يأتى عيد الأضحى هذا العام في ظل ظروف بالغة الدقة تمر بها القضية الفلسطينية والساحة الفلسطينية بالرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني على ارض فلسطين وفي اماكن اللجوء والشتات الا ان لعيد الاضحى المبارك طعم خاص، فالصغار فرحون بثيابهم والعابهم،والكبار بإتمام زيارة الاصدقاء والاقارب والجيران ، وانتظار حجاج بيت الله الحرام .
وامام كل ذلك نستشعر بخطورة الاوضاع هل نحن امام اتفاق اوسلو 2 ، وخاصة ان الحورارت التي جرت في القاهرة بين حماس وحضور بعض الفصائل تؤكد الوصول الى هدنة مقابل حلول انسانية واقتصادية لقطاع غزة لا ترقى إلى المستوى السياسي المطلوب، والذي ناضل الشعب الفلسطيني من أجل إنجازه، وهو إزالة الاحتلال ، اي ان التسليم بطريقة غير مباشرة هي محاولة فصل قطاع غزة عن الضفة وهو ما ترغب فيه الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ، حيث تبعث خطورة هذه السياسة، وما يترتب عليها من خيارات عملية واتفاقات محددة، من أنها لم تقم على رؤية علمية لطبيعة الصراع وجذوره، كما عبرت عن فهم مذعور وسطحي لموازين القوى القائمة، ولطبيعة المشروع الأمريكي ،الإسرائيلي وأهدافه الاستراتيجية.
إن اقدام حركة حماس او اي جهة على هذه المحاولة في ظل استمرار مسيرات العودة والمقاومة الشعبية ـ وامام قرارات المجلس المركزي الفلسطيني ، تؤكد من طرفنا، بانها تصب في مصلحة المشروع المعادي، الذي يتطلب من الجميع تعزيز الوحدة الوطنية من خلال تطبيق اليات اتفاق المصالحة ورسم استراتيجية وطنية لمقاومة الاحتلال ومواجهته، فالصراع ذو الطبيعة التاريخية، وبوصفه اشتباكًا تاريخيًا جذريًا وشاملاً بين الأمة العربية وعلى نحو أخص الشعب الفلسطيني، وبين المشروع الإمبريالي – الصهيوني.. لا يمكن أن تلغيه أو تطفئ جذوته هدنة او اي اتفاق.
وفي ظل هذه الاوضاع يأتي عيد الأضحى زائر رغم صعوبات الحياة وفي ظل الهجمة العدوانية الصهيونية التي تطال الشجر والحجر والبشر والمقدسات الاسلامية والمسيحية، اضافة الى ما يجري في مخيمات اللجوء والشتات ، وصولا الى ما تتعرض المنطقة وشعوبها من هجمة امبريالية صهيونية رجعية ارهابية تكفيرية هدفها تدمير مقدرات المنطقة ونهب خيراتها وتقسيمها الى كانتونات طائفية ومذهبية واثنية وابعاد الشعوب العربية عن البوصلة الحقيقية فلسطين
ان الهجمة الذي يتعرض لها المسجد الاقصى من إستباحة يومية من قبل قطعان المستوطنين الصهاينة المدججين بالسلاح وبأدوات القمع الذين يستخدمونها بشكل بربري في الاعتداء على المرابطين والمصلين المسالمين العزل من الشيوخ والنساء والرجال ، حيث ان هذه الاقتحامات تأتي في مخطط مدروس تنفذه دولة الكيان بكل أجهزتها الأمنية ومؤسساتها المدنية ومرجعيتها الدينية مستغلة بذلك الانشغال العربي والاقليمي والدولي بصراعات المنطقة في دولها خاصة دول
الطوق المجاورة ، وهو ما يشجع حكومة الاحتلال على المضي قدما في تنفيذ مخططات التهويد لأن الاهتمام العربي والإسلامي والدولي حتى هذه اللحظة لم يرق الى مستوى الموقف المطلوب لكونه لا يتعدى عن إصدار بيانات شجب واستنكار مقتضبة تصدر غالبا عن المنظمات الاقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس ومجلس التعاون الخليجي و مفوضية الاتحاد الأوروبي وبعض وزارات الخارجية والأوقاف وهي ردود لا تتناسب مع خطورة وحجم المخطط التهويدي الذي يجري تطبيقه اضاغة الى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الخان الاحمر والضفة ، مما يتطلب إعادة النظر في سياسة التهدئة، التي تسعى دولة العدو من خلالها لتكريس معادلة الهدنة مقابل هدنة، ، بما يعني ذلك من وقفٍ للمقاومة ونضال الشعب الفلسطيني، وإطلاق يد الكيان الصهيوني في استكمال مشروعه النقيض لحقوقنا الوطنية من خلال استيلائه على الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها، وتهويد القدس ، وتكريس الفصل بين الضفة المحتلة وقطاع غزة، وغيرها من الإجراءات، ، لهذا لا بد من إتخاذ موقف فلسطيني بدعم المقاومة الشعبية والعمل على وحدة الموقف الفلسطيني ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني، وعلى الجميع ان يعي انه بدون القيادة الرسمية الشرعية الفلسطينية، لن يكتب النجاح لأي اتفاق، وان ايضا على الكل الوطني الذي يقف بمواجهة التصدي لصفقة القرن، وكل المشاريع المعادية ان يتطلع الى مصلحة الشعب الفلسطيني العليا لانها الاساس.
على كل حال جاء العيد هذه المرة على الشعب الفلسطيني مثقلاً بالجراح، ففلسطين الجريحة تعاني من الاحتلال والاستيطان والانقسام وهي مستمرة بالمقاومة عبر مسيرات العودة والمقاومة الشعبية، ومخيمات اللجوء والشتات ترسم خارطة حق العودة ، وتوجه المخطط الامريكي الصهيوني الذي يستهدف وكالة الاونروا بهدف انهاء خدماتها تحت يافطة العجزمن خلال محاولة شطب حق العودة، كما يقوم الشعب الفلسطيني بزيارات الى مدافن الشهداء في المخيمات في اوائل يوم العيد ، ويتوجه من خلالها على اضرحة الشهداء والنصب التذكاري في مقبرة الشهداء حيث تقف الفصائل والقوى والشعب بوقفة صمت اجلالا واكبار لشهداء الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفي مقدمتهم القادة العمالقة الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات وأبو العباس وطلعت يعقوب وخليل الوزير، وسعد صايل وفتحي الشقاقي والشيخ احمد ياسين وزهير محسن وابو عدنان قيس وجهاد جبريل وابو احمد حلب وعبد الرحيم احمد وزهير محسن وكل الشهداء من فلسطينيين وعرب واممين استشهدوا على الطريق الى فلسطين.
ختاما: كلّ التهنئة والتحية والتقدير بعيد الاضحى المبارك للشعب الفلسطيني المرابط على ثرى ارض فلسطين ومقدساتها الاسلامية والمسيحية وفي اماكن اللجوء والشتات والمنافي ، و للمعتقلين والاسرى البواسل في سجون الاحتلال ، و للجرحى الصابرين على الجراح، وللشعوب العربية وقواها التقدمية والقومية وقوى المقاومة على امتداد المنطقة ، وللشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني ، وكل التحية لأرواح الشهداء، ونقول ان علينا الاستمرار في طريق النضال والإبداع والتميز فالشعب الفلسطيني العظيم سيبقى شعلة منيرة تضئ سماء فلسطين.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي