في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية تأتي انعقاد دورة المجلس المركزي الفلسطيني في دورته بعد المجلس الوطني الفلسطيني، ولما لهذه الدورة من مهمة استثنائية في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، كنا نتمنى ان تحضر كل الفصائل والقوى اجتماعات المركزي لانه ينعقد امام مخاطر عديدة ابرزها القوانين الصهيونية وصفقة القرن والمحاولات الجارية تحت يافطات متعددة انسانية وتهدئة لقطاع غزة ، وذلك من اجل البحث في تحديد توجهات العمل الفلسطيني لفترة قادمة مليئة بالاحداث والتطورات السياسية الهامة والمؤثرة على القضية الفلسطينية.
ان خصوصية هذه الدورة تكمن في كونها تنعقد لمناقشة أيضا مسيرات العودة والمقاومة الشعبية وقضايا الوحدة الوطنية، وخاصة بعدما راكم الشعب الفلسطيني وقيادته وقواه من خلال صمودهم ونضالهم مواقف عالمية داعة للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني.
وفي ظل غياب وحدة القراءة والتحليل للتطورات والاحداث السياسية ، ونظرا لطبيعة الاحداث والتطورات النوعية اللاحقة، فاننا نعتقد أن نجاح دورة أعمال المجلس المركزي مسؤولية وطنية جماعية، تتطلب الانطلاق في المناقشات من وضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل الاعتبارات الاخرى وأن التباين واختلاف الآراء أمر طبيعي، فلا يستطيع احد الادعاء بأنه يملك الحقيقة الكاملة أو أنها كلها موجودة فقط في وجهة نظره.
وفي هذا السياق نقول أن مفهوم وضع المصلحة الوطنية الفلسطينية فوق كل الاعتبارات الاخرى، يتضمن التوفيق بين الحق في المحافظة على القناعات الخاصة والدعاية لها، وبين واجب تعزيز المكانة السياسية والتمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما تفرض الاوضاع محاكمة التطورات السياسية المتوقعة وغير والمتوقعة، من منظور وطني فلسطيني، وتحديد المواقف منها وفقا للمصالح السياسية والنضالية الفلسطينية وبمعزل عن العواطف او القناعات الفكرية .
من هنا نقول أن حماية مسيرات العودة والمقاومة الوطنية بكافة اشكالها ، وضمان تواصلهما لمواجهة المخاطر وحتى طرد الاحتلال ونيل العودة والحرية والاستقلال، لها الاولوية على سواها من المهام الاخرى، وهذا يتطلب تعزيز وتعميق الوحدة الوطنية الشاملة في أطرها التنظيمية وفي كل برامجها الكفاحية اليومية، من خلال الاحتكام لأسس الديمقراطية وتطويرها في العلاقات الفلسطينية الداخلية والعمل على صيانة الطريق التي عبدت بالدموع والدماء الغالية.
وامام كل ذلك نتطلع ان يخرج المجلس المركزي بقرارات لمواجهة كل المخاطر من خلال رسم استراتيجية سياسية كفاحية فلسطينية موحدة،ترتكز على قرار الأمم المتحدة الخاص بالاعتراف بدولة فلسطين الصادر عام 2012، حيث أن القيمة السياسية لهذا القرار يجعل القضية المركزية في صراعنا، انتزاع الاستقلال وإنهاء الاحتلال، واستعادة حقوق اللاجئين الفلسطينيين وفقاَ للقرارالاممي 194، والانتقال نحو المضمون السياسي والعملي لحقيقة الاعتراف بدولة فلسطين، مستفيدين من الزخم الدولي الرافض لقرار "ترامب" ولصفقة القرن والمؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية، والانطلاق من حقيقة ان الشعب الفلسطيني يناضل ضد الاحتلال الاسرائيلي، مع الرفض لكل المخططات والمشاريع والحلول الامريكية والصهيونية والاقليمية التي تمس الثوابت الفلسطينية ، ورفض المساس بدور "الاونروا" ووظيفتها طبقا للشرعية الدولية،الى جانب العمل الحثيث على تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
لذلك وفي ظل التطورات الراهنة نركز على أن الأولوية في تنفيذ اتفاقات المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني ،الى جانب ذلك مواصلة العمل لاستعادة ما أمكن من التضامن العربي في مواجهة التحديات التي فرضتها مواقف ترامب والحلول الاقليمية .
ختاما : لا بد من القول نحن امام امتحان رئيسي ، فقرارات المجلس المركزي سوف تبين لشعبنا وللعالم أجمع مستوى تقدم وتعمق الواقعية السياسية في الفكر الفلسطيني ، فهل ستكون نتائج أعمال المجلس المركزي في مستوى طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي