بعد استنفذ أصحاب ما يسمى ب" الربيع العربي " أغراضهم وأهدافهم في تدمير العديد من دول المنطقة وإشعال الحرائق والحروب فيها حتى لا تبقي حجراً أو بشراً أو شجراً في تلك الدول ، كل ذلك كرمى عيون " إسرائيل " وأمنها وتسودها دولة مقررة في الواقع الإقليمي ، ومن ثم تغيير أولويات الصراع في المنطقة ، بدل أن تكون مع الكيان الذي اغتصب الأرض الفلسطينية ، وشردّ أهلها ، وارتكب ما ارتكب من جرائم وممارسات عنصرية لا إنسانية ، ليتحول مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية .
مع تطورات الأحداث في العديد من دول المنطقة على مدار ما يزيد على السبع سنوات ، من الواضح أن الأطراف التي عملت على تلك الأحداث وتسعير حروبها ، لم تقر بعد بهزيمة مشروعها خصوصاً بعد ما تحقق في الميدان السوري من إنجازات وانتصارات تسجل في خانة الدولة لسورية برئيسها وجيشها وشعبها وحلفائها من روس وفلسطينيين ولبنانيين وإيرانيين .
تلك الدول برأس هرمها الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة الرئيس ترامب وجوقة فريقه ومستشاريه وأجهزته الاستخباراتية ، على ما يظهر أنهم قد بدأوا الانتقال للمرحلة الثانية بعد " الربيع العربي " إلى ما يسمى ب" الربيع الإقليمي " . وها هو ملهم وبطل ما سمي ب " الثورات العربية " ، وعلى وجه الخصوص ما تدعى زيفاً ب" الثورة السورية وعلمها ورايتها علم الانتداب " ، يعود " برنارد هنري ليفي " إلى الأضواء الإعلامية بعد غيابه الطويل ، في تصريحات : " طالب فيها بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) ، لأنها لم تعد الحليف الموثوق ، ومتهماً إياها أنها تعمل على نشر العنف وتشجيعه في سورية من خلال تشجيعها للتطرف والإرهاب " . هذه التصريحات مع ما سبقها من عقوبات أمريكية على تركيا ، يُشتم من خلالها أن " ربيعاً إقليمياً " بدأ يعد له بإحكام ، يمهد إلى تحولات وتطورات إقليمية ودولية في رأس أولوياتها إيران وروسيا الاتحادية .
" برنارد ليفي " الصهيوني بامتياز ، الذي وقف بالأمس متقدماً الصفوف من أجل تصدير ما سمي ب" الثورات الشعبية " محرضاً يجوب الدول من غربها إلى شرقها من أجل تحشيد التأييد لتلك " الثورات " المشبوهة ، وتأمين السلاح والأموال والإرهابيين والمتوحشين وقوداً لها ، هل سيعود من جديد بطلاً لأحداث وتطورات تمتد إلى دول إقليمية مشعلاً الحروب فيها ، وكما في ثورات ما تسمى ب" الربيع العربي" ، كرمى لعيون " إسرائيل " وأمنها وتسودها في المنطقة قائداً ومقرراً في شؤونها .
تركيا التي من المرجح أن تكون مسرحاً ونموذجاً ل" الربيع الإقليمي " الذي بدأ التسويق له " ليفي " ، هي تدفع اليوم ثمن ما اقترفته من سياسات متماهية ومتطابقة دنيئة ، مع ما كان يعمل عليه شريكها " برنارد ليفي " ، بإيحاء من الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما ، لإسقاط سورية الدولة برئيسها وجيشها ومقدراتها . وراهناً يتحرك " هنري ليفي " بإيحاء من إدارة الرئيس ترامب ، نحو العمل والتحريض على " ثورات إقليمية " ، شرارتها تنطلق من الأراضي التركية .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني