مشهدية الاعلام الرسمي الفلسطيني..

بقلم: فتحي كليب

إعلام سلطة فئوية ، أم إعلام شعب وقضية

بتاريخ 12 آب 2018، نشر "تلفزيون فلسطين الرسمي" التابع للسطة الفلسطينية تقريرا اخباريا حول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وسياساتها بعنوان " سياسة التشكيك المستمرة للجبهة الديمقراطية لاتخدم الشراكة السياسية والمواقف الوطنية" ومتهما اياها "بالتنكر لتاريخها ولشهدائها وجرحاها، وعدم دعمها لسيادة الرئيس ابو مازن في معركته الدبلوماسية وضد صفقة القرن التي يروجون لها في الغرف المغلقة". وبعيدا عن لغة الاسفاف والشتائم التي اتصف بها التقرير ضد احدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ومن وسيلة اعلام "رسمية" يفترض انها تمثل الكل الفلسطيني، وبعيدا ايضا عن مسلسل الاكاذيب التي ساقها "تلفزيون فلسطين" حول "صمود الرئيس" وسياساته ومواجهته لصفقة القرن. فقط نود ان نشير الى مقارنة بسيطة لنصل الى واحد من امرين: اما ان معدي التقرير يكذبون على انفسهم وعلى شعبهم في كل ما اورده من شتائم بحق الجبهة الديمقراطية، او انهم يقولون كلاما عكس ما تقول به قيادة السلطة والمنظمة. فما الذي قالته هذه القيادة؟ لنقرأ معا..

في المهرجان الوطني الحاشد الذي اقامته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بتاريخ 25/2/2018 في مدينة البيرة في الضفة الغربية، لمناسبة ذكرى انطلاقتها التاسعة والأربعين، تحدث الاخ محمود العالول نائب رئيس حركة فتح في كلمة باسم الرئيس محمود عباس فقال ما حرفيته: "انقل اليكم تحيات الرئيس واعتزازه بدور الجبهة الديمقراطية ومساهماتها في مسيرة الثورة والشعب الفلسطيني، وأن الجبهة كانت حريصة دائما على التنوع والتكامل والانسجام بين مختلف أطياف الحركة الوطنية، وإعطاء الأولوية للتناقض الأساسي مع الاحتلال. كما تميزت الجبهة في التمرد على الجمود الفكري، وحرصت على المراجعات النقدية، وتميزت بالجرأة في طرح الأفكار والمواقف. الى هنا انتهى كلام الاخ محمود العالول.

في المقارنة بين موقف نائب رئيس حركة فتح وبين تقرير بثه تلفزيون سلطة، يبدو الاختلاف واضحا لدرجة التناقض، وهو تناقض لن نتوقف امامه كثيرا. وسنتحدث عن هذه المسألة بحسن نية، اي ان التقرير تم اعداده من شخص غير عالم بتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، خاصة الجبهة الديمقراطية ولا يعرف بالتالي شيئا في السياسة سوى انه كلف برد على الجبهة التي انتقدت مؤخرا السياسات التي يعتمدها الرئيس، وهي سياسات قاصرة وعاجزة ولا تشكل الحد الادنى من الموقف المطلوب وطنيا، او ان التقرير تم اعداده وبثه دون رقابة من المعنيين بهذ التلفزيون، وهنا المصيبة اكبر. وفي الحالتين هناك تقصير واضح لم نكن بحاجة الى هكذا تقرير كي نتيقن من مسألة ان التوظيف في الاعلام الرسمي الفلسطيني يتم على اساس حزبي وبعيد عن الكفاءة والمهنية.

لكن لنترك التقارير جانبا ونتحدث عن تلفزيون فلسطين باعتباره احد نماذج الاعلام الرسمي الفلسطيني السيء، والذي يشكل مرآة صادقة للسلطة ومواقفها السياسية، وهو مطالب من قبل هذه السلطة بلعب ادوار اكثر قباحة وسلبية في تقديم الصورة الى الشعب الفلسطيني على غير حقيقتها الفعلية، وهو دور على كل حال لا يختلف كثيرا عن واقع الاعلام للنظام الرسمي العربي الذي مهما تحدثنا على قصوره وسلبياته فلن نفيه حقه من النقد..

هي ليست المرة الاولى التي يجند فيها تلفزيون فلسطين طاقته الاعلامية واسلحته الحربية في محاولة، ليست نظيفة، لتشويه صورة الفصائل الفلسطينية وتاريخها، والتعويض عن ادوار مطلوبة لا يقوم بلعبها، خاصة لجهة وظيفته الرئيسية، كبقية الاعلام الفلسطيني الذي يقوم بما عليه من مقاومة وصمود وفضح الاحتلال وسياساته، ما يطرح سؤالا جوهريا حول دور ووظيفة الاعلام الرسمي الفلسطيني..

من الناحية النظرية، فالاعلام الرسمي الفلسطيني هو اعلام عام، اي انه لا يدين بالولاء لأي فصيل فلسطيني، ووظيفته يفترض ان تكون وحدوية تعمل على نشر وتعميم ثقافة الحوار والانفتاح على جميع التيارات التي يجب ان تجد نفسها على شاشة هذا المنبر الاعلامي. إذا هو ليس اعلاما للرئيس، وان كان للرئيس القسم الاكبر من الاخبار والفعاليات الرئاسية، كما انه ليس اعلام حزب الرئيس الذي يمتلك وسائل اعلامه الخاصة، مرئي ومسموع ومكتوب والكتروني. بل هو اعلام كل الشعب الذي له قضية يناضل من اجلها، بل اعلام حركة تحرر وطني تناضل من اجل الخلاص من الاحتلال.. ولا يغير من هذا الكلام وجود اعلام خاص او فصائلي يمارس سياسة اعلامية حزبية، فهذا الاعلام يبقى اعلاما حزبيا تنظمه القوانين المرعية، بينما الاعلام الرسمي الفلسطيني هو ملك كل الشعب بجميع فصائله وتياراته المختلفة.. وليس اعلاما لهذا الفصيل او ذاك. وان كان من حق الاعلام الفصائلي والخاص ان يضع لنفسه سياسة واستراتيجية اعلامية منفصلة عن استراتيجية السلطة والرئاسة، غير ان الاعتبار الوطني والسياسي والاخلاقي والنزاهة الوطنية تبقى المعايير التي يجب ان تحترمها اية سياسة اعلامية..

تاريخيا لعبت الصحافة الفلسطينية والاعلام بشكل عام ادوارا هامة وقارعت المحتل جنبا الى جنب مع كل فئات الشعب الفلسطيني ودفعت ولا زالت تدفع اثمانا باهظة لكونها تعتبر نفسها جزءا لا يتجزأ من معركة الشعب الوطنية. الى جانب ذلك، هناك الاعلام المتمثل بإذاعة وتلفزيون فلسطين ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، التي تم تشكيلها لأهداف واضحة هي صناعة رأي عام فلسطيني يتسم بالولاء الاعمى للسلطة وتقديم خطاياها في السياسة والاقتصاد على انها انجازات وطنية. ولا غرابة في ذلك طالما ان السلطة ملتزمة وفقا لاتفاق اوسلو وعائلته بأن تكافح ما يسمى الارهاب والتحريض وان لا تتعاطى في امور تشكل من وجهة نظر اسرائيل، خروجا على الاتفاقات الموقعة. ولنا في تجربة الانتفاضة الثانية خير مثال على ذلك. إذ عندما اندلعت هذه الانتفاضة، بادر العاملون في تلفزيون فلسطين الى بث الاناشيد الوطنية التي الهبت حماس الجماهير الفلسطينية، لكن ما ان تدخلت اسرائيل وطلبت من السلطة السياسية ايقاف هذه الاناشيد كونها تشكل تحريضا واضحا ضد اسرائيل حتى استجابت السلطة وطلبت من مديري وموظفي التلفزيون عدم التفاعل مع الاحداث الجارية في الميدان.. وهذا ما حصل في خطوة لاقت استغراب وادانة فصائل وفئات واسعة من الشعب الفلسطيني..

لكن وكي لا نكون اشداء في نقدنا، فان النقاش الموضوعي هو الذي يراعي اعتبارات الواقع الذي نعيش، فتلفزيون فلسطين هو جزء من "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية" التي تأسست وفقا لاتفاق اوسلو عام 1993 الذي اعطى الحق بانشاء محطتي بث اذاعي وتلفزيوني، بهدف "دعم عملية السلام وتعزيز الاستقرار في الشرق الاوسط معتمدة على الديمقراطية والتعددية".  وفقا لهذا النص المنشور على موقع وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، فقد كان يفترض بتلفزيون فلسطين، إن كان حقا يعتمد في خدماته، على "الديمقراطية والتعددية" ان يصيغ تقريرا مشابها ويلتقي بمسؤولي الجبهة الديمقراطية كي يوضحوا ويقدموا ما لديهم، وهذا ما لم يحصل، لأن التلفزيون اعتبر نفسه جزءا اساسيا من المشكلة ومنحازا الى طرف السلطة والرئاسة.

كان يمكن لتلفزيون فلسطين، لو كان موظفوه يمتلكون الحد الادنى من النزاهة، ان ينشروا بيان الجبهة الديمقراطية او جزءا بسيطا منه ومن ثم يقوموا بالتعليق عليه، بينما الذي حصل هو انضمام التلفزيون الى جوقة الهتيفة التي تقدم ولائها لمن يدينون لهم في تعيينهم وابقاءهم في وظائفهم.. لذلك كان السؤال، الجواب، هو لماذا لم يقم التلفزيون بنشر بيان الجبهة الديمقراطية الذي انتقد السلطة والاداء الرئاسي من مجمل التطورات؟ ام ان وظيفته هي الدفاع عن الحاكم ومواقفه، بغص النظر عن مدى صوابيتها ام لا.

رغم ان وسائل الاعلام الفلسطينية شكلت رديفا للفلسطيني المقاوم والمنتفض والمعتقل، الا ان الاعلام الرسمي وقع في مرات كثيرة في اخطاء قاتلة ومميتة، وربما انها حدثت عن سابق تصور وبقرارات من المستوى الرئاسي. علما ان الاعلام الرسمي ونظرا لكونه ممثلا للكل الفلسطيني، فان المنطق كان يفترض ان ينأى بنفسه عن الصراعات السياسية الداخلية وان لا يكون جزءا منها، رغم اننا لا ننكر واقع مر نعيشه جميعا هو ان هذا الاعلام هو جزء لا يتجزأ من فريق سياسي ونخبة حاكمة برزت الى العلن مع توقيع اتفاق اوسلو.

ولأن الاعلام الفلسطيني، هو انعكاس لمواقف القوى السياسية، فقد كان واضحا ان الازمة السياسية الراهنة التي تعيشها الحركة الوطنية الفلسطينية تبرز نقاط ضعف كبيرة في تعاطي الاعلام الرسمي مع طبيعة الصراع مع اسرائيل سواء لجهة توصيف التحركات الجماهيرية او الهدف منها او لجهة اعتبارها فرصة لامكانية تصحيح الخلل القائم في عملية المفاوضات (القيادة السياسية)..

الارتباك كان واضحا ايضا في الموقف السياسي من التحركات او هو تواطؤ ربما، والا كيف نفسر واقعة سقوط الشهداء المدنيين واحد تلو الآخر في مسيرات العودة في قطاع غزه، بينما التلفزيون الرسمي يعرض المسلسلات والدراما العربية وغيرها من برامج الترفيه، لكن عندما يقع خلاف سياسي مع فريق السلطة ينقلب اداء التلفزيون الرسمي لتصبح وظيفته الردح والشتائم. متناسيا ان الخلاف هو ليس بين قوى سياسية فيما بينها فقط، بل بين هذه القوى والمستوى الرسمي.. ومن الطبيعي والحالة هذه ان غياب الموقف السياسي الموحد انعكس سلبا على مستوى غياب استراتيجية اعلامية واضحة للاعلام الرسمي..

لقد فقد الاعلام الرسمي الفلسطيني الكثير من دوره كونه ناطقا بلسان الشعب، ولم يتبق من رسميته سوى اخبار الرئيس والوزراء واصحاب النفوذ والتجار والاجهزة الامنية. اصبح ناطقا رسميا بلسان المطبخ الرئاسي الفلسطيني، يتبنى الموقف الذي لا يريد انتفاضات او مواجهات تقود الى انتفاضة شاملة قد تحرج السلطة والرئيس، اللذين يعلنون صراحة تبنيهما لخيار المفاوضات شكلا وحيدا  في التعاطي مع اسرائيل، وهذه هي النقطة الوحيدة التي صدق فيها تقرير تلفزيون فلسطين حين قال ان الجبهة الديمقراطية لا تدعم الرئيس. نعم، لأن الجبهة الديمقراطية لا ترى جدوى في سياسة التردد والقصور في التعاطي مع صفقة القرن التي لا يمكن ان نفشلها بالشكوى والنحيب فقط، بل بسياسة هجومية تتصادم مع المشروع الامريكي الاسرائيلي على الارض، وباجراءات تعيد الاعتبار لمؤسساتنا الوطنية. وبالتالي كانت تغطية الاعلام الرسمي انتقائية بعيدة عن اعتبار نفسه جزءا من المعركة لجهة المسؤولية التي يتحملها عبر التحريض وتعبئة الجمهور ودفعه للمشاركة في الفعاليات الشعبية، وجاء اداءه منقوصا ومربكا. لكن هذا لا يعني للحظة الحس الوطني للموظفين والمراسلين الذين يتواجدون في الميدان الى جانب المنتفضين وسقوط جرحى منهم اثناء عمليات التغطية..

كثيرة هي المؤشرات والنماذج التي تؤكد ان الاعلام الخاص، وحتى الاعلام الحزبي، لعب ادوارا متقدمة واكثر مهنية من الاعلام الرسمي خاصة المرئي منه. ومرد ذلك ليس لعدم وجود كفاءات مهنية في المؤسسات الرسمية، بل هناك كفاءات مهنية واكاديمية وعلمية فلسطينية تفوق في خبراتها ومهنيتها اهم الخبراء العالميبن، بل ان المشكلة تكمن في القيد والرقابة والادارة السياسية من فريق التسوية الاوسلوية الذي تعود له الكلمة الفصل في تحديد نوعية البرامج والفقرات المختلفة وبما ينسجم مع الموقف السياسي للسلطة اولا وضمانا لعدم خروجه عن النص المرسوم بشكل مسبق من قبل قوى اقليمية ودولية..

في ظل المسح الامني لجميع الموظفين وتحديد انتماءاتهم السياسية، فان الاساس الذي يحسم امر توظيف اي كان هو الدرجة التي يتعاطى فيها مع بعض رموز السلطة والتعاطي معهم كقديسين لا يجب مسهم او انتقادهم. وحين يطرح النقد من على منبر هذا التلفزيون فغالبا ما يكون في اطار تصفية الحسابات بين مراكز القوى داخل السلطة نفسها. وكل من يسعى الى الاجتهاد المهني بالاضاءة على قضية ما او طرح موضوع، فضيحة مثلا، فالويل والثبور وعظائم الامور من ضغوط اقتصادية وملاحقات امنية وغير ذلك من الممارسات التي عادة ما تلجأ اليها الاجهزة الامنية التابعة للسلطة، إن لم نقل اكثر من ذلك، خاصة تلك التي تفتقر الى قوانين وانظمة تحدد طبيعة العلاقة بين السلطة السياسية والمواطنين. وهذا ما جعل الاعلام الرسمي بمختلف فروعه المرئي والمقروء والمسموع عبارة عن صدى للحاكم لا وظيفة له الا التحريض وافتعال الاكاذيب ضد اخصام السلطة السياسيين.

كل ما طرأ على الاعلام الرسمي من تغيير يؤكد عقم السياسة المتبعة تجاه هذا الاعلام، بحيث لم تكن الاقالات المتعددة حلا لأزمة هذا الاعلام الذي يعيش حالة اغتراب بينه وبين جمهور لا يتعاطى معه باعتباره ناطقا باسمه بل باسم حزب وسلطة ورئيس وليس باسم شعب ووطن وقضية. ولا غرابة في ذلك طالما ان المعيار الاساس في العلاقة هو ليس الكفاءة بل الولاءات والمحسوبيات والواسطات والنزعات الفئوية، وحين توجد كفاءات، وما اكثرها، فان مكانها لا يعدو غرف التحرير البعيدة عن دائرة الفعل والتأثير.. ولا يمكن الا الاقرار ان هناك مساعي بذلت لتطوير الرسالة الاعلامية للاعلام الرسمي، لكن جميعها باءت بفشل ذريع. وظل الاعلام الرسمي اسيرا لحالة من التبعية لمجموعة من النافذين على مستوى قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير. والنتيجة الوحيدة هي حالة العزلة التي يعيشها الاعلام الرسمي مقارنة مع الاعلام الخاص الذي تمكن من بناء حالة اعلامية مقاومة، وهذا ما وضعه امام الاستهداف المباشر لقوات الاحتلال الاسرائيلي التي قتلت واعتقلت اعلاميين وصحافيين واغلقت مراكز اعلامية وصحفية نتيجة الدور الوطني الذي تقوم به وتقديمها رواية صحفية واعلامية لا تروق للاحتلال واجهزته..

لذلك يمكن ان نلاحظ جرأة اعلى واكبر في طرح المادة الاخبارية او السياسية بشكل عام من قبل الاعلام الخاص الذي تراه مركزا على اعداد التقارير المصورة والمقترنة بالمعلومة من اصحاب الخبرة، على اختلاف مشاربهم، وصولا الى الاستخلاص العام الذي دائما ما يكون تحريضيا للجمهور. هذا الدور قد يعتبر تهمة بنظر الاعلام الرسمي الذي يفترض به ان يقدم رسالة اعلامية منسجمة مع خطاب وموقف الحاكم، حتى ولو كان ذلك بشكل كاذب، كما حصل في التقرير عن الجبهة الديمقراطية.. وهو تقرير يفترض ان يحاكم كل من ساهم في اعداده، نظرا لبثه روايات هي ليست سوى اكاذيب. وثانيا انها قدمت احكاما على احد اعضاء اللجنة التنفيذية الذي يعتبر وفقا لقرار تشكيل السلطة الفلسطينية المرجعية الوطنية العليا لهذا التلفزيون ولجميع هيئات السلطة، ولا حق لأي كان ان يبني مواقفه ويحرض بشأنها وفقا لروايات كاذبة ومختلقة..

ان الفوضى الراهنة في اداء المؤسسة الاعلامية الرسمية الفلسطينية انعكست ارتباكا ليس فقط في الموقف مما يحدث، بل وايضا في طريقة التعاطي مع الاحداث واعتبار التحركات الجماهيرية او مسيرات العودة على سبيل المثال حدثا صحفيا عاديا يبث بدقائق معدودات، ولا يفتح الهواء الا للشب والشتائم على الفصائل وعلى منظمي المسيرات. وبالتالي وقبل ان يخسر هذا الاعلام نفسه، فقد خسر مصداقيته امام الشارع الفلسطيني الذي يتعاطى مع ما يبثه التلفزيون انطلاقا من تبنيه للحالة الوطنية بعيدا عن الاستثمار السياسي الفئوي وبما يتجاوز اوجه الخلل في تقديم رواية فلسطينية واحدة لما يحدث، ليس بالاعتماد على ما تقوله المؤسسات الامنية للسلطة الفلسطينية، وعدم التعاطي مع ما يجري باعتباره سبقا صحفيا بل باعتبار التلفزيون ناطقا اعلاميا بلسان جميع المنتفضين.

لذلك بات مطلوبا الوقوف بجدية ومسؤولية مهنية ووطنية امام بعض جوانب الخلل والقصور الذي تشكو منه مؤسسة الاعلام الرسمي الفلسطيني وبما يسهل عليها ايصال رسالتها الاعلامية ونقلها إلى العالم الخارجي، وقبل ذلك اقناع الشعب الفلسطيني بمختلف انتماءاته السياسية انه حقا "وسيلة اعلام رسمية" للشعب والوطن والقضية وليست اعلاما فئويا لهذا المسؤول او ذاك. 

بقلم/ فتحي كليب