نميمة البلد: البطاطا في المريخ

بقلم: جهاد حرب

يشبه حال البلاد كزرعة البطاط في كوكب المريخ؛ فمن جهة القدرة على الوصول الى هذا الكوكب محدودة بل حصرية لمن يتمكن أو يمتلك القدرة والامكانيات، وهنا القادرون على الوصول الى المريخ هم دول غنية أو ديمقراطية أو مارقة دون النظر الى الجدارة أو الاستحقاق. فالمجلس المركزي المنعقد في رام الله أغفل أهم المقومات والقواعد الأساسية للنظام السياسي القائم في منظمة التحرير المتمثلة بالتعددية والحكومة الائتلافية واحترام الأغلبية لرأي الأقلية ما يضعف المؤسسة نفسها أو يزيل ما تبقى من شرعية لها. فيما حركة حماس المجتمعة في القاهرة ذاهبة الى عقد اتفاق "هدنة"، سواء محدود المدة أم مفتوحة دون أفق سياسي، بزعم انها صاحبة "الولاية" في القطاع بـ"شرعية السلاح" متفردة بالقرار بالرغم من صيغة اللقاءات المنعقدة مع الفصائل المختلفة.

ومن جهة ثانية نتائج الزراعة في المريخ كحال البلاد غير مضمونة؛ فلا المقدرة على تطبيق قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير متوفرة، كما حصل في اجتماعية في الأعوام الفارطة وكذلك في المجلس الوطني الفارط. والامر ذاته ينطبق على عدم قدرة حماس أو غيرها على ضمان أي تهدئة مع إسرائيل أو هدنة فعادتها التنصل من الاتفاقيات وخرقها، بمعنى آخر ينطبق المثل الشعبي على حركة حماس “اللي بجرب المجرب عقله مخرب".

ومن جهة ثالثة فإن الاهم من هذا كله الثمن المدفوع في الحالة الفلسطينية؛ فالشعب الفلسطيني دفع الغالي والنفيس في الوطن والشتات والمنافي للحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وقواعد العمل الحاكمة واستقلاليتها كجبهة وطنية جامعة للكل الفلسطيني ولبناء نظام ديموقراطي يصون كرامة الفلسطيني ويحفظ له المشاركة الفاعلة في صنع القرار، وفي اتخاذه، وفي تنفيذه. أما في الجهة المقابلة، فإن هدنة قائمة على "الهدوء مقابل الهدوء" أو "الهدوء مقابل الغذاء" هما ترجمة حرفية لشعار حزب الليكود في الثمانينات من القرن الفارط "السلام مقابل السلام" أي أن أي تهدئة أو هدنة مستقبلية تفتقر الى أي أفق سياسي هي كزراعة البطاطا في المريخ. وفي هذا المقام تُطرح المفاضلة بين التنازل للفرقاء الداخليين وأبناء الدم الواحد أو التنازل للأعداء والمحتلين والبون بينهما شاسع، وشتان بين هذا وذاك. 

جهاد حرب