"مين هالحمار اللي برمي سلاحه وبيروح يفاوض"
صلاح خلف "أبو إياد" (YouTube)
عرّف نفسه بأنه باحث أكاديمي ، وأستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي، وعميد البحث العلمي ليَنْحَتَ (مقالاً سياساً!!!) ربما هو اليتيم حتى اللحظة!!!
نَحت الرجل (مقاله!) تحت عنوان "صفقة القرن"، غير أنك لا تكاد تجد عن "صفقة القرن" إلا العنوان لتكتشف في خاتمة (مقاله!) الغرض الأسمى الذي نحت (مقاله!) من أجله. أراد الرجل أن يكيل المديح للرئيس كيلاً فرأيناه يصفه أنه صاحب "الصرخة المدوية في وجه الطغاة والمتآمرين"، مستنداً في هذا الوصف الذي يبتعد عن الحقيقة ابتعاد الأرض عن السماء على قول الرئيس:"نرفض صفقة القرن....."، دون أدنى اهتمام بما لهذا الرئيس من مواقف مؤسفة ومخزية ومعيبة ومخجلة.
وإذا كان أستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي "يرى أن الرئيس صلبٌ في مواقفه"، وفي عدم مساومته على حقوقنا المشروعة، وأنه أعاد لنا – نحن الفلسطينيين – عزتنا وكرامتنا وعلو همتنا، كما يدعي، لمجرد أنه (أي الرئيس) "أعلن - والكلام ما يزال لكاتب (المقال!) - على الملأ رفضه القاطع لصفقة القرن التي وصفها بأنها صفعة القرن التي لا تحمل للفلسطيني إلاّ الذل والمهانة والخضوع"، فإننا نستأذن أستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي وعميد البحث العلمي أن يفهم أنه ما هكذا تُفهم "المواقف الصلبة"، ذلك أن "المواقف الصلبة" ليست كلمات تقال أو تصريحات تعلن، دغدغة للعواطف ثم تذروها الرياح. وعليه، فهلاًّ أرانا أستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي مواقف الرئيس على مستوى الفعل والميدان؟! أين هي مواقف الرئيس عباس من أجل الحفاظ على ثوابتنا الوطنية واستقلال قرارنا الفلسطيني؟! أين هي؟! ألا يعلم أستاذ البلاغة (العربية!) أن الكلام القوي إنما هو قوي بمواقف عملية تؤيده؟! أما الموقف الذي يصفه صاحبنا بأنه قوي وصلب، فإنه إن بقي كلاماً في كلام دون أن يصاحبه أو يتبعه في الميدان ما يؤيده، فإنه ليس إلاًّ..... وليختر أستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي ما أراد من الكلمات ليكمل العبارة!
أيها العقلاء!
كيف لعاقل ألاًّ يرى أن الرئيس الذي يتفنن - صباح مساء - في انتهاك القوانين لا يمكن أن يكون حريصاً على وطنه وشعبه، ولا يمكن أن يكون صاحب صرخة مدوية (اللهم إلا إذا كانت الصرخة المدوية ليست أكثر من فعل صوتي لا قيمة له ولا وزن، حيث لا ترجمة عملية وميدانية تسنده)؟ كيف لعاقل ألاًّ يرى أن الرئيس الذي يضع في قبضة يديه كل شيء فيجمع بين التشريع والتنفيذ ولا يحترم الفصل بين السلطات، لا يمكن أن يكون صاحب مواقف وطنية صلبة ولا يمكن أن يكون حريصاً على المشروع الوطني وأميناً على مستقبل أصحابه؟! كيف لعاقل ألا يرى أن الرئيس الذي يطالبه شعبه كما تطالبه فصائل المقاومة والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أن يوقف التنسيق الأمني فيكون رد الفعل لديه وكأنه يقول للشعب وفصائل مقاومته والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية: "قولوا ما شئتم، أما أنا فأفعل ما أشاء"، حتى أنه يصف التنسيق الأمني بأنه مقدس مقدس مقدس، يمكن أن يكون رئيساً على أي مستوى مقبول أو معقول؟! وعليه، فكيف لأستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي أن يدافع عن التنسيق الأمني الذي ما يزال الرئيس يصر عليه، على الرغم من القرار الذي اتخذه المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقفه منذ ثلاث سنوات ونصف، وتحديداً في مارس 2015؟! وكيف له أن يسوغ للرئيس وصف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني بالقدسية والقداسة؟! وكيف له أن يدافع عن العقوبات التي يفرضها على قطاع غزة هذا الرئيس الذي يصر صاحبنا أستاذ البلاغة (العربية!) على وصفه بأنه صاحب الصرخة المدوية؟! وكيف له أن يدافع عن هذا الرئيس الذي يقطع رواتب الأسرى ويقطع الكهرباء ويحاصر غزة كحصار العدو الصهيوني لها، بل أشد وأقسى؟!
وبعد: فما دام أستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي يمتدح مجرد قول عباس بأنه "يرفض صفقة القرن"، فيصفه بأنه "أطلق صرخة مدوية"، فماذا عساه يقول في كثير من أقوال عباس وقراراته وأفعاله وإجراءاته المؤسفة والمعيبة والمخزية، والتي نشير، الآن، إلى قليل منها، على سبيل المثال، لا الحصر:
- إسرائيل وجدت لتبقى، وليس لأن تزول (YouTube)
- التنسيق الأمني مقدس مقدس مقدس (YouTube)
- في مقابلات تلفزيونية منفصلة، سئل عباس فأجاب:
- "إذا اثنين بيقولوا يسقط عباس سأكون أنا الثالث ولن أبقى" (YouTube).
- سئل عباس: "هل يكون مصير محمود عباس مثل الرئيس التونسي أو المصري حسني مبارك؟!" فأجاب: أعدك أول مظاهرة تخرج ضدي لن أسمح لها أن تستمر سأخرج قبلها (YouTube) ،
- وفي مقابلة أخرى سئل عباس، فأجاب: لن أقبل أن يخرج أربعة أو عشرة أو عشرين يقولوا يسقط عباس أو إرحل يا عباس، سأخرج أنا (YouTube).
- وإجابة عن سؤال المذيعة:"ماذا تقول لو سمعت شعبك يقول: ارحل يا عباس؟" فأجاب عباس:"ياريت. إذا طلع اثنين فما فوق يقولوا ارحل سأكون أنا الثالث ولن أبقى" (YouTube)، علماً أنك تستطيع أن تشاهد بعينيك وتسمع بأذنيك جموعاً غفيرة وهي تهتف:"ارحل ارحل يا عباس" (YouTube).
- الأمن عندنا يدخل المدارس يفتش في حقائب التلاميذ وفي يوم صادرنا سبعين سكين في مدرسة (YouTube).
- قانون الجرائم الالكترونية (القامع لحرية الرأي والتعبير).
- أنا ماشي تحت بساطير الإسرائيليين (YouTube).
- أحال الآلاف للتقاعد.
- قوله المكرر دوماً: "إذا توصلنا لحل بالمفاوضات نكون قد أنجزنا، وإذا فشلنا فنحن لا نخسر لأننا خسرانين خسرانين.
- قوله الذي لم يكف عن تكراره: "الاستيطان لن يتوقف بل سيتصاعد سواء وافقنا على المفاوضات أم رفضناها"
- منذ اجتماع الفصائل في القاهرة في مارس 2005، لم يفعل شيئاً في شأن ما تم الاتفاق عليه حيال منظمة التحرير الفلسطينية.
- تنازله عن حق العودة بدءاً من مسقط رأسه في صفد (YouTube).
- سخريته المستمرة من المقاومة ووصفه لها بالعبثية وهي التي صدت وصمدت أمام حروب صهيونية ثلاثة.
- سحبه تقرير غولدستون الذي أدان دولة الاحتلال بعد حرب 2008 على قطاع غزة.
ولأن أستاذ البلاغة (العربية!) والنقد الأدبي وجه التحية لسيادة الرئيس على مواقفه (الوطنية!!!) التي لا تقبل المساومة، فهلاَّ أتى لنا أستاذ البلاغة (العربية!) على هذه المواقف بأمثلة؟! ولأنه وجه التحية لكل خطوة خطاها الرئيس في سبيل إعادة حقوقنا، فهلاّ أفادنا عن هذه الخطى؟! ولأنه يؤكد للرئيس أن شعبه سيظل سنداً قوياً له داعماً لمواقف (البطولية!!!) ملتفاً حول قيادته الحاكمة، فهلاّ أبلغنا بالتفويض الذي منحه الشعب إياه ليتحدث اليوم باسمه؟!
أما آخر الكلام، فما كان من ضرورة، قط، لهذا المقال المدجج بكلام مرسل لم يبتغِ منه إلا وجه الرئيس والدائرين في فلكه، بعيداً بعيداً بعيداً عن وجه الله والحق والصدق والوطن.
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة
رئيس "جمعية أساتذة الجامعات – فلسطين"