معدل البطالة في القطاع نحو 47%، فيما تعتمد الأسر الفلسطينية على المنح والمساعدات الإغاثية بنسبة 80%
قطاع غزة المنكوب بحاجة لخطة طوارئ اقتصادية تنموية عاجلة في إطار البرنامج الوطني الفلسطيني، ما يتطلب من القوى الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية لإنقاذ القطاع وصون موقعه النضالي
يئن قطاع غزة جوعاً وفقراً ومأساةً، بتفاقم الأوضاع الاقتصادية الهشة، الناجمة عن الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي والإجراءات العقابية للسلطة الفلسطينية وإجراءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، ما دفع بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية نحو الكارثة. بحيث سجل معدل البطالة فيه نحو 47%، فيما تعتمد الأسر الفلسطينية على المنح والمساعدات الإغاثية بنسبة تصل إلى 80%، وتزيد نسبة الأسر التي تعاني من نقص حاد في مستويات الأمن الغذائي عن 70%، في حين أن هناك 93% من الأسر بالقطاع لا تلبي احتياجاتها الضرورية من السلع والخدمات.
وتفيد التقارير الاحصائية الرسمية عن قطاع غزة، أن 97% من المياه غير صالحة للشرب، ونسبة تلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي تتجاوز 70%، وساعات وصل الكهرباء لا تتعدى الأربع ساعات يومياً، فيما يصل عدد سكانه للمليونين، في مساحة جغرافية لا تتجاوز 365 كم2 بكثافة سكانية 5203 فرد/ كم2.
كما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن القطاع بات على شفا الهاوية ولن يصلح للحياة مع حلول العام 2020، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة تجفيف منابع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» لإنهاء عملها، ما يهدد بدء العام الدراسي الجديد ويؤثر على نحو 13 ألف موظف في التعليم والصحة والاغاثة في القيام بدورهم.
وعلى وقع المأساة والبؤس والفقر والحرمان، تطل واحة «المشاريع والحلول الانسانية» برأسها من جديد على قطاع غزة، عبر أطراف فلسطينية، لتوفير الحياة الكريمة لأبنائه لتعزيز دوره الوطني في الخلاص من الاحتلال، دون بوابة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وفق تفاهمات 12/10/2017 و22/11/2017.
وتتسارع المساعي الإسرائيلية والأميركية لإيجاد حلول للمشاكل الانسانية الصعبة لقطاع غزة لمحاصرة مسيرات العودة وكسر الحصار التي تتواصل للشهر الخامس على التوالي، عبر سلسلة مشاريع بمليارات الدولارات، في إقامة محطات لتحلية المياه ومعالجة المياه العادمة، ومحطة لتوليد الكهرباء وتحسين البنية التحتية وإنشاء ميناء ومطار بالتعاون مع مصر، في الوقت نفسه يتواصل العدوان والحصار والإغلاق الإسرائيلي على القطاع بدعم واسناد من الولايات المتحدة الأميركية.
ويرى مراقبون أن إسرائيل باتت على قناعة أن تدهور أوضاع قطاع غزة واشرافه على الكارثة سيدفع نحو انفجار شعبي سينعكس سلباً على إسرائيل باعتبارها هي المسؤولة عن الأوضاع الكارثية التي يعانيها والناجمة عن الحصار والتدمير الممنهج للاقتصاد الفلسطيني.
ألاعيب الإدارة الأميركية
فيما يعتقد آخرون أن الإدارة الأميركية تواصل اللعب على الانقسامات التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وتوظف معاناة قطاع غزة ومطالب أبنائه وتلبية احتياجاتهم الأساسية من الماء والكهرباء والميناء والمطار وحرية السفر على أنها قضية إنسانية، في وقت تجمد الإدارة الأميركية مساهماتها المالية لدعم «الأونروا»، تطبيقاً لـ«صفقة العصر»، وفي تجاهل للأسباب الحقيقية لما آلت إليه الأوضاع في القطاع ويتحملها بالدرجة الأولى الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العدوانية والعقابية إزاءه.
وحسب مراقبين، تدخل القيادة الرسمية الفلسطينية بدورها على خط التحركات السياسية لا لانتشاله من أزماته، بل لقطع الطريق عن أية تحركات سياسية قد تتجاوزها، محذرة من مخططات أميركية وإسرائيلية في إطار «صفقة العصر» لإنهاء المشروع الوطني عبر تعزيز فصل الضفة عن القطاع وتكريسه دولة محاصرة ومعزولة، وأن الولايات المتحدة وإسرائيل تستغلان ثغرة الانقسام لتمرير «صفقة العصر»، في حين لا تكف القيادة الرسمية والسلطة الفلسطينية وحكومتها عن اللعب على أوجاع القطاع وتواصل فرض عقوبات عليه منذ نحو العام ونصف العام، وتواصل اللعب على وتر التمكين والسيطرة على القطاع من «الباب إلى المحراب».
الحل الوطني
ويبدو وفق المراقبين، أن رئيس السلطة الفلسطينية ومعه حكومة رامي الحمد الله يتجاهلان التطورات في قطاع غزة، خاصة من مسيرات العودة وكسر الحصار إلى جانب الحراك السياسي والمشاريع المطروحة.
خلاصة القول، قطاع غزة المنكوب يحتاج إلى خطة طوارئ اقتصادية تنموية عاجلة في الميادين المختلفة في الصحة والتعليم والاقتصاد.. الخ في إطار البرنامج الوطني الفلسطيني، ما يتطلب من القوى الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية لإنقاذ قطاع غزة من جهة، وصون موقعه النضالي من جهة أخرى. ويمكن هذا أن يتحقق عبر تشكيل وفد وطني موحد على غرار الوفد الفلسطيني الموحد الذي تشكل لإنجاز اتفاق التهدئة خلال الحرب العدوانية على القطاع في صيف 2014، يتولى إدارة المباحثات والمشاورات ودراسة المشاريع المطروحة لقطاع غزة، ويسهم في الوقت نفسه في تحضير الأجواء الداخلية للتقريب بين طرفي الانقسام، فتح وحماس، بما يوفر لقطاع غزة الفرصة للاستفادة من المشاريع الدولية المطروحة، ويضمن في الوقت نفسه أن تتم الأمور تحت السقف الوطني الجامع للقوى الوطنية والإسلامية، ويقي القطاع أو أي طرف فلسطيني من الانزلاق السياسي خارج السياق الوطني العام، ويغلق الباب أمام محاولات استغلال حالة القطاع لأهداف لا تمت إلى المصلحة الوطنية. ■
بقلم/ وسام زغبر