سن القوانين والتضييقات عليهم وعلى عوائلهم ، وعلى مشروعية النضال الفلسطيني بكامله ، وفى استهداف الأسرى بتشويه نضالاتهم على المستوى الدولى .

بقلم/ د. رأفت حمدونة