وداعا اوري افنيري..

بقلم: ميلاد البصير

رحل الصحفي والكاتب الاسرائليي الذي اخترق كل القوانين الاسرائيلية والتقى في الرئيس الفلسطيني في عام ١٩٨٢ اثناء حصار بيروت ، رحل الرجل الذي كان في بداية حياته السياسية ينتمي الى اليمين المتطرف ولكن سرعان ما فتح عينيه وادرك ان حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يتم فقط وفقط من خلال التفاوض ومن خلال قيام دوله فلسطينيه قابلة للعيش في فلسطين.
هو من أقام في اللقاءات السرية وشبه السرية مع العديد من القادة الفلسطينين وعلى مستويات رفيعة في منظمة التحرير الفلسطينية ليتعرف وليناقش ولكي يؤسس دوره للسلام في داخل المجتمع الفلسطيني ، في كتابه الشهير اخي العدو والمترجم للغة الايطالية يقص وفي التفاصيل محتويات نقاشاته مع رجال وكوادر منظمة التحرير وعلى رأسهم المرحوم المناضل عصام السرطاوي وغيره ، يقدم عرض نفصل في كيفية تنظيم هذه اللقاءات السرية، حيث انه كان ممنوع منعا باتا من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني هذا النوع من اللقاءات ، من الطرف الفلسطيني من كان يعتبر ويتهم بالخيانة كل من يلتقي في العدو الصهيوني ومن الجانب الاسرائليي كان ممنوع اي لقاء مع الإرهابيين الفلسطينين.
مع كل هذا فهذا الرجل خاطر كما خاطر ايضا الشهيد السرطاوي في تنظيم هذه اللقاءات ، فالسرطاوي دفع حياته ثمن ذلك وأما افنيري واجه المحاكم الإسرائيليةمرات عديدة حيث تم اتهامه في عشرات التهم ومع ذاك بقي الرجل يدافع عن أفكاره وطروحاته السلمية المناسبة لحقوق السعب الفلسطيني المشروعة .
ناظر وحاضر في أوروبا قاطبة، في الجامعات والمعاهد ومنظمات المجتمع المدني ، التقى العديد العديد القادة العرب وبشكل سري .
أوج هذه اللقاءات كان مع الشهيد ابو عمار في بيروت الغربية اثناء الغزو الاسرائليي حيث انه خرق الحصار ولم يكترث في القوانين الاسرائسليه التي تمنع ذلك وخاطر بنفسه وذهب والتقى ابو عمار في خندقه ، وعاد ليلتقي به في تونس مره اخرى وهكذا استمر حتى اثناء حصار الشهيد ابو عمار في المقاطعه ، لم يتوقف عن دعمه وتضامنه مع قضيتنا.
رحل رجل محب للسلم والسلام ، رجل ضحى في الكثير من اجل الدفاع عن الحق والعدالة ، من اجل ان يرى دوله فلسطين حرة مستقلة بجانب دوله اسرائيل.
رحل الرجل ولكن لم ترحل أفكاره وطروحاته ومبادءه، لم ترحل مؤلفاته وكتبه والمقالات التي كتبها عن هذا النزاع وكيفيه حله في الطرق السلميه، فكان دوما من السباقين حيث انه هو اول من نشر منتوجات المستعمرات او المستوطنات ودعم الى مقاطعتها ، هو الاول الذي يتجراء في لقاء شخصية فلسطينية بحجم الشهيد السرطاوي ، هو اول شخصيه إسرائيلية يلتقي في ابو عمار وهو تحت قصف دبابات شارون في بيروت الغربية .
رحل رجل مناصر لنا والعداله ولحق شعبنا الفلسطيني في موقفه داخل البرلمان الإسرائيلي وفي مؤلفاته العديد حيث عرف الراءي العام العالمي على الاضطهاد الذي يعيشه الشعب الفلسطيني .
في كتابه المشهور : اخي العدو يقول افنيري : كان لي لقاء سري مع الدكتور عصام السرطاوي في فندق في باريس وكان عصام متأخر عن الموعد وبطرفة عين ارى عصام وبيده حقيبته الدبلوماسية يدخل الفندق وبسرعة متوجها نحوي سلم علي بسرعة شديدة وفي نفس الساعة وضع حقيبته الدبلوماسية امامي على الطاوله قائلا : دير بالك على الحقيقة لأني بحاجة ان اذهب الى الحمام .
بعد عدةدقائق عاد الكتور السرطاوي وجلس امامي قائلا هل من المعقول  انك حرصت ودرت بالك على حقيبتي انا الفلسطيني ، بجوز يكون فيها قنبلة ، يقول اوري نظرت الى عيون الدكتور السرطاوي وقلت له وهل من المعقول لقائد مهم في منظمه التحرير الفلسطينيه ان يضع في يد صهيوني حقيبته الدبلوماسية والتي تحتوي على اسرار منظمه التحرير ؟ يقول افنيري بكتابه بعد ذلك عصام وانا دخلنا في ضحكة عميقة وصادقة وطويلة.
رحل اوري افنيري ورحل ايضا عصام السرطاوي حيث وقع شهيدا ، هذا الدكتور الذي درس الطب في بغداد وتخصص في الولايات المتحدة الامريكية والذي قال به برفسور امريكي حسب ما يرويه افنيري : رسالة التخرج التي أعدها الدكتور السرطاوي تحتوي على معلومات ودراسات علمية يستحق من اجلها ان يحصل على جائزة نوبل في الطب.يذكر ان السرطاوي كان متخصص في القلب.
ان طريق التحرير، وخيار السلام هو اصعب وأمر من جميع الخيارات الاخرى وكم من شهيد وشهيد رحلوا من اجل الحرية والاستقلال والسلام العادل : عصام السرطاوي، نعيم خضر، حنا مقبل، ماجد ابو شرار الخ ،
رحلوا ولكن لم ولن ترحل طروحاتهم ومبادئهم وافكارهم لانهم سيبقون مصباحا ينير الطريق امام الاجيال القادمه وهكذا نتاءمل ان المجتمع الإسراءيلي بجميع شراءحه موءسساتها المدنيه في ان تعيد تقييمها للمرحوم اوري افنيري وأطروحاته ولأفكاره السلميه لانه كما يقول المثل العبري الشهير : المسيح قادم ، سيتأخر ولكنه قادم . فالدولة الفلسطينيه قادمه وان تأخرت ولكنها قادمه .
لروحك الرحمه رفيق اوري افنيري.
د. ميلاد جبران البصير.